«تململ» عن الدفع في بروكسل
اجتمع المانحون الدوليون من أجل مستقبل سورية بدعوة من الاتحاد الأوروبي، وحضور أمريكي وخليجي واسع، طبعاً بوجود الأمم المتحدة. واستغل المانحون الفرصة ليكرروا شروطهم للمساهمة في إعادة الإعمار في سورية، وربطها بتوقيتات سياسية، وبأماكن دون أخرى وفقاً للسيطرة السياسية...
دعا الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى مؤتمر بروكسل الثاني المسمى «دعم مستقبل سورية والمنطقة» الذي عُقد بتاريخ 24-25 من شهر نيسان الحالي. وقد حضره أكثر من 856 وفداً، بينهم 57 دولة، وأكثر من 250 منظمة غير حكومية، منها 15 تعمل في سورية، و72 تعمل في دول الإقليم حيث اللاجئؤن السوريون.
«تململ» عن الدفع في بروكسل
في هذا المؤتمر الذي يسمى أيضاً مؤتمر المانحين، تُقطع الوعود والتعهدات لتمويل عمل المنظمات الدولية في سورية والإقليم. وقد «حصل السوريون» في هذا العام على وعود بمقدار 4.4 مليار دولار، وأقل من وعود العام الماضي بمقدار 1،6 مليار دولار تقريباً عندما بلغت التعهدات 6 مليار دولار لعام 2017.
طلبت الأمم المتحدة تمويلاً يقارب 8 مليارات دولار للتصدي لعمليات الإغاثة داخل سورية بمقدار 3،5 مليار دولار داخل سورية، وحوالي 5،6 مليار دولار لخطة الاستجابة الإقليمية في تركيا ولبنان والأردن بالدرجة الأولى. من بين كل هذه الحاجات قد تم تأمين 1،2 مليار دولار منها، وتم التعهد بإضافة 4،4 مليارات دولار خلال المؤتمر المذكور.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت: أنها أمنت نصف حاجاتها التمويلية فقط في العام الماضي، للتصدي لحاجات إغاثة اللاجئين.
الفارق في هذا العام ليس فقط في تراجع المبالغ الموعودة، ولكن في الجهات الواعدة، وتحديداً الولايات المتحدة التي لم تقطع في هذا العام أيّ وعد، أو التزامات بتمويل إغاثة الأزمة السورية، وهي التي مولت حتى نهاية عام 2017 ما مجموعه 7،5 مليار دولار خلال الأزمة بين عامي 2012-2017، وكذلك تراجعت التعهدات البريطانية من 1،75 مليار دولار في 2016 إلى 930 مليون دولار في 2017 وصولاً إلى 630 مليون دولار في 2018. المفوضية الأوروبية قلصت تمويلها كذلك الأمر من 1،79 مليار دولار العام الماضي إلى 690 مليون دولار. وكذلك خفضت ألمانيا التزاماتها من 1،3 مليار دولار في 2017 إلى 1 مليار دولار في 2018.
تراجع التمويل الخليجي كذلك الأمر، فالكويتي على سبيل المثال، وهو واحد من أكبر مصادر التمويل الخليجية، وأحد المساهمين الأساسيين في مؤتمرات المانحين السنوية، تراجع إلى الثلث خلال عامين من 300 مليون دولار إلى 100 مليون دولار.
بينما الملفت هو المبالغ الإضافية التي خصصتها مفوضية الاتحاد الاوروبي لتركيا بمقدار 3،7 مليار دولار. بالإضافة إلى المجموع الكبير من أموال التمويل بالديون والتي تبلغ 21 مليار دولار، وهي بالدرجة الأولى بنكي التنمية وإعادة الإعمار الأوروبي 9،6 مليار دولار، وبنك الاستثمار الأوروبي 7،5 مليار دولار، والبنك الدولي 2،8 مليار دولار. دون أن يتضح على من تترتب التزامات هذا التمويل الإقراضي، ومقابل ماذا؟
يتضح من مؤتمر بروكسل الحالي أن «الحماس الإغاثي» لهذه الدول قد انخفض، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وسيترتب على هذا المزيد من التراجع في أوضاع اللاجئين وحوالي 13 مليون سوري في الداخل يحتاجون للمساعدات الإنسانية... رغم أن الوعود والمبالغ في الأعوام السابقة لم تنعكس تحسناً في أوضاع هؤلاء واستجابة جدية لحاجاتهم. يرتبط هذا الحماس التمويلي بأفق الربح من إعادة الإعمار الذي يرتقبه الغرب وتحديداً أوروبا، وكلما ضاق هذا الأفق نتيجة للتغيرات السياسية، وللتصعيد، كلما فقد «المانحون» حماسهم. والولايات المتحدة التي تقود التصعيد تعلم أنه ما من أفق لمزيد من الأموال على المساعدات، وتحديداً عبر الأمم المتحدة.