موازنة 2018: الأقوال تَحَسُّن... الأفعال «مخفيّة»
تمتنع الحكومة عن الإعلان عما أنفقته ولم تنفقه من موازنة العام السابق، وهذه المخالفة الدستورية بعدم عرض الحسابات الختامية للسنة المالية منذ عام 2012 وحتى الآن، تقابلها ممارسة شكلية لإقرار الموازنة العامة، طالما أن لا أحد يعلم مصير الأرقام المقرّة في الموازنات! ويعتبر الامتناع عن توضيح مصائر استخدام المال العام بمثابة تهمة المخالفين: فلماذا تخفون عن السوريين مالكي المال العام كيفية إنفاقكم للأموال؟!
قاسيون تناقش الأرقام المعلنة لمشروع موازنة 2018 ونبدأ بوجوه الإنفاق الأساسية المعلنة...
زيادة 12% عن العام الماضي
3187 مليار ليرة هو الرقم المعلن لموازنة 2018 وحوالي 6.3 مليار دولار بسعر صرف 500 ليرة مقابل الدولار المُقر في الموازنة.
للمرة الأولى خلال سنوات الأزمة يرتفع رقم الموازنة مقدّراً بالدولار، حيث كان يتراجع سنوياً، بينما ارتفع في هذا العام بنسبة 12%.
وهي المرة الأولى منذ سبع سنوات التي ترتفع فيها المقدرات الشرائية للموازنة في عام عن العام الذي سبقه.
ولكن بالمقارنة مع 2010 عندما بلغت قيمة الموازنة 15 مليار دولار، فإن موازنة 2018 قد تراجعت بنسبة 58% عن موازنة عام 2010.
بينما بقي توزيع الموازنة بين الاستثماري والجاري بالنسبة ذاتها في العام الماضي، بمعدل تقريبي ثلاثة أرباع للجاري: 2362 مليار ليرة، وربع للاستثماري: 825 مليار ليرة.
الرواتب والأجور والتعويضات
لم تزدد كتلة الرواتب والأجور والتعويضات في موازنة العام الحالي، إلا بمقدار ترفيعات العاملين، وتعويضاتهم ومخصصات لتشكيل حوالي 27 ألف فرصة عمل مخصص لها 9.8 مليار ليرة، أي: بمعدل وسطي قرابة 30 ألف ليرة أجر شهري لفرصة العمل الجديدة.
ويبلغ رقم كتلة الرواتب والأجور والتعويضات ومن ضمنها رواتب ومعاشات المتقاعدين: 467 مليار ليرة، وحوالي 934 مليون دولار.
بينما بلغت الكتلة في العام الماضي 919 مليون دولار، أي: أن الزيادة الفعلية بنسبة 1.6% فقط.
تشكل الأجور نسبة 20% من اعتمادات الموازنة الإجمالية، بينما شكلت في 2017 نسبة 22%.
يذكر بأن أجور العاملين في المؤسسات والشركات ذات الطابع الاقتصادي لا تدخل في كتلة الأجور المذكورة، بينما يخصص 20 مليار ليرة لأجور وراتب هذه الشركات المتوقفة عن العمل.
الصحة والتربية والتعليم
ستبلغ الاعتمادات الإجمالية للصحة والتربية والتعليم حوالي: 567 مليار ليرة ونسبة 17.8% من إجمالي الموازنة. وما يقارب: 1.13 مليار دولار موزعة بالشكل التالي:
الصحة مبلغ 214.8 مليار ليرة- التربية 297.5 مليار ليرة- التعليم العالي: 55.3 مليار ليرة تقريباً.
من ضمن هذه المبالغ حوالي 86 مليار ليرة للأدوية والمستلزمات الطبية والمخبرية وحوالي 172 مليون دولار فقط.
• حصة الفرد السنوية من النفقات الصحية تبلغ: 12 ألف ليرة سنوياً، وألف ليرة شهرياً.
• حصة التلميذ من النفقات التربوية 44 ألف ليرة سورية: 3600 ليرة شهرياً. (5-19 سنة): 6.7 مليون نسمة:
• حصة الطالب الجامعي: 82 ألف ليرة سنوياً: 6800 ليرة شهرياً. 671 ألف طالب جامعي بحسب تقرير وزارة التعليم العالي 2017.
*قدر عدد الأطفال في عمر المدرسة بناء على نسبتهم السابقة من السكان: 37%.
استثمار حقيقي ضئيل...
بلغ الإنفاق الاستثماري ربع اعتمادات الموازنة، ومخصصات هذا الإنفاق تذهب وفق البيان إلى وجوه متعددة، ولكن حصة استثمار المال العام في قطاعات الإنتاج الحقيقي والخدمات المرتبطة بها منخفضة بالقياس إلى رقم الموازنة الكبير.
تبلغ حصة الزراعة والصناعة والإنشاء ومخصصات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية من الإنفاق الاستثماري مبلغاً لا يتجاوز: 89.2 مليار ليرة، وحوالي 178 مليون دولار. وبنسبة 2.8% من الإنفاق الكلي في موازنة 2018. حصة الصناعة التحويلية منها لا تتعدى 16 مليار ليرة!
أما بقية الخدمات المرتبطة بالعمليات الإنتاجية مثل: الماء والكهرباء والنقل فتبلغ مخصصاتها 114 مليار ليرة، وما يقارب 228 مليون دولار، بنسبة 3.6% من الموازنة.
أي: أن مجموع التوسع الاستثماري الذي تنوي الحكومة تخصيصه للإنتاج الحقيقي والخدمات المرتبطة به لا يتعدى نسبة: 6.4% من اعتمادات الموازنة.
وينبغي التنويه، إلى أن قرابة نصف الاعتمادات الاستثمارية توضع كاحتياطية أي: قد لا تنفذ، بمبلغ يقارب: 388 مليار ليرة. كما أن الاعتمادات المخصصة للإعمار وإعادة التأهيل ثابتة ولا تتعدى 50 مليار ليرة وبنسبة: 1.5% من الموازنة.
ربع الموازنة مموّل بالعجز!
رقم العجز المعلن في الموازنة لهذا العام هو الرقم الأعلى خلال سنوات الأزمة بمقدار 809 مليار ليرة، بزيادة 7% عن رقم العجز المعلن في العام الماضي.
نسبة العجز إلى الموازنة تبلغ: 25%، أي: أن الموازنة سيمول ربعها بالعجز، وثلاثة أرباعها من الإيرادات المتوقعة.
بإضافة رقم العجز الحالي إلى مجموع العجوز المتراكمة منذ عام 2011 فإن مبلغ الدين العام الحكومي يبلغ: 4785 مليار ليرة وحوالي: 9.5 مليار دولار، ونسبة 42% من أعلى تقديرات الناتج: 22 مليار دولار في بداية 2017.
يعتبر الدين العام مشكلة وتحديداً عندما يقابله، هذا الحجم المنخفض من الإنفاق الاستثماري في الإنتاج الحقيقي وخدماته. فعندما تمول ربع الموازنة بالنقود المطبوعة، يجب أن تحول هذه النقود المطبوعة إلى إنتاج حقيقي عبر توسيع إنتاج السلع، ولا يمكن أن يتم هذا التحول عندما يكون الاستثمار الحكومي الحقيقي لا يتعدى نسبة 7% من الموازنة ومبلغ لا يتعدى 1.8% من آخر تقديرات الناتج المحلي الإجمالي: 22.2 مليار دولار.
*تقدير الناتج مبني على تقرير البنك الدولي: the toll of war الصادر في حزيران 2017.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 837