الانقلاب السعودي.. و(النظام العالمي الجديد)

الانقلاب السعودي.. و(النظام العالمي الجديد)

يرى بعض الاقتصاديين عبر العالم بأن قوى المال العالمية تسعى نحو إيجاد نظام عالمي مالي جديد، بديل عن الدولار... بعملية منظمة من الأوليغارشية العالمية، ويقرأ هؤلاء المتغيرات العالمية ضمن هذه الرؤية، ومن ضمنها (الانقلاب السعودي) ومصير البترودولار.

 

وبغض النظر عن تبني هذا الطرح أم لا، إلا أن للاطلاع عليه أهمية في الظروف الحالية، قاسيون تنشر بعض ما جاء في مقال السياسي الأمريكي Brandon Smith المنشور بتاريخ 15-11-2017 على موقع activate post

يتحول اختلال الترابط العميق بين بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى نقطة انعطاف هائلة، وكارثة لنظام البترودولار العالمي، إذا ما قطعت هذه العلاقة.

إنهاء الدولار هدف النخبة العالمية

وباعتقادي فإن نهاية الدولار باعتباره عملية التبادل الدولي، وتحديداً عملة تبادل النفط عالمياً، هو هدف تضعه أمامها: (النخبة العالمية) فلماذا؟ يأتي هذا في إطار ما يسميه البعض: (هيكلة الاقتصاد العالمي)، أو (النظام العالمي الجديد). بنظام اقتصادي ومالي جديد يصبح أكثر قبولاً اجتماعياً، ولكنه أعلى مركزية. وهو ما يعني إيجاد عملة دولية جديدة، وسلطة عالمية جديدة، تتجاوز منظومة الدولار العالمي.

ولكن النخب العالمية تعلم بأن هذه العملية ليست بسيطة، كما أن منظومة البنوك العالمية لا تريد أن تتحمل اللوم عن التغيرات الحادة والآلام التي قد ترافق هكذا عملية. ولذلك فإن سيناريو عالمي يجب أن يترافق مع هذه العملية لولادة (النظام العالمي الجديد). سيناريو يولد من رحم الاضطراب السياسي، والأزمات الجيوسياسية العالمية، التي ستجعل (النظام العالمي الجديد) حاجة موضوعية، حيث إن إجماعاً عالمياً سيتشكل للبحث عن حلول للكوارث العالمية.

وتعتمد هذه العملية إلى حد بعيد على (بروباغندا) قائمة على أن دولاً بعينها تستخدم سلطتها، لتخلق ظروف الاضطراب العالمي، والحل الأساسي بإنهاء سيادة الدول، واستبدالها بسلطة (القلة الحكيمة من النخبة العالمية).

إنهاء البترودلار مفصل أساسي

إن إعادة ترتيب النظام العالمي قد تبدأ بكسر علاقة هيمنة البترودولار، العملية التي أرى أنها تتم بالتعاون بين الولايات المتحدة، والسعودية. فالمملكة وثروتها النفطية كانت دائماً مفتاح بقاء هيمنة الدولار على التبادل النفطي العالمي. فأوائل اتفاقيات استخراج وتصدير النفط السعودي كان عبر (الكارتيلات) العالمية النفطية، والتي انتهت جميعها إلى هيمنة كارتيل واحد على النفط السعودي عبر شركة عائلة روكفلر: Standard Oil Company. ومختلف قطاعات الأعمال السعودية، أصبحت مرتبطة بهذه النخبة ارتباطاً عميقاً (محفوراً بالصخر).

وكما كان نفط السعودية مفصلاً في تثبيت نظام الدولار العالمي وربطه بالنفط، فإن هذه العملية ممكنة اليوم، ولكنها تتطلب غطاء من الاضطراب السياسي الواسع.

نخب عالمية (خلف بن سلمان)

يأتي الانقلاب السعودي في الفترة الحالية في هذا السياق، حيث الانقلاب كان يتدرج خلال السنوات القليلة الماضية، ويغير من توازنات القوى في المملكة. وكان يسير باتجاه مركزة المزيد من القوة لدى ولي العهد محمد بن سلمان. وقد انتقل الانقلاب إلى مرحلته الحادة اليوم، فالحكم السعودي الذي كان يعتمد في توازنه على توزيع القوى، أصبح اليوم ممركزاً لجميع السلطات الأساسية لدى ولي العهد، وتحديداً المواقع الأساسية: في وزارة الدفاع، والداخلية، ورئاسة الحرس الوطني. بالإضافة إلى السياسة الخارجية، والقرارات الاقتصادية والنفطية، والتغيرات الاجتماعية.

ولكن السؤال الفعلي: من وراء محمد بن سلمان؟

التحليلات السياسية الشائعة، ترى أن التغيرات السعودية هي تعبير عن محاولة الأمير السعي نحو مزيد من استقلالية السياسة السعودية، والنفط السعودي. ولكن هذا غير صحيح، من عدة مؤشرات.

فمشروع بن سلمان: (رؤية 2030) يقوم على فكرة تقليص اعتماد المملكة على عائدات النفط، وزيادة استقرارها الاقتصادي. ولكن باعتقادي فإن الهدف الأساسي من المشروع هو إنهاء الاعتماد على الدولار، لا على النفط. ما قد يعني ضربة هامة للدولار كعملة عالمية. ويأتي أيضاً في هذا السياق الانفتاح السعودي على الصين وروسيا، والحديث عن اتفاقيات لاستبدال استخدام الدولار في تجارة النفط المتبادلة.

وقد يعتقد البعض بأن هذا النوع من الاستراتيجية سيكون شديد الخطر على الغرب، وعلى المصالح الأمريكية، وأن منظومة الشركات العالمية ستفعل ما بوسعها لإيقاف هذا! بالحقيقة لا أعتقد ذلك، في الواقع فإن النخب العالمية تقف خلف بن سلمان، ورؤيته لعام 2030 وممارسته التي تهدد الدولار.

إن تجمعات مالية كبرى مثل: كارليل غروب (عائلة بوش)، وغولدمان ساكس، وبلاكستون وبلاكروك. تقف داعمة وبقوة لرؤية 2030، وتستثمر وتدعم بفعالية صندوق الاستثمار العام السعودي PIF، الذي يعتبر بن سلمان رئيس مجلسه.

آلاف المليارات من رؤوس الأموال استثمرت في PIF، ومعظمها من خزائن النخب العالمية. فمنظومة البنوك والشركات العالمية تدعم عملية الانزياح عن الدولار، ورؤية السعودية هي مثال على ذلك.

معارك جيوسياسية تغلف التدهور الداخلي

وبالعودة إلى الانقلاب السعودي، فإن مثل هذه التغيرات الكبرى في آليات الحكم، تزيد بقوة من احتمالات الحرب والاضطراب. فالحرب تلعب دوراً في تغيير الارتباط العميق بين الشعوب والمنظومة المستفيدة والحاكمة خلال عقود.

فمحمد بن سلمان، ارتبط بإيقاد الحرب على اليمن، والتصعيد مع قطر، ويمكن القول إن هذا كان مجرد محاكاة للحركة، بينما الحركة الفعلية قد تظهر في لبنان وإيران وسورية.

ولا يمكن إهمال جانبين هامين الأول: هو الانفتاح السعودية المتسارع على (إسرائيل)، وتجميد أكثر من 800 مليار دولار من أصول القوى الاقتصادية والسياسية السعودية في الانقلاب الأخير. وهي أكثر من كافية لتمويل حرب ضد إيران. وينبغي ألّا يهمل الارتباط بين كل ما سبق، والتصعيد الأمريكي عبر ترامب، ضد إيران.

أستبعد أن تنخرط الولايات المتحدة مباشرة في الحرب، ولكن الولايات المتحدة (التي يعتبرها الكاتب الأضحية الأكبر المقدمة في سبيل النظام العالمي الجديد)، ستعاني من التفكك المتسارع لهيكلها الاقتصادي المتداعي أصلاً، فتراجع الاحتياطي العالمي من الدولار، وتراجع البترودلار سيضرب الداخل الأمريكي بعمق، وسيكون الجنون في المملكة العربية السعودية، وطبول الحرب في كوريا عامل إلهاء مثالي للاضطراب الداخلي.

الحرب الاقتصادية العالمية هي المسمى الحقيقي لما يحصل، أزمة جيوسياسية عالمية ستخلق وتتعاظم، لتساعد في توليد نظام جديد للنخب العالمية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
837
آخر تعديل على الأحد, 19 تشرين2/نوفمبر 2017 01:03