أيهما أحرى بالحماية: المستهلك المواطن أم المستهلك الأجنبي؟؟!.
يعتبر التصدير خياراً استراتيجياً للنمو والتنمية في كافة دول العالم ، وعندما يكون الميزان التجاري رابحاً فإن ذلك سينعكس بمعدل مضاعف على الناتج المحلي ، وعلى رفع مستوى معيشة المواطنين في الدولة ، وهناك بعض الدول مثل : كوريا الجنوبية وتايوان تمكنت من خلال نشاط التصدير تحقيق نمو سريع في العمالة حتى وصلت إلى حد التشغيل الكامل ، وأصبحت هذه الدول لا تواجه في الواقع مشاكل في البطالة وهذه الميزة تعتبر الأهم بالنسبة لعمليات التصدير .
إن أهمية التصدير تنبع من أنهه لو تمت بشكل صحيح وفعال فيمكنها أن تحقق النمو المطلوب للاقتصاد الوطني وكسب المزيد من العملة الصعبة وزيادة حجم العمالة الماهرة وتخفيض حجم البطالة والاستفادة من المستويات الأعلى للتكنولوجيا.
ولكن هناك ثلاثة شروط أساسية لا بد من أخذها بعين الاعتبار لتحقيق هذه الميزة، يتمثل أولها بالقدرة التنافسية للدولة المصدرة بحيث تكون ذات جودة وأسعار منافسة، وهذا يعتمد على قدرة الدولة من تحفيز عملية الإنتاج وخفض التكاليف وخفض الضرائب الجمركية على مدخلات الإنتاج وخصوصاً المواد الخام المستوردة والداخلة في إنتاج السلع المصدرة، والشرط الثاني أن تكون الصادرات من السلع الصناعية وليست مواداً خام، ذلك أن تصنيع المواد الخام قبل تصديرها ينتج قيماً مضافة تشكل أضعاف قيمتها لو صدرت غير مصنعة، ويعتبر الاكتفاء ثالث هذه الشروط بل وأهمها بمعنى أن تكون الدولة المصدرة لسلعة أو مجموعة من السلع مكتفية وقادرة على تأمين السوق الداخلية منها وما تبقى يذهب للتصدير،
ولكن في سورية العديد من المشكلات التي تخص قضية التصدير يأتي على رأسها أن حجم السلع المصدرة كمواد خام كبير بالنسبة للسلع المصنعة ( بترول- قطن – فوسفات-البحص الأسود....وغيرها)، أضف إليها ضعف القدرة التنافسية للسلع السورية المصنعة بسبب ارتفاع تكاليفها من جهة وبسبب غش بعض التجار الذين تسببوا بإيذاء سمعة السلع السورية كـ ( التصدير لدول المعسكر الاشتراكي سابقا )، ورغم أن الحكومة السابقة والحالية شددتا ودعمتا عمليات التصدير إلا أن فتح أسواق جديدة ومنح التسهيلات الضرورية لها ما زال ضيقا، خصوصا إذا علمنا أن الميزان التجاري السوري تحول من رابح حتى عام 2003 بـ 32 مليار ليرة في ذلك العام، إلى خاسر حتى الآن، وكانت خسارته نحو 243 مليار ليرة عجز في عام 2010 ، وأصبحت سورية تستورد أكثر مما تنتج ويتحمل القطاع الخاص 80% من المسؤولية في هذه الخسارة، والمنغصة الثالثة وبسبب ضغط الحاجة إلى العملة الصعبة وجذبها بأي شكل من الأشكال وبسبب ضعف القدرة التنافسية للسلعة السورية تسعر السلع المصدرة بأقل من أسعارها في السوق الداخلية وأحياناً تتضاعف أسعارها في السوق الداخلية عدة مرات عن أسعارها في حال تصديرها، أليس غريبا جدا أن أسعار الخضر والفواكه تشتعل في الأسواق المحلية ولكن للتصدير يا بلاش ؟!.
فقد أكدت مصادر معنية في الأسواق من تجار ومستهلكين على حد قول أحد المواقع الإلكترونية أن الأسعار التصديرية للخضر والفواكه التي تباع في السوق المحلية أرخص بنسب كبيرة عن أسعارها في السوق الخارجية ، وذلك بناء على اللائحة الصادرة عن الأسعار التصديرية في وزارة الاقتصاد ومقارنتها بالأسعار في الأسواق المحلية .
وقد حددت لجنة التصدير المشكلة بناء على قرار وزارة الاقتصاد رقم 402 أسعار السلع الغذائية المقرر تصديرها والتي شملت 36 نوعا وصنفا من الخضر والفواكه سعر الكغ الواحد من البطاطا والبراصيا والخس والجزر والبرتقال والليمون والملفوف والزهرة والسلق 25 ليرة علما ان أسعارها في الأسواق المحلية أضعاف الأسعار المحددة للتصدير وأسعار البندورة والخيار والقثاء والخوخ والفريز والمشمش بأنواعه والجانرك والباذنجان والملوخية (ورق) والأرضي شوكي والرمان والتين فقد حددتها اللجنة بـ 40 ليرة للكغ الواحد والحشائش والبصل الأحمر اليابس بـ20 ليرة وكذلك الحال بالنسبة إلى السفرجل والعنب التي حددت النشرة أسعارهما بـ20 ليرة للكغ الواحد فقط والفول الأخضر والبازلاء 45 ليرة والبصل الأبيض والفجل الكبير والكريفون والقرع الشتوي واللفت والحصرم والبطيخ الأخضر والشوندر والملوخية بعيدانها والبطيخ الأصفر بين 10 و15 ليرة
وقد اعتبرت وزارة الاقتصاد والتجارة أن هذه الأسعار تأشيرية للاستئناس بها من مديرية الجمارك العامة، في معرض تطبيقها للمادة 37 من قانون الجمارك ،وإعلام مديرية الأسعار في أول نشرة تصدر للصادرات في حال عدم ورود السعر بالنشرة منعا للتلاعب بأسعار التصدير، على أن يراعي المصدرون إدراج الأنواع المصدرة من الخضر والفواكه في فواتير التصدير لكل نوع على حدة .
ومن الجدير ذكره أن هذه الأسعار تعد ضرباً من الخيال بمقارنتها مع أسعار السلع المحلية.
وهنا لابد من طرح السؤال المهم التالي كما طرحه الموقع وهو : أيهما يستحق الحماية .. المستهلك الأجنبي أم المواطن؟. وما هو السبب الذي من أجله تباع السلع المحلية للمواطن بسعر أغلى من المستهلك الأجنبي ؟.ثم كيف استطاع تجارنا (الشطار) من تحقيق هذه المعادلة بأن المواد المستوردة وبسبب ارتفاع الدولار طارت وحلقت فوق السحاب وبقيت محلقة رغم هبوط الدولار وأسعارها تتفوق على الأسعار العالمية كما بدا لنا آنفا، في حين أن أسعار السلع التي نصدرها أقل بعدة أضعاف أسعارها في السوق الداخلية وتباع للمستورد الأجنبي بـ (تراب المصاري ) كما يقال بالعامية ؟.أليس هذا هو الفساد بل قل قمته وهو الذي يعتمد في شطارته على النهب من جهة والاحتكار من جهة أخرى وأخيرا نتساءل ألم يحن الوقت لتوجيه تلك الضربة القاضية عليه أم نبقيه ليوجه الضربة القاضية على شعبنا في حياته ومعيشته وكرامته مع الكثير من إشارات الاستفهام والتعجب؟؟؟!!!.