مصر أم الدنيا معروضة للبيع..«عيشني النهاردة وموتني بكرة!»
يبدو أن مصر، بعد القرارات الأخيرة التي تعلن عن بيع «الأصول القومية» المملوكة دستورياً للشعب المصري، ستشهد تحولا اقتصادياً خطيراً يجعل من «أمنا المصرية» جارية تباع وتشترى في سوق رجال الأعمال. وذلك بفضل سياسات الحكومة المصرية ومن اجل سداد ديون الحكومة المحلية التي وصلت إلى 250 ألف مليون جنيه (40 مليار دولار تقريبا)..
كما استولت الحكومة على أموال صندوق التأمينات (وهي ليست ملكاً لها) وعلى احتياطي مجمد في البنك المركزي كانت مصر ستسدده كأقساط ديون خارجية أعفاها منه نادي باريس للدائنين بعد أن اشترط عليها صندوق النقد الدولي في إحدى وصفاته الكثيرة المتعلقة باقتصادها وعدم التصرف في هذا المبلغ إلا في إطار الهدف نفسه(سداد الديون).. والأسوأ من ذلك أن ترهن الحكومة المصرية مياه النيل كضمان للحصول على قروض من البنوك ومن هيئة التأمينات!
وتماماً كما يبيع المفلس «هدومه» تبيع الحكومة «هدوم الشعب» وقد أوصلت سياسات النظام والحكومة المصرية المصريين إلى وضع غدا فيه بلا هدوم أصلاً: 30 مليار دولار ديون خارجية،40 مليار دولار ديون داخلية، صادرات لا تزيد عن 2.5 ملياردولار وواردات تزيد عن 15مليار دولار، دخل المواطن المصري البسيط يقل عن120جنيهاً شهرياً، ستة ملايين عاطل عن العمل. بالأرقام الرسمية، متوسط دخل الفرد300 دولار سنوياً...الخ، هذا ما سينذر بكارثة اجتماعية وسياسية بعد سلسلة الكوارث الاقتصادية. فصندوق النقد بات الموجه للسياسة فضلا عن الاقتصاد ومؤسسات الدولة قيد الإفلاس والانهيار ومن ثم البيع.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد خيبت أمل الحكومة بعد أن خصصت لها مبلغ 300 مليون دولار فقط تعويضاً لها عن خسائرها الناتجة عن الغزو الأمريكي للعراق في حين أن ديون مصر على العراق تزيد عن 2 مليار دولار. وكذلك فعلت الدول المانحة عندما أحجمت عن تقديم القروض لمصر بعد أن تعهدت في مؤتمر شرم الشيخ بمنحها قرضاً بقيمة 2 مليار دولار.
من الواضح أن الحكومة المصرية تتبنى سياسة «عيشني النهاردة وموتني بكرة» مع أن «بكرة» بات على الأبواب. ففي الأشهر القليلة الماضية سقطت طائرة مملوكة للقطاع الخاص في مياه البحر الأحمر ومن قبل تحطمت أخرى مملوكة لـ«مصر للطيران» عند الحدود التونسية-الليبية، كذلك تحطمت طائرة تقل ركاباً فرنسيين منذ أسابيع قليلة، كما ارتفعت أسعار مواد الطعام إلى أرقام فلكية، وغابت المساءلة والمحاسبة عن بند جدول أعمال الحكومة التي تجرأت على أملاك الدولة وعلى التأمينات والمعاشات دون أن تتذكر أن مؤسسة التأمينات تصرف معاشات تقاعدية لعشرة ملايين مصري وتضمن حقوق 15 مليون عامل يعملون في دوائر الدولة والقطاع العام والخاص.
الأدهى من ذلك أن المسؤولين يزعمون أن هذه الأموال أموال حكومية مثلها مثل أموال بنك الاستثمار القومي! وكأن أموال البنك نفسه ملك للحكومة أيضا! وكأن تلك الأموال ليست ودائع لشركات القطاع العام!، وكأن مسؤولية الحكومة هي تصفية القطاع العام وليس إدارته!