العلف والسماد استيراداً ... والقطاع الزراعي تحت مطرقة الفساد
الآن تؤكد الحكومة على أهمية الغذاء وأهمية الاستثمار الزراعي، وأهمية القطاع الزراعي كقاطرة للنمو مع القطاع الصناعي وليست السياحة.
وخلال السنوات الماضية لم نعدم الحديث عن أهمية الانجازات العملية التي تتحقق في مجال الزراعة عن أهمية الري بالتنقيط ودعم الابحاث الزراعية ووجود مخابر مركزية متطورة تغطي جميع الاختبارات اللازمة للبحث العلمي لمعرفة الاستخدام الأمثل للمواد الأولية المتوافرة.
الجانب الآخر
نصاب بالعجب عندما ننظر إلى المواقع بعيداً عن التصريحات والمؤتمرات لنرى بأن مؤسسة هي الأساس في الأمن الغذائي وهي المؤسسة العامة للمباقر تمتلك 45983 دونماً موزعة في ثلاث مناطق في سورية وكان مطلب المؤسسة اليتيم رصد الاعتمادات من أجل الانتقال إلى الري الحديث ومن أجل توفير الاعلاف ليس لحاجتها فقط وإنما لكي تنتقل من الخسارة إلى الربح، ولم يتحقق هذا المطلب إلى أن يتم تأجير أراضي المؤسسة إلى كبار الملاك.
أين المبادرات
بقيت مطالب المؤسسة عسيرة على التحقيق. ونسأل لماذا لم تبادر وزارة الزراعة إلى تطوير مؤسسة تابعة لها. وإن تقدمها كنموذج في مجال الانتاج الحيواني لا لكي تساير معدلات النمو السكاني وتغطية احتياجاته من المنتجات الحيوانية بل لكي لا تكون خاسرة نقول ذلك لأنه وعبر سنوات والثروة الغنمية تتعرض إلى كارثة حقيقية نتيجة مواسم الجفاف لعدم توفر الأعلاف وحتى في هذا العام مازال الفلاحون ينتظرون وصول كميات من الأسمدة الآزوتية في كل المحافظات ليتم نثرها في الربيع الذي يبدأ منتصف شباط وذلك بعد أن عزّ تواجدها في المستودعات وارتفاع أسعار الأسمدة في السوق السوداء.
القديم الجديد
عام 2007 وبحضور وزير الزراعة وهو الآن رئيس الوزراء طرح رؤساء الاتحادات الفلاحية في المحافظات قضية الأعلاف والسماد أمام الوزير في مجلس اتحاد الفلاحين ورد السيد وزير قائلاً: إن طاقة وإمكانية المؤسسة العامة للأعلاف محدودة ورأسمالها 500 مليون فقط وأن الوزارة تبذل جهوداً لسد العجز في الأعلاف من خلال تأمينها من مصادر مختلفة إضافة إلى الجهود مع دول العالم التي يوجد فيها سفير ولكن جهودنا دون جدوى.
على التوكل
أليس من العار أن نستورد العلف من الخارج و%60 من الأراضي السورية بور، قال رئيس رابطة فلاحية: أن مؤسسة الأعلاف تتدخل حين الطوارئ وهي مسؤولة عن المقنن وهو إنتاج سوري وليست مسؤولة عن تأمين العلف بشكل عام. والمربي يبقى تحت رحمة التاجر والسمسار ومن المؤسف أن وزارة الزراعة في موقف المتفرج على ما يعانيه المربي وعلى الثروة التي تهدر وسألنا رئيس الرابطة عن حديث وزير الزراعة الذي يقول إن رأسمال مؤسسة الأعلاف 500 مليون فقط فقال: لقد أخطأ الوزير، إن رأسمال المؤسسة 3 مليار ل.س و إمكانياتها ليست محدودة..
الوزارة الغائبة
وهكذا إذا كانت الوزارة لم تطور أهم مؤسسة تابعة لها، كيف يمكن أن تعمل على تطوير القطاع الزراعي، هي تعمل فعلاً ولكن.. في عدم وجود سياسة واضحة بعيدة المدى لإنتاج الأعلاف تهدف لتحقيق التوازن بين الإنتاجين النباتي والحيواني وتسمح بإدخال تربية الحيوان في النظام الزراعي وفي ظل عدم تنفيذ برامج تنمية وحماية للمراعي الطبيعية وخصوصاً البادية السورية مع عدم الاستفادة المثلى من مخلفات المحاصيل الزراعية ومخلفات المسالخ وغيرها.
ومشكلة العلف والسماد ليست الأولى هذا العام بل هي مشكلة عمرها سنوات.
السؤال الأبرز:
ما أسباب ظهور العجز بين الإنتاج والاستهلاك؟ وهل أصبحت الموارد الطبيعية الزراعية والمائية عاجزة عن تلبية الأعداد المتنامية للأغنام والأبقار والدواجن وهي الآن تتناقض أم أن ما حدث وما يحدث كان نتيجة طبيعية وموضوعية للسياسات التخطيطية وعدم إيلاء هذا القطاع الأساسي والرئيسي أهميته اللازمة؟
إن دراسة أولية لموارد سورية الطبيعية الزراعية وعلى رأسها المياه. تبين أنه مازالت هناك طاقات كامنة كبيرة غير مستثمرة يمكن في حالة استغلالها بالشكل اللازم والمبرمج وحمايتها من الهدر والضياع أن تؤمن لسورية جميع احتياجاتها من السلع الزراعية ومن اللحوم دون اختناقات وتوفر أمناً غذائياً على مستوى السلع الاستراتيجية جميعها. وأن التوجه الرئيسي لتحسين كفاءة استثمار الموارد المائية يتحدد بالتفكير الجاد باستراتيجيات جديدة في استثمارها. وذلك باستقلال الواردات المائية وإقامة مشاريع للري الشتوي والتكميلي وفق دورات زراعية ثنائية قمح + أعلاف بحيث تشكل المناطق المختارة حزاماً للأمن الغذائي.
ولكن لماذا؟
هذا لم يتم مع الحكومة التي كانت تؤمن بأن السياحة قاطرة النمو وليست الزراعة أو الصناعة لذلك لم تكن هناك سياسات صحيحة في مجال التخطيط الزراعي.. ومن هنا نفهم عدم استجابة وزارة الزراعة لمطالب مؤسسة الأبقار أو الأعلاف أو غيرها من المؤسسات الهامة.
ومع هذا القصور العام أو الفهم العام، دخلت فئات عديدة إلى السمسرة.. ليس في العقار فقط وإنما في الغذاء وفي الدواء وفي جميع المجالات نشط وينشط السماسرة في الجمعيات الفلاحية وفي مراكز بيع الأعلاف وتباع المقننات بأضعاف أضعاف أسعارها الحقيقية وتقدم الأرقام عن عدد القطيع مضاعفة مرات عديدة للحصول على العلف وفي عام 2006 قام أحد المتنفذين الفاسدين بجمع أكثر من خمسة آلاف هوية شخصية ودفع لكل اسم ألف ل.س واستجر العلف لخمسة آلاف مرب ووضعها في مستودعاته لتباع بعد أشهر في السوق السوداء بمبالغ كبيرة. مسؤولون كبار مع شركاتهم يسرحون بأغنامهم في المحميات التي صرفت عليها الدولة المليارات يسرحون بقوة القانون وحمايته دون مساءلة من أحد. المحصلة الآن:
• قصور وزارة الزراعة.
• فساد وسمسرة.
وتصب الأموال في جيوب الفساد من قوت الذين يكدحون في حر الصيف وبرد الشتاء في أصعب المهن.