مؤسسة الاستهلاكية تضع السوريين تحت رحمة التجار مجدداً!

ما يزال لغز الأسعار العصي عن الضبط الحكومي، الهاجس والهمّ الأول الذي يشغل بال السوريين في هذه الأيام، خصوصاً بعد الارتفاع الذي يطال معظم أسعار السلع بالأسواق المحلية خلال الشهور الستة السابقة، والذي وصلت نسبته إلى ما يقارب %100، وهذا ما ساهم في تدهور القدرة الشرائية للسوريين، والمتراجعة أساساً، وما دفعنا للحديث عن الأسعار لم يكن رصد الارتفاعات الجنونية الحاصلة بالأسواق لأغلب السلع، وإنما أتى بهدف تسليط الضوء على الخلل الذي تمارسه مؤسسات الدولة المعنية بضبط الأسواق وتوفير السلع الأساسية بالأسواق، والذي يتمثل بوضع التاجر حلقة ربح إضافية بينها وبين المستهلك السوري، لتزيد بذلك من السعر النهائي للسلعة على حساب السوريين..

فبعد أن خرجت مؤسسة الخزن والتسويق جزئياً من عباءة المحتكرين والتجار، بشرائها العديد من المواد الزراعية من الفلاحين مباشرة ودون حلقة وسيطة، أبقت المؤسسة العامة الاستهلاكية على رقبتها تحت سيف التجار، وهذا ما أكده، نشر المواقع والجرائد السورية لخبر مفاده «استعداد تجار حلب لبيع ألف طن من مادة السكر الأبيض للمؤسسة العامة الاستهلاكية بسعر /73/ ليرة سورية لكل كيلو غرام، و500 طن من الرز ذي النوعية الجيدة بسعر 75 لكل كيلو غرام، والذي أتى خلال الاجتماع الذي عقد في القصر البلدي بحلب، وضم كبار تجار الجملة»، وعملية الاستجرار تلك من خلال التجار لم تكن الوحيدة، بل إن المؤسسة الاستهلاكية تعتمدها نهجاً لتأمين اغلب موادها المستوردة والمنتجة محلياً من خلال التجار، وذلك من خلال شراء المؤسسة لحاجتها من مادة السكر أو الرز المستورد عبر عدد من التجار الذين يقومون باستيراد تلك المواد من الخارج، ليصبحوا بذلك حلقة إضافية يدفع المواطن السوري ثمنها بمحصلة الأمر، ولكن السؤال الأساس الذي لا بد من طرحه: ما هو مبرر لجوء مؤسسة كالاستهلاكية إلى التجار لشراء حاجتها من المواد والسلع الأساسية؟! ولماذا لا تقوم هي باستيراد حاجتها من تلك السلع؟! وذلك بشكل مباشر أو عبر وزارة الاقتصاد التي تتبع إليها مؤسسة الاستهلاكية، علماً أن أسعار المواد ستكون ارخص بالتأكيد، وهذا من الناحية المنطقية، لتقليص حلقات الربح في هذه الحالة! كما أنه من حقنا وضع العديد من علامات الاستفهام حول الجدوى الاقتصادية من وراء إضافة حلقات في طريق الحصول على السلع والمواد لا مبرر لوجودها، وهل هذا مؤشر عن وجود شبكات من المستفيدين والمنتفعين بين التجار ورأس هرم تلك المؤسسات؟! وهم الذين يقفون وراء الإبقاء على تلك الحلقات!..