إن غداً لناظره قريب

كان العالم بأجمعه ينتظر سقوط الدولار صريعاً بأزمته المالية المستعصية التي لا مخرج اقتصادياً منها. وقد أكد هذا الاستنتاج جميع الاختصاصيين من الغرب والشرق ومن اليسار واليمين، وتوقعوا سيناريوهات عديدة للخروج من هذه الأزمة التي تتلخص بكم دولاري هائل يدور في العالم ويفوق عشرات الأضعاف حاجة السوق الفعلية له مستنداً إلى القوة السياسية ـ العسكرية الأمريكية والتي حافظت عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم كقوة أولى في العالم. وبما أن هذه القوة أصبح أساسها الاقتصادي مهتزاً، فقد أصبح الخيار: إما التخلي عنها، أو إيجاد وسائل غير اقتصادية للحفاظ عليها.

وقديماً قال ماركس: إن الرأسمال عندما يصل ربحه إلى 300% لا يتوانى عن اقتراف أي جريمة، وهو في نهاية القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين قد تجاوز هذه النسب بكثير. لذلك فإن حجم الجرائم القادر على اقترافها تفوق خيال الناس.
وفعلاً استخدم الرأسمال الأمريكي أول حجة لإعلان حرب عالمية ثالثة عملياً. ويبقى السؤال قائماً: ولكن ضد من، وأين، وإلى متى؟!.. والأرجح أن المرحلة الأولى من هذه الحرب التي أُعلنت ضد عدو وهمي تم تصنيعه على مدار السنوات العشر الماضية، ستكون حرباً افتراضية تؤسس لحروب حقيقية لاحقة. وإلا كيف يمكن فهم اجتياح أفغانستان القادم التي حطمتها الحروب ولا يوجد فيها شيء يستحق القصف حسب تعبير مسؤوليها!!..
إن الإمبريالية الأمريكية تسعى للخروج من أزمتها الاقتصادية الخانقة بحرب كبيرة، كما فعلت الإمبريالية في القرن العشرين مرتين. وهي عبر هذه الحرب تسعى لفرض نفوذها الأوحد والهروب من أزمتها عبر تطبيق أفكار وآليات مختلفة مثل:
ـ السيطرة النهائية على نفط الخليج وبحر قزوين.
ـ نقل نظرية صراع الحضارات إلى المجال التطبيقي.
ـ نقل النظرية المالتوسية الجديدة إلى التطبيق العملي، وخاصة في المساحات التي تحتوي أعداداً كبيرة من السكان (باكستان، الهند، أسيا الوسطى، روسيا، الشرق الأوسط).
ـ تطبيق نظرية (قوس الأزمات) لصاحبها بزيجنسكي. أي تفتيت الدول الوطنية، وإعادة ترتيب كل المنطقة في الشرق الأدنى والأوسط.
كل هذا كان أهدافاً وأفكاراً معلنة منذ السبعينات، وهاهي تقترب من محاولة التطبيق التي أوجدت لها حجة، وهي الإرهاب الأصولي. ولكن تجربة القرن العشرين علمتنا أن كل حرب كبيرة كانت تقوم بها الإمبريالية لحل أزماتها كانت تنتهي بإخفاق مدوٍ لها. وباختراق كبير كان يقوم به القطب الآخر. تذكروا ثورة أكتوبر بعد الحرب العالمية الأولى، وتذكروا نشوء المنظومة الاشتراكية بعد الحرب العالمية الثانية..

وإن غداً لناظره قريب!!