د. نبيل مرزوق: المؤشرات المحققة بعيدة تماماً عن أهداف الخطة
يقول د. نبيل مروزق حول تحديات الخطة الخمسية الجديدة: «نحن على أبواب نهاية الخطة الخمسية العاشرة، والأنظار تتجه نحو الخطة الخمسية الحادية عشرة، وقد أشارت بعض المصادر إلى أن هذه الخطة الخمسية العتيدة تطمح لتحقيق معدل نمو يصل إلى 8%، ومعدل بطالة 4%، والسؤال: هل حققت الخطة السابقة ما أعلنته وهو تخفيض البطالة والفقر، وزيادة النمو؟ وما انعكاسات ذلك على المواطن السوري؟!!
المؤشرات الإجمالية التي حققتها الخطة الخمسية العاشرة هي بعيدة تماماً عن تحقيق الأهداف الموضوعة، فهناك نوع من النمو حصل لكنه ارتبط بقطاعات معينة خاصة المصارف والعقارات، وهذا أعطى انطباعاً بمعدلات نمو عالية، لكن في الواقع القطاعات الإنتاجية لم تنمُ، فلم تتحقق معدلات النمو المطلوبة في مجال الزراعة والصناعة أو حتى البناء والتشييد، لذلك لا يمكن أن نقول إننا حققنا أهدافنا في النمو، ومن الممكن أن يكون الرقم الذي تعطيه الحكومة عن النمو صحيحاً لكنه حدث في القطاع المالي والمصرفي بالإضافة إلى قطاع العقارات والأراضي.
ماذا تحقق بالنسبة للبطالة والفقر؟!
البطالة تتزايد، وإن كانت الأرقام الحكومية لا تعكس التزايد بشكل واضح، ولكن نسبياً هناك تزايد في معدل البطالة خلال الأعوام السابقة والعام الحالي، ونلاحظ مثلاً تراجع مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي، وهذا التراجع كبير، وتفسيره عدم وجود فرص عمل كافية في الاقتصاد الوطني، كما أن هناك نسبة من الشباب تتناقص نظرياً معدلات بطالتها، ولكن بواقع الحال هذه الفئات غير نشيطة اقتصادياً، ولم تتوجه للتعليم، وهي خارج سوق العمل. بالإضافة إلى أن هناك مجموعة كبيرة من الشباب محبطون لعدم توفر فرص العمل بالنسبة لهم، فأعداد العاطلين عن العمل أكبر من الأرقام المعلنة، ويمكن القول إن أهداف الخطة الخمسية العاشرة المرتبطة بزيادة الدخل أو تقليص الفقر أو تقليص البطالة لم تتحقق فعلياً، فالفقر ازداد، والبطالة ازدادت، والدخل ازداد على المستوى الكلي، لكن كان هناك سوء في توزيع الثروة، والخطة لم تحقق ما كان يطمح له السوريون من عدالة في التوزيع وهناك تراجع في المستوى المعاشي لفئات واسعة».
- أين يكمن الخلل في الخطة الخمسية العاشرة؟ أهو في التنفيذ أم في تكوين السياسات العامة؟!
الخطة مجموعة من السياسات، ولو تم الأخذ بهذه السياسات لكان من الممكن تحقيق بعض أهداف الخطة، لأن هناك ترابطاً ما بين الأهداف والسياسات، لكن ما حصل واقعياً هو أن السياسات كانت في جانب وتحقيق الأهداف في جانب آخر، فلم يكن هناك ترابط جدي وفعلي بين السياسات المتبعة وتحقيق الأهداف، وبدا هناك سوء في توزيع الدخل والثروة، وبرز في التطبيق إلغاء الدعم بالإضافة إلى بروز عدد من الإجراءات الحكومية التي لا تساعد على ذلك، وإنما تحفز بشكل أكبر على سوء توزيع الثروة والدخل.
وتراجعت الزراعة بسبب العوامل المناخية، ولم يتم العمل على تطوير الإنتاجية وتحسين شروط الإنتاج بالنسبة للصناعة. القطاع العام بتراجع مستمر، وإنتاجه لم يتحسن، ولم تجر عملياً محاولات جدية لإنقاذه وإخراجه من مشاكله، والقطاع الخاص مازال متردداً بين استمراره بتحقيق أرباح وهمية وبين الانغماس بشكل جدي وفعال في العملية الإنتاجية ليحقق نمواً فعلياً في الاقتصاد الوطني.
- هل هناك مبرر لإعطاء هذه الأرقام «المتفائلة»؟
دائماً يوجد أمل بتحقيق شيء أفضل، والخطة مناسبة لتحفيز الإمكانات، ليكون لدينا مجال للنمو والتطور بشكل أكبر، ويوجد لدينا أماكن وعناصر قوة في الاقتصاد الوطني يمكن توظيفها واستثمارها بشكل جيد، وبالتالي نحصل على نتائج أفضل مما تحقق حتى الآن، لكن السؤال: هل سيتم فعلياً استثمار عناصر القوة في الاقتصاد وتثميرها بشكل إيجابي، أم أن المسالة إعلامية فقط؟! هذا سؤال يطرح على الحكومة. أما بالنسبة للخطة الحادية عشرة، فيجب تحليل الوضع الراهن، وتقييم موضوعي للخطة الخمسية العاشرة وللسياسات القائمة التي تم اتباعها سابقاً، وتقييم موضوعي للمؤسسات ودورها ومدى مساهمتها وصناعاتها بالخطة، وبالتالي انعكاس كل ذلك على أهداف الخطة كخطوة أولى، وعلى أساس هذا التقييم الموضوعي والعلمي يمكن أن نتوجه إلى الخطة الحادية عشرة، ونرى مكامن القوة لاستثمارها، ومكامن الضعف للتخلي عنها، أما القفز إلى الخطة الحادية عشر دون أي تحليل للواقع وتوضيح للمشكلات التي واجهتها الخطة العاشرة، فنكون عملياً قد كررنا خطأ قائماً، ونتجه لكي نكرر أنفسنا.