وزارة المالية ولعبة الأسعار والعجز
يثير قطع حسابات الموازنة العامة للدولة لعام 2004 الذي يناقشه مجلس الشعب سؤالا مهما عن علاقة الأسعار بعجز الموازنة، ويضع إشارة استفهام حول طريقة تفكير الحكومة السورية لحل مشكلة العجز ، ولكيفية النظر إليها، والتعامل معها، فقد كشف قطع حسابات موازنة 2004 أن هناك زيادة في الإيرادات المتنوعة بمقدار 38% عما كان مقدراً لها في بداية العام،
ويعود السبب في ذلك إلى رفع أسعار التبغ ومواد البناء فقط، ذلك الارتفاع حقق إيرادا إضافيا لموازنة الدولة عما هو متوقع بمقدار 6.8 مليار ليرة، الأمر الذي ساهم بتخفيض عجز الموازنة شيئا ما، واليوم عملت الحكومة على رفع أسعار البنزين والأسمنت بشكل رسمي، وقريبا سترفع أسعار المازوت، الأمر الذي سيخفض عجز موازنة عام 2006 أيضاً، مثلما خفض عجز موازنة عام 2005 بسبب فرض رسم الإنفاق الاستهلاكي على العديد من السلع والخدمات، كالهواتف النقالة والثابتة، والسيارات، والزيوت وغيرها، وعلى إثر تلك العمليات المالية المحضة وليس الاقتصادية/الاجتماعية ستظهر وزارة المالية بمظهر الحريص على خزينة الدولة بتقليلها العجوزات المالية عاما بعد عام، وستظهر مرتدية عباءة سياسة مالية هدفها تحقيق وفورات اقتصادية، ولكن من خلال ماذا؟ وعلى حساب من تتم هذه الوفورات؟ بالطبع يتم ذلك من خلال رفع الأسعار وفرض الضرائب الجديدة، وعلى حساب المواطن بالدرجة الأولى.
ستؤدي سياسة وزارة المالية السابقة إلى تحقيق توازن مالي لموازنة الدولة لكنها بالوقت نفسه ستفرز عجزا اجتماعياً متنامياً، ففي الوقت الذي تسعى فيه الوزارة لردم العجز المحاسبي، فإنها توسع دائرة العجز الاجتماعي، وتساهم بشكل مباشر بتهميش الناس أكثر فأكثر على حساب توازن القيود المحاسبية، فرفع أسعار المازوت والأسمنت والسلع الأساسية الأخرى، وفرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة جديدة سيوفر للخزينة مبالغ إضافية طائلة، لكنه بالوقت نفسه سيدفع بمزيد من الناس لدائرة الفقر والتهميش، وسيساهم بتدهور مستواهم المعيشي، ويحرمهم من نوعية حياة جيدة، فهل من المنطقي أن تستمر وزارة المالية بتقليص العجز المالي بهذه الطريقة اللااقتصادية؟ وهل من المنطقي أن يبقى القطاع الخاص الذي ينتج 60% من الناتج المحلي الإجمالي لا يدفع أكثر من 10% كضريبة دخل من إجمالي ضرائب دخل موازنة الدولة؟ أليس هذا خللا آخر في التوازن الاقتصادي والاجتماعي يرزخ تحته الاقتصاد؟ ببساطة شديدة ما نحتاجه هو توازن اجتماعي لموازنة الدولة وليس توازن مالي فقط.
23/2/2006
■ عن موقع قاسيون الالكتروني.