البطالة في الخطة الخمسية العاشرة.. نظرة بديلة
تنطلق الخطة في قراءتها لموضوع البطالة من نسبة بطالة قدرتها بحوالي 12%، وهذه نسبة مضللة وغير صحيحة لأنها مبنية على أعداد المسجلين في مكاتب البطالة العديدة. إن الكثيرين من العاطلين عن العمل لا يثقون بجدوى التسجيل لذلك يمتنعون عنه. علينا الانطلاق من عدد القادمين على العمل في حساب البطالة. مستوى الأجور المتدني جداً لايترك مجالاً لأحد قادر على العمل، إلا ويبحث عن عمل، وفوق ذلك يعيل المشتغل وسطياً أكثر من ثلاثة أشخاص.
هنالك أطفال يعملون لأن ذويهم لايجدون عملاً مجزياً بشكل كافٍ. عمل الأطفال مطلوب من بعض الشركات لأن الأجور أخفض وساعات العمل أطول وظروف العمل أقسى، ولايسجلون في التأمينات الاجتماعية.
بتعبير آخر يشغل الاقتصاد في الداخل«4.5» مليون من الراشدين فقط.
فتكون نسبة البطالة الفعلية 4.4 + 0.5 = 4.9 مليون تقسيم 11.4 مليون = 47%، أي قرابة أربعة أمثال النسبة التي انطلقت الخطة منها!!!
قد تجبر العمالة في الخارج على العودة إلى القطر العربي السوري استجابة لضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية يقوم بها عدونا الإمبريالي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، كأحد وسائل الحرب الاقتصادية التي لايتوقف عن التهديد بها بالإضافة إلى التهديدات العسكرية والسياسية.
فيصبح على الخطة أن تؤمن فرص عمل لــ 4.9 مليون عاطل عن العمل + 1.25 مليون مجموع القادمين الجدد القادرين على العمل خلال فترة الخطة الخمسية، انطلاقاً من قدوم 0.25 مليون كل عام + مليون فرصة عمل للذين كانوا يعملون في الخارج وطردوا عند ذاك ستتراجع تحويلاتهم إلى الداخل كثيراً جداً، وسينخفض الناتج القومي الإجمالي أيضاً بمقدار التراجع، يصبح المجموع 7.15 مليون فرصة عمل يجب تأمينها، بالإضافة إلى المحافظة على مستوى العمالة الحالي، والمهدد بالمنافسة غير المتكافئة مع الخارج لأن الاقتصاد غير مؤهل لها بعد، وذلك مع فتح أسواق حرة جديدة مع دول إضافية، وتخفيض للجمارك ورفع لأسعار المشتقات النفطية، مما سيدفع بالكثير من الشركات إلى تخفيض عدد عمالها أو الإفلاس. وبالتالي إلغاء فرص عمل قائمة حالياً. سيصاب الاقتصاد بكوارث اقتصادية واجتماعية إذا وقع القطر اتفاقيات شراكة مع الاتحاد الأوروبي أو غيره من الدول الصناعية المعادية للعرب. وستستفحل البطالة بشكل يفجر مشاكل خطيرة غير مسبوقة.
المطلوب من الخطة فوق ذلك الحفاظ على القوة الشرائية للأجور ورفع مستوى المعيشة والأجور، ليوازي الجوار على الأقل، ومع المحافظة على ثبات الأسعار بآليات السياسة الاقتصادية المتنوعة.
لن يتمكن الاقتصاد من رفع الإنتاجية قبل رفع الرواتب بشكل كبير ورفع سوية التعليم العادي والمهني. ولن نستطيع أن ننجح في المنافسة دون رفع الإنتاجية. لقد خدعنا بعض الاقتصاديين الغربيين، بأن الأجور المنخفضة ميزة نسبية لاقتصادنا. على العكس، لن نحقق نجاحاً يذكر، قبل رفع سوية الأجور وبشكل مستمر عاماً بعد عام.
■ د. نزار عبد الله