بعـد سـنوات عـلى انطـلاقتـها.. أياد خفية تعمل على إضعاف شبكة الانترنت، وتطرح فكرة خصخصتها!


ما دور شبكات الانترنت الخاصة في بطء شبكة الانترنت السورية؟!.. وهل تم تحديث وتطوير الشبكة بعد إحداثها؟!.. وهل يواكب الانترنت مرحلة التحوّل الاقتصادي التي تمر بها سورية؟!.. وهل حصلت الشبكة على شهادة الجودة؟!.. وما هي علاقة القوانين والعقود الناظمة للانترنت، وكيف نطورها؟!.. ومن أين يأتي الضغط الكبير على الشبكة؟!.. والأهم من ذلك هو الرؤية المستقبلية لشبكة الانترنت في سورية!!.

 

أياد خفية لإضعاف الشبكة

كانت إجابات المهندس علي علي مدير الوحدة الاقتصادية بخدمة الإنترنت، ملامسة للواقع في ظل الترهل لبنية الشبكة القائمة على قوانين عفا عليها الزمن، فرداً على سؤال عن دور القطاع الخاص في الحدّ من فاعلية الشبكة العامة للدولة، وهل هناك أيادٍ خفية تعمل على إضعافها؟!.. قال: المؤسسة العامة للاتصالات تملك البنى التحتية والمشغل الأساسي للشبكة، فهي المسؤولة عن تطويرها وتحسين وضعها، أما دور القطاع الخاص فهو استثمار هذه الشبكة، حيث يلعب دوراً كبيراً في إغراق السوق بالبطاقات، ويعمل على استغلال الشبكة وتشغيلها بالطاقة القصوى لمصلحته، لأن مزود الخدمة الخاص هدفه الكسب المادي، بغض النظر عن وضع الشبكة بشكل عام، بل يعمل على الضغط بعدة طرق لطرح مستخدمين جدد.

وأشار إلى أن هناك من لا يريد للمؤسسة أن تنجح، ويطرح فكرة خصخصتها، ويتهم القائمين عليها بأنهم ليسوا أهلاً للقيام بالدور المناط بالمؤسسة، وليس هناك من جدوى لتأهيلها، لكن المؤسسة تلاحق جميع هذه الألاعيب بكل جدية ومسؤولية، وتعمل على إنجاح المؤسسة وتطويرها ضمن القوانين النافذة.

وأوضح بأن إغراق  السوق بالمشتركين هو أكبر دليل على تنفيذ مخطط للتأثير على أداء الشبكة والمؤسسة، لكن كما قلنا: المؤسسة على علم بذلك، وتعمل على الحدّ من هذه الظاهرة.

 

ضعف الشبكة بسبب آليات العمل

وعن ضعف شبكة الانترنت، أكد أن سبب الضعف ليس مرده إلى عامل فني أو نقص في الخبرات، إنما يعود إلى آليات العمل والعقود والأجور في القطاع الحكومي، لأن من يعمل في القطاع الخاص يأخذ ثلاثة أضعاف الموظف الحكومي، من هنا حصل التسريب في العمال والخبرات، إضافة إلى عدم الإحساس بالمسؤولية تجاه تطوير الشبكة، ونتج عن ذلك أيضاً أن العامل الفني لم يعد يشعر أن الدولة تعطيه حقه، وأنه رأى في القطاع الخاص ضالته، وبإمكانه الذهاب إليه في أي وقت، فأصبح ليس لديه دافع للعمل... من هنا كان من الواجب على الدولة أن تحمي الفنيين وتمنحهم حوافز إضافية وتشاركهم الأرباح، كي يعملوا على تطوير عملهم للصالح العام. وبخصوص العقود والتعاقد لتطوير الشبكة، قال المهندس علي: إن كلمة إعلان عن مناقصة تذهب سنة، بينما في القطاع الخاص لا تستغرق عدة أيام، وأوضح بأنه إذا كان المدير جريئاً في اتخاذ القرار، يقولون له: هل عملت على تطبيق القوانين والأنظمة النافذة في ذلك؟!.. فهذه التعقيدات الروتينية تصب في مصلحة من لا يريد إنجاح المؤسسة، بل يعمل على تفشيلها، لأنها ترفد الدولة بالأموال الكثيرة، وبالمقابل هناك من يسعى لأن تكون المؤسسة ناجحة ويريد لها التطور بكل مرافقها.. مشيراً إلى أنه عندما يتوفر للفنيين نظام حوافز وآليات تعاقد مرنة تحكمها عوامل تطوير الشبكة، وتقديم أفضل الخدمات لهم، ستكون الخدمة عالية، فالهاجس هو زيادة دخل موظفي المؤسسة، لأن العامل تعلّم على أن يحصل على دخل أفضل في القطاع الخاص، وللعمل نفسه.

ورداً على سؤال: هل قطاع الانترنت يواكب مرحلة التحوّل الاقتصادي في سورية؟!.

قال: الانترنت لا يواكب هذه المرحلة، ونتمنى أن يواكب التحوّل الاقتصادي، لأنه في النتيجة الكل يلاحق الآخر، لكن القطاع العام مترهل، يجب أن يكون متطوراً أكثر، على العكس من ذلك، فإن شركات الخليوي تواكب هذا التحوّل. ونوّه إلى أن العمل لدينا يسير بشكل بطيء، لأنه مرتبط بالقوانين القديمة، لا سيما القانون 51 الخاص بالعقود، أيضاً يجب أن يكون العمل في القطاع العام عملاً مؤسساتياً، وهذا غير موجود حتى الآن، والتطور البطيء الذي نتحدث عنه ناتج عن الأشخاص، فعندما تقرر الدولة مديراً عاماً، يُفترض أن يتم اختياره بناءً على مؤهلات تؤهله لقيادة هذا القطاع أو ذلك، وبالتالي منحه الثقة والمرونة لتحقيق زيادة في العمل، ومن ثم الأرباح ونشر الخدمات الجيدة، إضافة إلى أنه من المفترض أن يكون المسؤول عن وضع الأطر الناظمة لتطوير الشبكة إذا كان يعمل في مجال الانترنت والاتصالات على سبيل المثال، وفي النتيجة يجب النظر إلى ماذا عمل هذا المدير، فإما مكافأته أو محاسبته على تقصيره، لكن مع الأسف هناك من يريد إفشال الخدمة والقطاع المتعلق بالاتصالات والانترنت، وهو من يُغرق السوق ببطاقات منافسة، وهو الذي يمنع تطوير الشبكة، على الرغم من الجهود التي تُبذل لتطويرها، لأنه هو المستفيد الوحيد وهو الخاسر الوحيد من هكذا عملية. فالرؤية المتعلقة بتطوير الشبكة نحو الانهيار، لأن القوانين التي تحكمها الآن غير قادرة على حماية هذه الرؤية، وبالتالي عملية التطوير، لذلك يجب تغيير نظام العقود، ثم البدء بالعمل، وأية اقتراحات أخرى تُعتبر ترقيعية مؤقتة لا تعطي النتيجة المرجوة من العمل، ومن هكذا شبكة لتواكب العصر. وعن أهم المقترحات لتطوير عمل المؤسسة، قال: هناك الكثير من المقترحات، لكن تكمن في اعتمادها، ومن ثم طرحها على الحكومة مثلاً، وتحويل المؤسسة إلى شركة، يتم من خلالها إعطاؤها المرونة المطلوبة، وهذه المقترحات تحتاج إلى نقاش واسع على مستوى الدولة، وأهم المقترحات: إعادة النظر بآلية العقود المتبعة، وتعديل الرواتب التي من شأنها زيادة الإنتاج، حيث ليس بالإمكان استقدام خبراء لتطوير العمل، ونحن ما زلنا نعيش على الهبات من هنا وهناك.

وأجاب عن أهم الأعطال التي تواجه الشبكة، والتي تؤرق الزبائن، مبيناً أن أهمها: نقطة النفاذ في المراكز الهاتفية، ثم عطل مزود الخدمة نفسه، ويأتي بالمرتبة الثالثة العطل بشبكة تبادل المعطيات، وأوضح أن عملية إصلاح الأعطال تحكمها عقلية الموظف نفسه.

 

/20/ ألف مشترك بالحزمة العريضة فقط

وعن بداية خدمة الشبكة وعدد المشتركين، وما تحقق للدولة من عوائد مادية، قال: بداية انطلاق الشبكة كانت في عام 1997، بشكل تجريبي، أما بشكل عملي فكانت عام 1998، ووصل عدد المشتركين حتى عام 2008 نحو سبعة آلاف مشترك حزمة عريضة.
والآن حتى الشهر العاشر من عام 2009 وصل العدد إلى نحو عشرين ألف مشترك في مزود الخدمة (ADSL)، ونحو /146/ ألف مشترك في خدمة (DIALUP). أما بالنسبة للعوائد المادية للمزود الحكومي فقد وصلت إلى /186/ مليون ليرة سورية عام 2008، وأوضح أن خدمة الحزمة العريضةمتوفرة في جميع المراكز الهاتفية بالمحافظات، ففي دمشق وريفها يوجد /38/ مركزاً، وفي حماة /16/ مركزاً، والحسكة ستة مراكز، وإدلب ثلاثة مراكز، وطرطوس خمسة مراكز، والسويداء /3/ مراكز، واللاذقية ستة مراكز، وحمص /11/ مركزاً، ودير الزور /4/ مراكز، والرقة مركز واحد. ونوّه إلى أن أغلب المشتركين في خدمة الـ (ADSL) هم من التجار ورجال الأعمال والصناعيين وأصحاب الأعمال التي تتطلب هذه الخدمة، مؤكداً أن الانترنت أصبحت عملية تواصل وتفاعل اجتماعي بين الناس.

 

أخيراً..

هذا هو واقع شبكة الانترنت في سورية، فإذا ما نظرنا إلى الخدمة المتدنية لهذه الشبكة المتطورة، وقارناها بالأسعار والتكاليف، لكانت المأساة بعينها، وكأن شعار الاتصالات لدينا «ادفع الكثير واحصل على القليل»، علماً أن الشريحة الكبرى التي تستخدم شبكة الانترنت العادية هي من المثقفين الذين غالبيتهم من أصحاب الدخل المحدود.
فمتى ننعم يا وزارة الاتصالات باتصال مريح عبر الانترنت وبسعر مقبول، يتوافق مع خدمات ليست عالية بل مقبولة؟!.

أحمد زينة

 

حقائق

- راتب الموظف في القطاع الخاص المعلوماتي ثلاثة أضعاف راتبه في الحكومي.
- القانون /51/ المتعلق بالعقود وراء تأخر تطوير الانترنت.
- عشرون ألف مشترك في خدمة الـ (ADSL)، و/124/ ألفاً في خدمة الـ (DIALUP) فقط.


• نقلاً عن الزميلة «البعث» بتاريخ 12/10/2009