استبدال الترسيم برفع البنزين سيضاعف مدفوعات 80% من السيارات السورية

وافق مجلس الوزراء على مبدأ إلغاء الترسم على السيارات مقابل زيادة طفيفة على أسعار البنزين ـ على حد توصيفهم ـ، على أن يتم إعداد الصك النهائي لإصداره في وقت قريب، هذا على المستوى الحكومي، أما شعبياً فإن الشارع السوري يترقب بحذر قرار إلغاء الترسيم السنوي مقابل رفع سعر ليتر البنزين، أو بشكل أكثر تخصيصاً 1،1 مليون سوري يملكون سيارة (عامة، أو خاصة) عاملة على البنزين.. 

هذا المشروع تعتبره وزارة النقل حلاًَ وإعادة لكرامة المواطن السوري التي تهان وتنتهك على أبواب مديريات النقل عند الترسيم سنوياً، وتقليلاً بالدرجة الثانية من حجم الفساد الكبير الذي تعيشه مديريات النقل السورية دون استثناء، فلا يمكن ترسيم أي سيارة دون الاستعانة بصديق، هذا الصديق – الذي يفيد ويستفيد - الجالس غالباً في كواليس مديريات النقل، أو على أبوابها في الخارج، فالفكرة بالتأكيد جيدة بالمطلق لأنها ستقطع رؤوس الفساد في أحد أهم المؤسسات الفاسدة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً قبل استصدار إي قرار حكومي أو وزاري لتحديد الموقف منه: من المستفيد من هذا القرار؟! ومن المتضررون؟! وما حجم هذا الضرر؟! 

مشروع الاستبدال...

أعدت وزارة النقل مشروع المرسوم التشريعي الخاص باستبدال رسم التسجيل السنوي للمركبات والدرجات العاملة على البنزين برسم قدره 4 ليرات تضاف إلى كل ليتر من البنزين، واستثنى مشروع المرسوم السيارات التي سعة محركها فوق 3000  CC، والتي سيكون عليها دفع رسوم تسجيل سنوي يبلغ نحو 50 ألف ليرة للسيارات التي يتراوح سعة محركها مابين 3000-4000 CC ، فيما سيكون على السيارات التي يزيد محركها عن 4000 CC دفع نحو 150 ألف ليرة، وهذا الاستثناء وجد صداه في التكهنات المشككة في إمكانية المضي بتطبيق هذا القرار واستمرار هذا المشروع على علته، الذي تضرر منه أيضاً الكبار وأصحاب السيارات الفارهة جداًً... 

المتضررون الصغار

الفريق الدارس للمشروع وجد أن الشريحة الكبرى من المواطنين يملكون سيارات محركها 1600CC أو أقل من ذلك، ويشكلون بحسب الدراسة أكثر من 80% من عدد المركبات العاملة في القطر (880 ألف سيارة)، وأضافت الدراسة أن ترسيم هذا الشريحة من السيارات كان يكلف ما بين 5000 إلى 6000 ل.س، على أن يسدد نفس المبلغ بالتقسيط بعد إلغاء الترسيم، لكنه وبالنظر والتحليل في هذه الأرقام يتبين لنا الموقف الذي يجب اتخاذه من هذا المشروع، لأن هذه الشريحة الكبرى ستكون أكبر المتضررين عملياً إذا ما تمت عملية الاستبدال، لأن كل سيارة كانت تدفع يومياً للترسيم 20 ل. س أي ما يعادل 7300 ل.س سنوياً،  لكن هذه السيارة ذاتها إذا صرفت يومياً ـ بعد رفع سعر البنزين 5 ليتر ـ ستكون قد وفت بمستحقاتها تجاه مديرية النقل التابعة لها، والباقي سيكون قيمة إضافية لصالح مديرية النقل، وهذا الرقم بالتأكيد قليل جداً قياساً بمصروف أي سيارة عامة أو خاصة من البنزين على حد سواء..

والأخطر في الموضوع، هو الضرر الذي سيطال أصحاب السيارات العامة (التاكسي) بالدرجة الأولى، هذه السيارات التي صممت أساساً لتكون باب رزق جيد لآلاف الأسر السورية، وليست للرفاهية بكل تأكيد،  فهذه السيارات وبحسب أصحابها أو السائقين عليها تصرف بالحد الأدنى في مدينة دمشق 20 ليتر من البنزين يومياً، أي أن أصحاب هذه السيارات سيدفعون يومياً بدلاً من 20 ليرة على حسابات الترسيم حوالي 80 ليرة سورية بالحد الأدنى كل صباح عند تعبئة كل صفيحة بنزين في المستقبل، أي أن مدفوعاتهم اليومية ستتضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف، في الوقت الذي ستبقى فيه كافة الرسوم الأخرى على اختلافها بما فيها ضريبة الدخل، مما سيفتح المجال بالتالي أمام زيادة قادمة في تعرفة هذه السيارات العامة، وإغراق المواطن السوري بارتفاع جديد في أسعار النقل والمواصلات. 

مديرية النقل المستفيد الأول

استهلاك سورية من البنزين في العام 2007 كان حوالي 2 مليار ليتر، أي أن الاستهلاك الحالي لن يكون أقل من 2،5 مليار ليتر سنوياً، إذا ما علماً أن عدد السيارات العاملة على البنزين يزداد سنوياً بحوالي 50 ألف سيارة، وذلك وفقاً لحجم الزيادة الحاصلة بين عام 2007 – 2008 كأساس لذلك، وهذا يعني أن وزارة النقل ستحصل سنوياً على 2،5 مليار × 4 ليرة سورية = 10 مليار ليرة، بدلاً من 8 مليار ليرة سورية التي استوفتها وزارة النقل خلال معاملة تجديد رخصة السير في العام 2008 من أصحاب السيارات العاملة على البنزين، هذا ومن جانب أخر، أي أن مديرية النقل هي الرابح الأكبر إن لم نقل الوحيد من عملية إلغاء الترسيم.