الواقع والأرقام يتبرءان من التصريحات الحكومية
تنفي التصريحات الحكومية «الطازجة» ما يشاع حول عدم انعكاس أرقام النمو المعلنة على الحياة المعيشية للمواطن بالقول: «إن هذا غير صحيح».. وتهرب إلى الأمام بالتأكيد أن «هناك توجهاً لناحية زيادة الرواتب والأجور بنسبة 35 % قبل نهاية العام».
التصريحات هذه تفتقد شرعيتها، لافتقارها إلى الرقم الداعم لادعاءاتها، فانعكاس أرقام النمو إيجابياً على حياة المواطن السوري، يفترض تقليص الفقر والبطالة، وارتفاع المستوى المعيشي، والذي يؤدي بدوره لحركة نشطة في الأسواق بالدرجة الأولى، وارتياح نفسي لدى المواطن السوري ناتج عن التحسن الاقتصادي.. وهذا لم يحصل، فعدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل حسب سنوات الخطة الخمسية التاسعة 196 ألف طالب للعمل سنوياً، على أن يرتفع عدد هؤلاء إلى 250 ألف داخل سنوياً في الأعوام المقبلة، لذلك قررت الخطة الخمسية العاشرة خلق 1،250 مليون فرصة عمل في خمس سنوات، لكن الموازنات العامة للدولة لم تخطط نظرياً لخلق أكثر من 60 ألف فرصة عمل سنوياً خلال السنوات الخمس المنصرمة – إذا ما تم تحقيق هذه الفرص فعلاً - وفي هذه الحالة وبشكل طبيعي كنا أمام زيادة 200 ألف عاطل عن العمل سنوياً، مما خلق مليون عاطل إضافي خلال هذه السنوات الخمس، وهذا أدى إلى رفع نسبة البطالة الإجمالية ثلاث أو أربع درجات على الأقل مقارنة بالعام 2005 (11%)، مما يعني أننا أمام نسبة بطالة تقدر بحدود 15% الآن.
ومن جهة أخرى، جاءت سورية في المرتبة السادسة عشرة بمعدلات البطالة بين الشباب، وفقاً لدراسة صادرة في الشهر الثالث من العام 2010 عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة، حيث بلغت هذه النسبة 20% بين الشباب السوري، وهذا يؤكد بشكل قاطع أن معدل البطالة ارتفع وفق الإحصاءات العربية، ومنطق فرص العمل المخطط لها على حدٍ سواء، أي أن منفذي الخطة الخمسية العاشرة فشلوا في إيصال البطالة إلى نسبة 8% في نهاية العام 2010 كما أعلنت الخطة وقت انطلاقها.
وفي السياق ذاته، فإن واقع الفقر ومستوى معيشة المواطن السوري لم يكونا بأفضل، لأن الارتفاع الدراماتيكي للبطالة يفترض ارتفاعاً تلقائياً بأرقام الفقر، وآخر التقارير الحكومية أفصح عن ارتفاع الفقر في سورية إلى 12،3%، علماً أن الخطة الخمسية العاشرة طمحت لإيصاله إلى 7،12% في العام 2010، وهنا نسأل: أين الانعكاس الايجابي لأرقام النمو على المواطن السوري؟!! هل ارتفاع البطالة والفقر انعكاس للنمو على حياة المواطن السوري؟!!
إن الركود في الأسواق، بات سمة دائمة من سمات السوق السورية، ودليله التنزيلات الكبيرة التي أطلقتها المتاجر والمحلات في جميع المحافظات السورية، والتي وصلت إلى 70%.
كما أن أرقام النمو لم تنعكس بشكل ايجابي أيضا على الاقتصاد السوري والموازنة العامة، فمعدل التضخم الذي كان 2،30% في العام 2002، 3،55 % في العام 2003، 5% في العام 2004، 6% في العام 2005، ارتفع - حسب الأرقام الرسمية - إلى 10،3% في العام 2006، و 4،5 % في العام 2007، ووصل إلى 15،15% في العام 2008 ، وبلغ 2،8% في العام 2009.
كما أن العجز في الموازنة العامة تراوح منذ العام 2006 حتى 2010 بين 20 – 33% من إجمالي الموازنة العامة، وهو أقل من حجم عجوزات التي تخللتها موازنة أعوام الخطة الخمسية التاسعة.
والعجز في الميزان التجاري وصل في العام 2009 إلى 130 مليار ليرة، وهو مرشح للزيادة الدائمة بفضل زيادة الصادرات بنسبة 14% تقابلها زيادة في الواردات بنسبة 18%، وهذا ينذر بخطر كارثي على الميزان التجاري السوري ستظهر نتائجه في الفترة القصيرة القادمة.
كل هذه الأرقام لا تدعو للمفاخرة، بل إنها تتطلب ضرورة مراجعة السياسات المتبعة التي أثبتت فشلها، بدلاً من تجاهل نتائجها الحاصلة.