الصناعة العامة تثبت وجودها!

الصناعة العامة تثبت وجودها!

تدلنا تجربة معمل الشرق كغيره من معامل الصناعة العامة في سورية على أن أثر سنوات الإهمال المتعمد في حل مشاكل الصناعة العامة القائمة على التوجه الليبرالي، أكثر سلبية من الأثر الناجم عن 5 سنوات من الحرب والحصار وارتفاع الكلف خلال الأزمة.

 

 

 

فعندما لم (يبق في الميدان غير حديدان) استطاعت هذه المعامل أن تثبت بأن قدراتها على العمل والتوسع والمقاومة موجودة، ولكنها كانت معطّلة بالتكبيل والعرقلة من جهة وبالتراخي في إيجاد الحلول من جهة أخرى..

ويمكن أن يكون معمل الشرق هو أبرز الأمثلة، فلا توجد في المعمل مشاكل جدية، سوى المسألة التسويقية، ومشاكل تصريف المنتوج، التي إمكانيات حلها متوفرة وبسيطة ودون كلف، بل فقط بمزيد من المرونة، وبالمختصر بوجود (النيّة) الحقيقية لحلها..

لكن منظومة الفساد التي نهشت إمكانيات البلاد طوال العقود، استطاعت أن تأخذ حصتها من هذا المعمل كما غيره، فلم تتواجد الدوافع لتوسيع المعمل، أو لتعويض نقص عماله، أو لتأمين آلات حديثة له تنافس السوق، أو لإيجاد منافذ تسويق خارجية أو داخلية لمنتجاته، بل تحول تراجع مبيعات المعمل ومخازينه المتراكمة إلى (منفذ للصفقات)..

في الثمانينات أتاحت العلاقات الدولية لسورية مع الاتحاد السوفييتي تنشيط الصناعة العامة والخاصة وتخفيف وقع الأزمة الاقتصادية، اليوم العلاقات الدولية متوفرة، لكن الليبرالية الاقتصادية لا ترى في الأمر فرصة.. بل ترى في الأزمة فرصة لتحاول أن تُجهز على ما تبقى من الصناعة العامة، بإنهاء الدعم ورفع الكلف، ولكن الظروف لا تواتيها تماماً، والصناعة العامة عادت لتثبت نفسها في الأزمة.

لا يحتاج معمل الشرق اليوم، إلا لتزويده السريع بحقه وبمخصصاته الاستثمارية والآلات التي يطلبها، وهو الذي يدفع للمال العام أكثر 35% من أرباحه كضريبة. وتزويده بالعمالة الشابة القادرة لسد النقص، ولآلية تسويقية مرنة، تستطيع أن توصل المنتج لمن يطلبه..