«الدردري».. لسان التوافق الناطق بالليبرالية

استعداداً للحوار السياسي القادم بدأت القوى المختلفة تطرح برامجها الاقتصادية بوضوح أكثر، فالطرح الاقتصادي سيكون  «الغائب الحاضر» على طاولة الحوار حيث سيشكل الغاية غير المعلنة بعد أن اتضح تماماً بأن اقتراب جميع المتطرفين من طاولة الحوار سيأخذ شكل التحاصص.

لذلك على هؤلاء قبل أن يتقاسموا أن يثبّتوا منطق المحاصصة، وذلك بحصر توزيع الثروة بينهم وعدم تغيير بنية هذا التوزيع.

أي بالاتفاق على عدم تغيير جدي في حصة «الفقراء» أو «الشعب»  إلا باتجاه اقتضام المزيد منها. وصولاً إلى تنحيتها جانباً وجعل ميزان القوى يحدد حصة كل من وجهي عملة الفساد: المتمكن في الداخل والقادم من الخارج..

يعتقد هؤلاء أن تنحية الطرف الشعبي ومصالحه الاقتصادية والبرنامج المعبر عنه عن طاولة الحوار سيكون أمراً سهلاً  حيث سيسعى هؤلاء إلى جعل هذا الطرف وممثليه الحقيقيين أقلية، وإمعانهم في تجاهل «الشعب السوري» ومواقفه ومصالحه يجعلهم لا يسعون حتى إلى إخفاء توجهاتهم الليبرالية المشتركة أو تجميلها..مستعينين بوجوه تعود اليوم إلى الساحة السورية على الرغم من حتمية فشلها شعبياً كوجوه تسويقية.. والكلام عن «عبد الله الدردري» النائب الاقتصادي السابق في حكومة العطري والذي يختصر شعبياً وجه الليبرالية، ورفع الدعم ومنطق «دع الأغنياء يغتنون»، وتحرير التجارة وغيرها من التجارب القاسية في المرحلة السابقة.. حتى يمكن عد «الموقف الشعبي» منه تعبيراً عن إجماع كل الفئات الشعبية والاقتصادية الوطنية على رفض السياسات التي سوّق لها خلال أعوام الخطة الخمسية العاشرة.. وهذا الرفض هو إحدى المرايا التي تعكس جوانب هامة من البرنامج الاقتصادي الوطني المقبول شعبياً..

يعود الدردري اليوم ليقدم طرح الطرفين بكل وضوح منسجماً مع «التوجهات الاقتصادية العالمية» ومدعوماً من المنظمات الدولية، ليكرر كلام الأمس ولكن بفجاجة أكبر، معتمداً على قاعدة:  «دُمّرت قدرة سورية على ممانعة الليبرالية الكاملة وهذه هي الفرصة..»

فما الذي يقوله الدردري وهو اليوم موظف ومستشار في المنظمات الاقتصادية العالمية، وكيف يفسر طرحه لمشروع الليبرالية المتطرفة بقوة وبصيغة الواثق والمتيقن من تحقيق توافق حوله، كمشروع «لبناء» سورية القادم..!! وكيف يترجم عدم طرحه لموقفه السياسي على الرغم من كونه أحد رموز النظام في المرحلة السابقة من جهة، وعزل فريقه الاقتصادي مع بدايات الاحتجاجات الشعبية في سورية من جهة أخرى..