50 ألف ليرة المتوسط المطلوب لتلبية انفاق الاسرة السورية شهرياً

وجه الاتحاد العام لنقابات العمال مذكرة إلى النائب الاقتصادي، وتتمحور حول التصورات المبدئية المتعلقة بإحداث سلة أسعار للمستهلك، والتناسب مع القوة الشرائية الحقيقية لدى أغلبية المواطنين، والتي اعتبرها البعض مبالغاً في أرقامها، والمستندين في قولهم هذا، إلى أن الاسعار في هذه الأيام تعيش حالة من التذبذب الكبير، والتي لا يمكن معها إجراء أية دراسة لسلة أسعار المستهلك الفعلية على أرضية ثابتة، على الرغم من رؤيتنا أن هذه الارقام لا ترتقِي فعلياً لمستويات ارتفاع الأسعار الحاصلة في السوق المحلية، لأنها تساوي المتوسط المطلوب لإنفاق الأسرة وفق احصاءات عام 2009!!..

475 ل.س الإنفاق اليومي

توصلت دراسة اتحاد العمال إلى أن إنفاق الأسرة المكونة من 5 أشخاص تحتاج يومياً إلى 475 ل.س في اليوم، وفي الشهر إلى 14250 ل.س للمواد الغذائية فقط، وذلك لتأمين وسطي عدد السعرات الحرارية اللازمة للفرد يومياً (2400 حريرة)، وهذا يتطلب تناول وجبة غذائية إجمالية تتضمن، تناول 500 غرام من الخبز بسعر 5 ل.س، لكي تعطي  1275 حريرة، بالإضافة إلى بيضة واحدة بسعر 10 ل.س، وتعطي 75 حريرة، ووزنها 50 غراماً، ونحو 25 غراماً من الجبنة، التي تعطي بحدود 108 حريرات، وبسعر 6.25 ل.س،  و75 غراماً من اللحم بسعر 45 ل.س، وتعطي نحو 65 حريرة، وخضار مختلفة بوزن 250 غراماً، وبسعر 10 ل.س، وتعطي نحو 65 حريرة، و 200 غراماً من الفواكه، والتي تعطي نحو 60 حريرة، وبسعر أيضاً 10 ل.س، و70 غراماً من الآرز، والذي يعطي 280 حريرة بسعر 4.20 ل.س، وهذا بمجموعه يؤمن السعرات اللازمة للفرد، والتي تتطلب منه إنفاقاً يومياً نحو 95 ل.س..

وإذا أضفنا الإنفاق على المواد غير الغذائية والخدمات الأساسية (ماء- كهرباء- نقل- هاتف- صحة وأدوية- لباس- مواد طويلة المدة للاستهلاك... الخ) فإن هذا الإنفاق يساوي الإنفاق على الغذاء، وبذلك يتطلب الإنفاق اللازم للأسرة من 5 أشخاص 28500 ل.س شهرياً، أي أن الإنفاق في حده الأدنى يزيد 3 أضعاف الحد الأدنى للأجور (9765 ل.س)، و2.5 ضعف وسطي الأجور، وذلك بغض النظر عن حساب أجور السكن ونفقات المدارس والنفقات الحياتية الطارئة وغيرها.

مقارنة بالأرقام

سنعود إلى الدفاتر القديمة من الإحصاءات الرسمية لتفنيد هذا التقرير النقابي الذي لا نتفق معه في تقديرات وسطي إنفاق الأسرة على الغذاء في ظل الظروف الحالية، حيث خلصت نتائج مسح دخل ونفقات الأسرة لعام 2009، والذي أعده المكتب المركزي للإحصاء، وتوصل المسح إلى أن متوسط إنفاق الأسرة يبلغ نحو 30,9 ألف ليرة بزيادة تصل لنحو %20 مقارنة بمتوسط إنفاق الأسرة السورية عام 2007، بينما وصلت حصة الانفاق على الغذاء إلى 14 ألف ليرة شهرياً، أي ما يعادل 45.6 % من إجمالي الإنفاق.

من حيث المبدأ ليس من الطبيعي أو المنطقي ثبات الإنفاق الإجمالي والغذائي على حاله لثلاث سنوات متتالية، خاصة وأن الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية لبعض السلع مقارنة بأسعارها في العام الماضي، تشير إلى ارتفاعها بنسبة 40 % في عام 2012، وكذلك تؤكد أرقام التضخم الشهرية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء، وهنا لا نتحدث عن ارقام التضخم الحاصلة في عامي 2010 و 2011، والتي تزيد عن 20 % بالحد الادنى، ويضاف إلى كل ذلك، بالإضافة إلى تراجع قيمة الليرة السورية، والتي فقدت 50 % من قيمتها أمام الدولار، أي أن متوسط إنفاق الاسر على الغذاء أو سواه من المواد الاخرى سيرتفع بنسبة 100 % في هذه الحالة، أي أن تلبية الاحتياجات الغذائية لوحدها يتطلب ما لا يقل عن 28 ألف ليرة، في ظل الارتفاع التي شهدتها الأسعار في الأعوام الثلاثة السابقة عموماً، وفي العامين الماضيين بشكل رئيسي، أي أن متوسط انفاق السوريين المطلوب لن يقل عن 50 ألف ليرة بالحد الادنى لتلبية احتياجاتها في هذه الحالة..

مواد بأضعاف سعرها بالسوق السوداء

وما جرى من مقارنة للأسعار في السابق والآن بشكل عام، ينطبق على إنفاق الأسرة الواحدة على بنود الغاز، والمازوت والكهرباء والمياه والفيول والبنزين، والتي كانت حصتها 8.8 % من إجمالي إنفاق الأسرة، فليتر المازوت يباع بشكل أساسي في السوق السوداء بأضعاف سعره، وهو أيضاً حال أسطوانة الغاز التي ارتفعت أسعارها بنسبة 60 % رسمياً، كما ارتفع سعر ليتر البنزين 10 ل.س، وهو ما تعادل نسبته22 % تقريباً رسمياً، بالإضافة إلى انتشار السوق السوداء التي تؤمن حاجة أغلب السوريين من هذه المواد بأضعاف سعرها، وبالتالي، فكم هو حجم الانفاق المطلوب حالياً في ظل كل تلك الارتفاعات بالأسعار إذاً؟!