مفارقة

بد أن التصريحات الحكومية هي مادة غنية للعمل الصحفي، خصوصاً إذا ما كانت تعكس بشكل واضح لسان الفساد المتعدد الوجوه، حيث تتداول كثير من الجهات الحكومية « بروباغندا « الفساد، دون أي تهاون أو خجل، أو محاكمة في بعض الأحيان، مما يدل على تأزم هذا الفساد وحاجته لوسائل واهية من هذا النوع..

 

 فمن جهة تمارس بعض الجهات الحكومية « الحزم « المطلوب في لحظات الأزمة، صارفةً كل طاقات الحزم التي تملكها على الموظفين لمنعهم من التسيب، واصلةً  إلى عقوبات بالإقالة إذا ما تعدى موظف خمسة عشر يوماً من الغياب غير المبرر رسمياً..

ومن جهة أخرى فإن جهات حكومية ناطقة باسم المستهلك ووظيفتها حمايته، ترى أن اللين ولغة « الحوار والمحبة والتفاهم « هي اللغة المطلوبة في لحظات الأزمة العصيبة لمخاطبة تجار الازمات، ودعوتهم إلى الرأفة بالبلاد والعباد...

وتعلن بكل فطنتها أنها «ترفض» تشديد العقوبات على اللاعبين بقوت الشعب، لأن العقوبات ستزيد من حجم الفساد..

والفساد الذي «يخشاه» هؤلاء هو فساد الموظفين الصغار والمراقبين وعمولاتهم المتزايدة..

ما بين مفارقات الحزم واللين الحكومية، عسى أن يزداد حزم الذين تستضعفونهم، وتلين شوكة من تحتموا بهم وتزاودون بلسانهم..