مؤتمر لندن للمانحين.. خلف (الإغاثة) أطماع (الإعمار)!
اجتمع في مدينة لندن وبتاريخ 4/2/2016 قادة دول العالم ومنظمة الأمم المتحدة، في مؤتمر المانحين لسورية، الذي يضع برنامجاً لبحث مسألة المساعدات المعتادة سنوياً في مؤتمرات المانحين الثلاث السابقة التي انعقدت في الكويت، ويضاف إليه في العام الحالي مناقشة إعادة الإعمار، و(برنامج اليوم الأول) بعد انتهاء الحرب.
تناقش مسألة إعادة الإعمار للمرة الأولى في مؤتمر المانحين، وعلى هذا المستوى الدولي، ما يعكس التوجه الجديد (للمانحين العالميين) من تمويل الإغاثة إلى تمويل مرحلة إعادة الإعمار، مع اتضاح (اختمار) الحلول السياسية، رغم أن مؤتمر لندن أتى بعد يوم واحد من الإيقاف المؤقت للمحادثات السياسية حول الأزمة السورية في جنيف، وهو لم يتطرق بشكل واسع إلى إعادة الإعمار كونه ربطها بتشكيل حكومة جديدة، واستكمال التسوية السياسية.
8,9 مليار دولار لخطة 2016..
مؤتمر المانحين يجمع عادة المنظمات غير الحكومية الدولية، مع قادة الدول، لتستعرض الأمم المتحدة خطتها لإغاثة قضية اللجوء السوري، ودعم الدول المجاورة والمضيفة للعدد الأكبر من اللاجئين السوريين، فيما يسمى خطة استجابة إقليمية لأزمة اللاجئين السوريين، لتعلن رقم الدعم العالمي المطلوب، وحجم المتوفر والنقص الحاصل، والمتوقع، ولأربعة أعوام متتالية لم تستطع هذه المؤتمرات أن تؤمن المبلغ المطلوب وتغطي الاحتياجات.
المبلغ الإجمالي المطلوب لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في سورية والدول المجاورة يبلغ 8.9 مليار دولار، وهو ما تسعى الأمم المتحدة لتحصيله، موزعاً بين 7,73 مليار دولار للأمم المتحدة، و1.2 مليار دولار تحتاجه حكومات المنطقة المتأثرة بالأزمة في سياق خطط الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين.
تزايد السوريين المحتاجين ونقص التمويل
يعاني ملف الإغاثة السورية بحسب الأمم المتحدة من أزمة تتمثل بالتزايد المضطرد لتعداد السوريين المحتاجين للمساعدة والإغاثة، هذا التعداد الذي يسير منذ بداية الأزمة بخط متصاعد، ليرتفع أكثر من 3 أضعاف خلال 3 أعوام، من 4 مليون سوري محتاج إلى 13,5 مليون في 2015، مقابل الأموال المقدمة من المانحين الدوليين والتي لا تتزايد بالمستوى ذاته. (الشكل 1)
إلى أين ستذهب المساعدات في عام 2016؟!
المبالغ المطلوبة للأمم المتحدة في عام 2016 هي 7,73 مليار دولار، منها 3,18 مليار دولار للسوريين في الداخل موزعة على الحاجات الأساسية التي يشكل الغذاء 1,2 مليار دولار منها، أي نسبة 40% بينما يتوزع الباقي على المسكن وحاجات غير غذائية، كالصحة، والتعليم، ويتبقى ما يزيد على ربع النفقات غير محدد الوجهة بمقدار: 820 مليون دولار، وهي موزعة كما في الشكل (2).
أما الجزء الآخر من المبالغ المطلوبة في عام 2016 هو حوالي: 4,55 مليار لخطة الاستجابة في الدول المجاورة، موزعة عليها كما في الشكل (3).
حيث للاجئي لبنان والأردن الحصة الأكبر قرابة 70%، وهم الذين بلغ تعدادهم في نهاية 2015: 1,58 مليون سوري.
المبالغ (الموعودة) في المؤتمر!
قدمت مجموعة من الدول المانحة تعهدات بتقديم مبالغ للأمم المتحدة واللاجئين السوريين تبلغ بمجموعها 5,8 مليار دولار موزعة على أعوام عديدة وهي:
تعقد اليوم دول الغرب الاقتصادي والخليج العربي أول اجتماع لها حول مسألة إعادة الإعمار في سورية مع اقتراب نضوج حل سياسي، لتربط الإعمار، بتشكيل حكومة جديدة، ولتتصدى للملف الأبرز في المرحلة القادمة، وهو الذي قد يشكل إما عتبة لانتقال سورية إلى مرحلة بناء جديدة بيد السوريين، أو أساساً لإعاقة إقامة نموذج بناء سوري مستقل، وهو نموذج إعادة الإعمار السائد للدول النامية في المراحل السابقة، والذي رعته وساهمت به إلى حد بعيد دول المنظومة الغربية، والذي يؤسس لفئات اقتصادية ضيقة مرتبطة بالمانحين، ومساعدات وخطة إعادة إعمار، تؤدي إلى دول هامشية ومرتبطة وغير مستقرة كما في نموذجي لبنان والعراق، وغيرها.
فأية إعادة إعمار تريدها الدول التي كانت السباقة إلى فرض العقوبات على السوريين، والتي ترفض رفعها؟! أما الحكومة السورية التي لا تخصص في موازناتها مبالغ للإغاثة، وتعتبر أن مسألة انتشال السوريين هي من الواجبات الأممية، والتي لم تفتح حتى اليوم أي من ملفات الفساد المرتبطة بمسألة توزيع المساعدات التي تنتقل الكميات الكبرى منها إلى السوق السورية، فإنها ترد على انتقادها بعدم تمويل إغاثة السوريين في الداخل أو في دول الجوار، بأنها افتتحت 518 مركز إيواء، بينما تعلن بأن المستلزمات الرئيسية من غذاء وحاجات أخرى تتم بالتعاون مع الجهات الدولية، دون أن تنشر و توضح حجم إنفاق الحكومة من المال العام السوري على إغاثة ملايين السوريين في داخل البلاد وفي مخيمات اللجوء بالجوار ، الذين أصبح غذاؤهم ومأواهم وأساسيات حياتهم قضية دولية للاستثمار السياسي.