(شفافية الحكومة) هامش لردود تناسبها!
عقد رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 30-1-2016 مؤتمراً صحفياً دعا إليه الجهات الإعلامية المحلية كافة، المعنية بالشأن المحلي والاقتصادي، موضحاً أن الهدف من الاجتماع أن (نكون في خندق واحد)، أي الإعلام والسياسات الحكومية، وألا (نشتت الجهود) لأن السياسات (مستمرة ولن تتوقف)!.
قاسيون كانت ضمن الحضور وستستعرض خلاصة ما أرادت الحكومة قوله، وما لم ترغب بالإجابة عليه.
أغلب مداخلات الصحفيين نقلت تساؤل الشارع السوري الرئيسي اليوم، وهو ما مبرر ومآل السياسة الاقتصادية في رفع الدعم عن المواد الرئيسية، وبالتالي رفع مستويات الأسعار؟!.
وهنا كانت الإجابة واضحة، في إصرار رئيس الحكومة على استمرار سياسة (عقلنة الدعم)، مصححاً بأنها لا تندرج في إطار رفع للأسعار، وإنما هي لا تتعدى (تصحيح لتشوهات الأسعار السابقة)!، متحدثاً عن (فلسفة عقلنة الدعم) التي تنطلق من ضرورة (الإبقاء على السيولة لضمان متطلبات الصمود والتصدي) في ظل شح الموارد في الحرب! مؤكداً أنها تحقق تخفيضاً في الإنفاق الحكومي، وتخفف الفساد والهدر، وأنها سياسة متدرجة ومستمرة، (فاليوم تم رفع سعر الكهرباء إلى ليرة للكيلو، وتجري الدراسات إلى مزيد من الرفع بالتدريج..)، ممازحاً الصحفيين بأنه: (يتوعد بأن لا ترتفع الأسعار في الأيام القادمة، لكن بعد ذلك ما من وعود)!، وطالباً من الصحافة والإعلام المحلي أن يساعد الحكومة في نقل فحوى هذه الفلسفة للمواطن..
(على المواطن أن يتحمل المسؤولية)!
(ألا يعني إلغاء الدعم، ترك السوريين للفقر المطلق، فوسطي أجرهم 26 ألف ليرة، لا يكفي حاجاتهم الرئيسية التي تكلف اليوم 122 ألف؟ فكيف لدولة أن تصمد وشعبها فقير بالمطلق؟!)
كان رد رئيس الحكومة على مثل هذه المداخلة بأنه: (على المواطن أن يشارك في تحمل المسؤولية)، فالحكومة مستمرة بالدعم، وكل ما تحصله توزعه للأجور، مذكراً الصحفيين بأن الأجور قد حصلت على 4000 ليرة تعويض معيشي شهري، وحصلت على زيادة 2500 ليرة سورية إضافية، وأنه علينا أن نتفهم وضع الحكومة ونقدر إنجازاتها، فهي لا تزال تقدم أجوراً ورواتب!..
يتساءل رئيس الحكومة: (أتتخيلون..70 مليار كل شهر رواتب! ألا تسألون أنفسكم من أين تأتي؟!)، الإجابة البديهية للصحفيين بأنها تأتي من عمل السوريين وإنتاجهم الذي تحصل منه الحكومة على إيراداتها، ولَم يُعلق على ذلك!
(عدالة الحرمان) ومحاربة الفساد!
(السوريون مستعدون لتحمل المسؤولية، ولكن هل هناك عدالة في الحرمان؟ لماذا لم تتجه السياسات إلى إجراءات استثنائية، مثل توظيف الودائع الخاصة في المصارف، منع هروب رؤوس الأموال، تقليل تمويل مستوردات التجار، المتهربين ضريبياً، والأهم موارد الفساد؟!)
في رد رئيس الحكومة على المداخلة أعلاه، بدأ بالتنويه بأن الدستور السوري يحمي المال الخاص، وصحح رقم تمويل المستوردات للتجار، ليقول بأنهم يمولون فقط بأكثر من 580 مليون دولار، أما حول الفساد فـ(الحكومة تفتح ملفات الجميع)، و(هنالك أكثر من 1200 ملف فساد استردت الحكومة منها 10,8 مليار ليرة،) وحول ضآلة المبلغ المسترد من الفاسدين، أتى توضيح رئيس الحكومة بأن أغلب ملفات الفساد هي (ترهل إداري) وليست (فساداً مالياً)!!.
لم يسمع رئيس الحكومة تعقيباً مفاده أن: )حصة الفساد 30% من الناتج قبل الأزمة، أي ثلث الموارد لا بضعة مليارات)، لكنه أكد على أن سلطة الرقابة تصل الفاسدين جميعاً من الصفوف الأولى والثانية والثالثة.
(خارج السمع)
عدة مداخلات وأسئلة لم يتم الرد عليها، ومنها (تقييم الحكومة لتجارب التشاركية السابقة، كالمرافئ التي هرب مستثمروها، وشركات الاتصالات التي لم تسترجع الدولة ملكية أصولها وإيراداتها، وتقلص حصة الدولة من إيرادات بعضها...؟!)
ورغم ذلك أكد رئيس الحكومة على (شفافيته المعهودة)، إلا أنه اكتفى بتكرار الأرقام المعلنة رسمياً والتي تبرر الحكومة بها سياساتها، وأهمها الإدعاء بعبء (الدعم الكبير) والمستمر رغم تحرير أسعار المحروقات، وأسعار الكهرباء التي زادت 900% منذ ما قبل الأزمة!
(دعم الكهرباء لعام 2015 قد لا يتجاوز 157 مليار ليرة وفق بعض الحسابات، بينما أنتم تصرحون أنه زاد عن 400 مليار؟ ما هي طريقة حسابكم للتكلفة، ومن أين يأتي هذا الفارق البالغ 300 مليار ليرة، وأين ينفق؟!). رداً على ذلك اكتفى رئيس المجلس بالتأكيد على رقم الدعم الحكومي للكهرباء البالغ أكثر من 400 مليار، وهو الرقم الرسمي الوراد في الموازنة!.
أما التساؤل حول عدم إصدار قطع الموازنات، أي أرقام تنفيذ الحكومة الفعلية للإنفاق والإيرادات، والتساؤل حول عدم إعلان أرقام المكتب المركزي للإحصاء، وتكرار أرقام مشاريع الموازنات، أي (نوايا الإنفاق)، فهو الآخر مر دون رد رغم متسع (الشفافية الحكومية)!