رسوم الجمارك  تخسر أكثر من ثلث قيمتها

رسوم الجمارك تخسر أكثر من ثلث قيمتها

خفضت الحكومة التعرفة الجمركية على التجار خلال عام 2014، كواحدة من الرسوم التي تفرض على التجارة الخارجية التي لا تطالها جدياً ضرائب الأرباح. كانت نتيجة التخفيض وجمع التعريفات في نسب محددة أن طالت الرسوم بعض المواد الضرورية الأعلى استهلاكاً والتي كانت شبه معفاة، وأصبح هذا الرسم الذي يدفعه التاجر، محملاً على المستهلكين في أسعار المنتجات المحلية،  وحصلت السلع المستوردة الكمالية على تخفيض كبير في رسومها الجمركية ما ألغى إمكانية التمييز بين هذه السلع وسلع أخرى، لتصبح أعلى تعرفة جمركية 30%، بينما كانت تصل سابقاً في بعض المواد المستوردة إلى نسب رسوم أعلى (50-60-70-80-120-150%) تتباين حسب حاجات الصناعة المحلية للحماية، وحسب مستوى رفاهية السلعة، وشريحة مستهلكيها.

خفضت الحكومة التعرفة الجمركية على التجار خلال عام 2014، كواحدة من الرسوم التي تفرض على التجارة الخارجية التي لا تطالها جدياً ضرائب الأرباح. كانت نتيجة التخفيض وجمع التعريفات في نسب محددة أن طالت الرسوم بعض المواد الضرورية الأعلى استهلاكاً والتي كانت شبه معفاة، وأصبح هذا الرسم الذي يدفعه التاجر، محملاً على المستهلكين في أسعار المنتجات المحلية،  وحصلت السلع المستوردة الكمالية على تخفيض كبير في رسومها الجمركية ما ألغى إمكانية التمييز بين هذه السلع وسلع أخرى، لتصبح أعلى تعرفة جمركية 30%، بينما كانت تصل سابقاً في بعض المواد المستوردة إلى نسب رسوم أعلى (50-60-70-80-120-150%) تتباين حسب حاجات الصناعة المحلية للحماية، وحسب مستوى رفاهية السلعة، وشريحة مستهلكيها.

وفي خلاصة التشريع الجمركي المطبق مع بداية عام 2015، لخصنا سابقا أنه أتى كزيادة الرسم الجمركي على الكثير من المواد الخام الغذائية والداخلة في الصناعة، لينتقل بعضها من صفر، و 2% إلى 5% وهي الحد الأدنى الجديد، ولتتساوى المواد الخام على نسبة 5% سواء كانت ذهباً أم ذرة، أم سكراً! ، بينما أصبح مستورد السيارات الفارهة، والمجوهرات المصاغة وكافة السلع الكمالية يدفع ضريبة 30%، وهي النسبة ذاتها التي يدفعها مستورد الأدوات الكهربائية المنزلية الضرورية غير المنتجة محلياً، وغيرها من السلع المصنعة الضرورية التي لا تصنع محلياً في الظروف الحالية، والتي تتساوى تعرفتها على اعتبار بسيط هو كونها جاهزة للاستهلاك، دون أخذ اعتبار الرفاهية بعين الاعتبار!.


(سيشجع التجار) فهل فعل؟!

تفاخرت الحكومة بالتعديلات الجديدة، واعتبرت أن تخفيض الرسوم  وتوحيدها سيشجع التجار على التسديد، ويمنعهم عن تزوير بياناتهم!، وكان الهدف المعلن حكومياً هو زيادة التحصيل كما ورد على لسان المسؤولين في مرحلة تسويق وتبرير القانون، بينما بياناته توضح أن الهدف هو التخفيض، أما الحصيلة بعد عام فهي  تتضح من قراءة البيانات للعام الحالي بالمقارنة مع ما سبقه:


تراجع الإيرادات بالقيمة الحقيقية

وفق تصريحات الجمارك فإن إجمالي الإيرادات المحققة في عام 2014 بلغت 83,1 مليار ل.س، ووصلت في عام 2015 وهو عام تطبيق التعرفة الجديدة إلى  103,4 مليار ل.س، أي زادت بمعدل 24% عن عام 2014، إلا أن هذه الزيادة تحققت على أساس الليرة السورية، بينما بقياس القيمة الحقيقية للإيرادات الجمركية على أساس سعر صرف الليرة مقابل الدولار، نجد أن إيرادات الجمارك آخذة بالانخفاض فعلياً، وتحديدا في عام 2015 عما قبله، وخاصة أن سعر صرف الدولار/الليرة هو المعتمد في حسابات الجمارك والذي أصبح مؤخراً الأساس الذي تبنى عليه تصريحات الجمارك، حيث وسطي سعر الصرف المعتمد لدى الجمارك: 154 ل.س/$ لعام 2014، و300 ل.س/$ عام 2015، بحسب تصريح مدير الجمارك.
وبالتالي فإن نتيجة تطبيق قانون التعرفة الجمركية المخفضة هي انخفاض في الإيرادات الجمركية لصالح التجار المستوردين، ويلاحظ بأن حصيلة الرسوم الجمركية ازدادت بنسبة 7% بين عامي 2013 و 2014، مع ازدياد حجم المستوردات، بينما بعد تطبيق التعرفة الجديدة في عام 2015، فإن الحصيلة الحقيقية تراجعت بنسبة 37% رغم ازدياد المستوردات!.
المفارقة أن الحكومة تكيف مجمل سياساتها مع فكرة تحصيل الإيرادات، بينما هي في المقابل تخفض هذه الحصيلة في أرقام موازناتها ولعل هذا يخدم ذاك، فأن تقدر بأن الإيرادات منخفضة، يبرر السياسات لزيادة تحصيلها، ولكن بالمقابل هذا التحصيل لا يتم من مطارح الربح، بل تستخدم ذريعة انخفاض الإيرادات لتقليص النفقات العامة وإزاحة الدعم.


إيرادات الموازنة دائماً أقل!

على الرغم من أن قطاع التجارة الخارجية وبشكل خاص الاستيراد حقق ازدهاراً وانتعاشاً بالقياس بالقطاعات الأخرى، خلال الأزمة، إلا أن الحكومة تبدي تسامحاً عالياً في إيرادات المال العام وحصته من أرباح القطاع لتخفض الرسوم الجمركية، من جهة وتضع حصيلة تقديرية منخفضة في موازناتها بالقياس إلى الحصيلة المحققة.

تمويل المستوردات بمليارات الدولارات!

ينبغي مقارنة إيرادات الجمارك وهي حصيلة المال العام من التجارة الخارجية التي يتصدرها الاستيراد ، مع تراجع التصدير خلال الازمة عموماً وفي عام 2015 خصوصاً، حيث بلغ وسطي تمويل المستوردات اليومي 7 مليون دولار بحسب تصريح لرئيس مجلس الوزراء في نهاية عام 2015، أي أن الحصيلة السنوية قرابة 2,2 مليار دولار، بالمقابل حصلت الحكومة على 344 مليون دولار من المستوردين كحصيلة رسوم.


بين سورية ولبنان فوارق تهربية!

إن المقارنة بين سورية ولبنان يوضح  أن الواردات الجمركية السورية، وعلى الرغم من  أن نسبها ورسومها كانت أعلى من الرسوم الجمركية اللبنانية، فالحصيلة السورية أقل من الحصيلة اللبنانية، ما يدل على ارتفاع نسبة التهرب الجمركي في سورية.
قطاع التجارة الخارجية هو الموضع الذي يتركز فيه النشاط الاقتصادي الرئيسي (الشرعي) خلال الحرب، وبالتالي السيولة والأموال والموارد، ولذلك فإنك كيفما راقبت السياسة الحكومية المرتبطة بجوانبه ترى الانحياز واضحاً، فالدولارات (المركزية) تمول المستوردات والمستوردين حتى وإن كانت بوابة للتحول إلى السوق السوداء، وضرائب الأرباح تتجنبهم، ورسوم الجمارك تخفض لصالحهم، وكل سياسة تعبئة الموارد وتحصيل الإيرادات الحكومية، لا تطال حصصهم، لأنه ومع كل وفر أو ربح يحققه هؤلاء من جيوب عموم السوريين، تصل حصة هامة من الدخل إلى خزائن الفساد، وهذا مفتاح التسهيلات والتشريعات في زمن الليبرالية  الحرب أو خلالها.