(السورية الكورية) لتجهيزات الاتصالات.. معلقة برحيل الشركاء!

(السورية الكورية) لتجهيزات الاتصالات.. معلقة برحيل الشركاء!

توشك واحدة من الشركات العامة العاملة وفق نظام القطاع المشترك، والتي حققت أرباحاً منذ تأسيسها وحتى اليوم على الإغلاق والتصفية في منتصف العام الحالي، فالشركة السورية الكورية للاتصالات انتهى عقدها بعد أن امتنع الشركاء الكوريون عن التجديد، ومصير الآلات والعقود والعمال غير محدد حتى اليوم..

أقلعت الشركة السورية الكورية للاتصالات في عام 1996، وفق عقد مدته عشرون عاماً ينتهي بتصفية الشركة إذا لم يتم الاتفاق على التمديد بين الطرفين الشريكين المؤسسين، وهما المؤسسة العامة للاتصالات، التي تحولت للشركة السورية للاتصالات حالياً، المساهمة بـ 51% من رأس المال وتحصل على النسبة ذاتها من الأرباح، وشركة سامسونغ الكترونيكس الكورية الجنوبية التي ساهمت بـ 49% وتحصل على النسبة ذاتها من الأرباح.
عقد مجلس إدارة الشركة آخر اجتماع له بتاريخ 23-12-2015، وفشل السوريون في إقناع الطرف الكوري، بتجديد العقد لعدة سنوات، بالتالي ستطرح الشركة للتصفية، وستتوقف عن ممارسة نشاطاتها وأعمالها بتاريخ 31-5-2016.
 كان الهدف من إنشاء الشركة بناء على رغبة المؤسسة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية إقامة صناعة محلية، ونقل خبرة صناعة مقاسم رقمية آلية فرعية وريفية وهو ما تحقق، بعد أن كانت المؤسسة في عقد سابق قد تعاقدت مع شركة فرنسية، وبقيت 25 عاماً دون عمل يذكر، نتيجة صفقة استيراد مليون مقسم جاهز، ولأسباب أخرى..


 وسطي إنتاج أعلى من المخطط

احتاجت سورية لإقامة هذه الصناعة إلى حقوق ملكية وتشغيل نظم الاتصالات المحدودة عالمياً، والتي كانت محصورة بعدد أقل من الشركات العالمية بتاريخ توقيع العقد في عام 1995، في حين دخلت كل من الصين والهند ودول أخرى لاحقاً، وغالباً ما تشترط الشركات الكبرى لتوريد النظم، المشاركة في رأس المال والأرباح في حالة تصنيع تجهيزات الاتصالات، عوضاً عن توريد التجهيزات مفككة، أو تقوم بتوريد التجهيزات مصنعة جاهزة، فكان شكل العقد في حينه بالمشاركة مناصفة مع الدولة في رأس المال والربح، مقابل تصنيع التجهيزات المفككة في سورية، وتأمين الحاجات السورية، وتدريب الكوادر، مع تحقيق قيمة مضافة هامة في الصناعة.
الشركة المحدثة وفق العقد المشترك مع الكوريين استطاعت أن تنتج محلياً المقاسم الهاتفية بمقدار 1,57 مليون خط، وبمعدل تنفيذ وسطي 75800 خط سنوياً، وهو معدل أعلى من الوسطي المخطط  وفق العقد والبالغ: 50 ألف خط سنويا، إلا أنه بقي أقل من التقدير الأولي للحاجات السنوية السورية الوسطية والبالغ 150 ألف خط سنوياً.


قيمة عقود عشرات أضعاف رأس المال

بلغت قيمة عقود الشركة خلال 20 عام حوالي 138,8 مليون دولار، وهذه الأعمال قامت برأس مال تأسيسي 255 مليون ل.س فقط في عام 1995، تعادل في حينها 5,1 مليون دولار، بينما استطاعت الشركة أن تسترد رأسمالها خلال أربع سنوات من عملها، أي بدأت منذ عام 2000 بتسجيل أرباح سنوية، حيث بلغت الأرباح الصافية للشريكين 590 مليون ل.س حتى نهاية عام 2014، فيما سددت الشركة أكثر من 90 مليون ل.س ضرائب للمالية، أنتجت الشركة مقاسم ريفية وفرعية ووحدات النفاذ الضوئي ONA تتضمن بوابات الانترنت، بالإضافة إلى  الملحقات من علب ووصلات.


رفض التمديد والشركة معلقة!

رفض الكوريون بشكل نهائي تمديد العمل، وبناء على العقد الموقع في منتصف التسعينيات، فإن الاتصالات مضطرة لتصفية الشركة المحدثة بين الطرفين، مع كل ما تتطلبه من إجراءات وترتيبات ستؤخر إعادة الإقلاع بالعمل مجدداً، فمحدودية مدة العقد هي واحدة من أدوات إعادة ترتيب الشروط التي تتبعها الشركات العالمية تحت ضغط إيقاف العمل.
 تقف الشركة اليوم على عتبات التصفية، لتتوقف عقود لم تكن قد أتمتها بعد وليبقى مصير 62 عامل سوري يقومون بأعمالها كافة غير واضح حتى الآن، بالإضافة إلى أن مصير هذه الصناعة يبقى معلقاً، فما مصير حصة الشركة الكورية البالغة قرابة النصف، من سيشتريها ليستمر العمل في الظروف الحالية، أم أن التوقف النهائي قد يكون هو خاتمة عشرون عاماً من العمل الرابح وتأمين الحاجات السورية من المقاسم، ثم إدخال وحدات النفاذ وتأمين بوابات الانترنت؟


إنشاء شركة جديدة.. وتجنب انقطاع العمل

 يؤكد عمال الشركة وإداريوها السوريون في مذكرة رفعوها لمناقشة مصير شركتهم، على الحاجة الملحة للحفاظ على تجهيزات خطوط الإنتاج وبخاصة الجديد منها مع باقي التجهيزات الملحقة، وتفعيلها، والاستفادة منها في تصنيع تجهيزات مماثلة حديثة، وهي مهددة بالتحول إلى خردة في الظروف القادمة مع توقف عمل الشركة نتيجة التصفية، وعدم إيجاد حل سريع وتحديداً أنه لا يزال في مستودعات الشركة 160 وحدة نفاذ ضوئية بسعة تقارب 145 ألف بوابة بحاجة للتركيب والتشغيل في عقد لم يستكمل بعد،  كما يؤكدون على ضرورة المحافظة على الكفاءات السورية التي تأهلت في الشركة وعدم تعطيلها، لذلك يقدمون مقترحهم (بإنشاء شركة جديدة بالسرعة الكلية لصناعة تجهيزات الاتصالات وصناعات التجهيزات الالكترونية مع تطوير وتوسيع عملها، بحيث تتمتع بالمرونة اللازمة صناعياً وتسويقياً وتشمل تجهيزات الطاقة البديلة التي باتت حاجة ملحة، مع عدم وجود فترة انقطاع بين مرحلة تصفية الشركة الحالية وإنشاء الجديدة)، ويتم ذلك بشراء حصة الطرف الكوري، بالإضافة إلى ما سيتقاضاه الفريق الثاني (سامسونغ) ثمناً لحقوقه في الملكية الصناعية للشركة وهو مبلغ مقطوع  قدره 271 ألف دولار تقريباً، يدفعه الفريق الأول (الشركة السورية للاتصالات) فور تسديد الشركاء لحصصهم من رأس المال.
لذلك ينبغي لاستمرار العمل تأمين هذه المبالغ، للبحث عن شريك أجنبي آخر يؤمن نظم التشغيل التي لا يمكن إنتاجها سورياً، أو عن طريق شراء الدولة للحصة، وتأمين استمرار استيراد النظم والتجهيزات، من الدول الصديقة، والحصول على كافة الإيرادات للمال العام لا نصفها.
أما في حال بذل الجهود الفعلية لإنشاء شركة جديدة عقب التصفية، وتعذر ذلك يأتي المقترح الثاني للمذكرة والقائم على العمل على (إقرار إطار قانوني لاستمرار الشركة كوحدة اقتصادية مستقلة تابعة للشركة السورية للاتصالات) تكمل مهامها ذاتها، وتوسعها، وتقوم باستيراد التجهيزات من أموالها ومخصصات الحكومة للشركات الرابحة

 

هل يعاد العمال إلى بيوتهم أم إلى الأجور المنخفضة!

يعمل في الشركة 62 عامل، بعد أن كانوا 120 في بداية عملها، ما يدل على عدم التوسع في طبيعة النشاطات والأعمال، إلا أن هؤلاء العمال، يحصلون على مزايا ومكاسب بالمقارنة بعمال الجهات العامة الأخرى، وهي تعويضات بسيطة إذا ما قورنت بالخبراء الكوريين الذين كانوا يحصلون وفق العقد على أجر 66 دولار ليوم العمل في منتصف التسعينيات!.
فإن كانت مستويات الأجور لا تبتعد كثيراً عن الاجور العامة، إلا أن هامش التعويضات والمكافآت أعلى، فعلى سبيل المثال تقرر في الاجتماع الأخير حصولهم على مكافآت تعادل ثلاثة رواتب شهرية لكافة العاملين والمتعاقدين، كما تم منحهم تعويضات معيشية شهرية بما يعادل 75 $، تصرف حسب نشرة الصرف الرسمية، يطالب عمال الشركة أولاً بالحفاظ على شركتهم ووظائفهم، واستمرار نشاط الشركة وعملها، والإسراع بتشكيل شركة جديدة، بحيث يستمر العمل، وتبقى مستويات أجورهم وتعويضاتهم كما هي ولا يتم التراجع عنها، فالمطلوب أن ترتفع تعويضات وأجور الجهات العامة الأخرى، لا أن  يخسر عمال الشركة مكاسبهم في حال تصفيتها!.

 

27 ضعف
تأسست الشركة برأس مال 255 مليون ل.س يعادل 5,1 مليون دولا في عام 1996، ونفذت عقوداً قيمتها 138,8 مليون دولار، بإنتاج قيمته 27 ضعف رأس المال التأسيسي.

75 ألف
 يبلغ وسطي الإنتاج السنوي من الخطوط خلال عشرون عاماً 75800 خط سنوياً، وهي أعلى بنسبة تفوق 25% من الإنتاج الوسطي المخطط والبالغ 50 ألف خط، إلا أنها أقل بمقدار 50% عن التقدير الوسطي للحاجات السورية السنوية 150 ألف خط.


271 ألف $
سيتم تعويض الجانب الكوري شركة سامسونغ الكترونيكس، بمقدار 271 ألف دولار تدفعها الشركة السورية للاتصالات ثمناً لحقوق الملكية الصناعية للشركة.