عن أي شعب تتحدث اجتماعات (المركزي) و(الاقتصاد)؟!
اجتمعت وزارة الاقتصاد ومصرف سورية المركزي، بغرف التجارة والصناعة، ليناقشوا (حزمة جديدة من السياسات الاقتصادية والنقدية).
بحسب خبر المصرف المركزي بتاريخ 26-11-2015، فإن السياسات المقترحة تضع أهدافاً طموحة، أساسها تحقيق استقرار الأسعار للمواد الغذائية تحديداً، سواء المستوردة أو المنتجة محلياً، عبر دعم مستوردات، تجار استيراد المواد الغذائية (الأرز، السردين والتونة، الشاي، حليب الأطفال) وتجار استيراد مستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني، وتجار مستلزمات إنتاج السلع الغذائية الضرورية (السكر الخام، الزيوت الخام، البذار المعدة للزراعة، السمسم وغيرها). ليبدو كأن الحكومة تسعى لتامين غذاء السوريين، ومستلزمات إنتاجهم الزراعي بأقل التكاليف!..
الآليات والطرق الناتجة عن الاجتماع المذكور، لم تذكر بالتفصيل، إلا أن التركيز حسب الخبر المذكور، كان على حماية هؤلاء (التجار الضروريين) من تقلبات سعر الصرف، ليحموا بدورهم السوق والمستهلكين من هذه التقلبات، وتصبح الأسعار في السوق مستقرة..
وبالنتيجة فإن الآلية الأكثر استقراراً لمنح إجازات الاستيراد لهذه المواد، وتمويل مستورداتها عبر المصرف المركزي، عبر آلية البيع الآجل، تبدو هي الحل! بالإضافة إلى آليات لربط الاستيراد بالتصدير، فيرتفع (السقف اليومي لموافقات إجازات الاستيراد وفق تطور الرقم اليومي للصادرات)، و(ربط موافقات استيراد المستلزمات الزراعية بالتصدير الفعلي للمنتجات الزراعية).
ترى هل يمكن الوصول للأهداف الموضوعة انطلاقاً من (إدارة إجازات الاستيراد!)، أو هل يمكن حل مشاكل أسعار المواد الغذائية في السوق السورية، وأسعار كلف الإنتاج الزراعي والحيواني، وإنتاج الغذاء، انطلاقاً من التجار وتمويل مستورداتهم؟!
ترى هل تعرف الحكومة ما المشكلة الحقيقية في هذا السياق؟ أي هل تعلم بأن كلفة الغذاء الضروري لأسرة من خمسة أشخاص أصبحت أكثر من 50 ألف، والأجر الوسطي 26500 ليرة؟! وهل تربط ما بين هذا وبين قيمة الليرة، وتذبذباتها؟
الحكومة والسياسات تدير ظهرها للحقائق الكبرى، وتضع إطاراً ضيقاً للمشاكل، محصور بمستوى وطريقة وتدفق تمويل مستوردات التجار، وتجتهد لربطها بتصدير المواد الغذائية..
ولكن هل يمكن حل (المشكلة الضيقة) المرتبطة بتقلبات سعر الصرف، بآليات تمويل مستوردات التجار، وإدارة إجازات الاستيراد بمزيد (من الشفافية والاستقرار)؟! بالطبع لا، لأن تقلبات سعر صرف الدولار لم تعد مرتبطة بالتجار ومستورداتهم فقط، بل أصبحت مرتبطة بتحويلات قوى السوق الكبرى لأرباحها من ارتفاع الأسعار من الليرة إلى الدولار، أي مرتبطة بطلب الكبار على الدولار في السوق السوداء، التي أضحت تملك الكتلة الأهم من الدولار في السوق!.
على المصرف المركزي أو وزارة الاقتصاد عندما ينشرون خبراً عن إدارة شؤون التجار وتمويلهم، ألا يغلفوها بمقدمات عن أهداف استقرار أسعار المواد الغذائية ودعم المنتجين، التي تلامس شعور المواطن الذي بات بعرف من تمثل سياسات المصرف المركزي والحكومة.