تثبيت تراجع قيمة الليرة.. والغذاء الضروري ضعف التكلفة

تثبيت تراجع قيمة الليرة.. والغذاء الضروري ضعف التكلفة

خلال شهر خسرت الليرة نسبة هامة من قيمتها وصلت إلى 20% وفق أسعار السوق السوداء، وانتقل سعر الصرف التدخلي للمصرف المركزي من 227 ل.س/$  بتاريخ 25-3-2015 إلى 264 ل.س/$ بتاريخ 5-5-2015. حيث رفع المصرف المركزي سعره  التدخلي بمستوى 16%، وأطلق ضخ القطع الأجنبي في السوق.

بدأت فورة سعر الصرف في السوق السوداء بالانتهاء، ولكنها تركت رواسب كبرى، فنقلت المليارات من الليرات السورية إلى كبار أصحاب الربح، سواء من بيع الدولار بسعر مرتفع، أو من رفع مستوى الأسعار، ونقلت ملايين الدولارات من احتياطي المركزي إلى السوق أيضاً. وخلّفت وراءها خسارات كبرى طارئة ومستمرة لعموم السوريين، الذين فقدت ليرتهم -التي يتعاملون ويشترون من خلالها، ويقبضون أجور عملهم بها- الكثير من قيمتها.


الحكومة ثبتت مكاسب السوق!

يسود اليوم (تطبيل وتزمير) لإنجازات المركزي بتخفيض سعر السوق السوداء، بعد أن أغدق على السوق وعلى الصرافة بالقطع الأجنبي، فاتحاً لمؤسسات محددة عمليات شراء القطع الأجنبي والبيع للمواطنين، ولأخرى ضخاً لتمويل المستوردات للتجار، وبالفعل انخفض سعر صرف السوق السوداء، ولكن حدث الأسوأ حيث ارتفع السعر الرسمي أولاً، وثبتت الحكومة ارتفاعات مستويات الأسعار ثانياً، حيث رفعت بنسبة 30% أسعار المواد والحاجات الأساسية المستوردة من قبلها عبر الخط الائتماني، والموزعة في مؤسسات التدخل الإيجابي؟!
 تعتبر هذه الخطوة تثبيتاً لأثر المضاربة على الأمد الطويل، وتثبيتاً لانخفاض جديد في قيمة الليرة، التي لا تقاس بسعرها مقابل الدولار فقط، بل تقاس فعلياً بمقدار ما تشتريه الليرات السورية من مواد وسلع وحاجات.
فالسوق سحبت المليارات خلال شهر من جيوب الناس، والحكومة سمحت لها بسحب مستمر بمشاركتها بتثبيت ارتفاع مستويات الأسعار.

110 آلاف ل.س شهرياً لانتشال الأسرة من الفقر

تكلفة الغذاء الضروري الشهرية التي أصبحت تتطلب 72000 ل.س، تعتبر 3 أضعاف وسطي الأجور البالغ 24 ألف ل.س. وهذه المفارقة تدفع لاحتساب حدود الفقر العام أي الدخل الشهري اللازم لأسرة حتى تستطيع تأمين الحاجات الست الرئيسية (الغذاء- المسكن- الملبس- التعليم- الصحة- النقل).
اليوم لم تعد الأسرة تستطيع بأٌقل من 110 آلاف ل.س، أن تغطي حاجات غذائها الضروري 72000 ل.س، ولا تستطيع بأقل من هذا الحد أن تؤمن تكاليف الحد الأدنى لباقي الحاجات (المسكن- الملبس-التعليم- الصحة-النقل) والتي سنفترض أنها لم تتغير عن 1-2015 بعد ارتفاع سعر المحروقات، حيث كانت تبلغ 38 ألف ل.س تقريباً مقدرة بالحدود الدنيا للتكلفة ودون هامش لأي طارئ.
تحتاج أسرة من خمسة أشخاص إلى أن يعمل كل أفراد أسرتها: بالأجر الوسطي 24 ألف ل.س، وأحد أفرادها بأجر 14 ألف ل.س، لتبقى على حد الفقر وتؤمن حاجاتها الرئيسية.


الأجر الوسطي غذاء العامل الضروري لـ 40 يوم

المفارقة بين الأجر الوسطي للعاملين في سورية وبين تكلفة الغذاء الضروري للفرد، كبيرة، فالأجر الوسطي في سورية البالغ 24 ألف ل.س، يستطيع أن يؤمن غذاء العامل فقط لمدة 40 يوم. أما العامل بصفته معيل لأسرة، فعليه أن ينسى ذلك، ويطلق أسرته بصغارها وشيوخها لسوق العمل، ليحصل كل منهم على أجر قوت البقاء!.

 

إن هذه الوقائع تجد ترجمتها على أرض الواقع بأن أسرة فيها 4 دخول وسطية تراكم الديون وتبيع المدخرات، وتفسر فوارق الأجور والحاجات طوابير المصطفين لقبض الحوالات والمساعدات المالية، أو على أبواب الجمعيات، وتفسر أيضاً (ازدهار) سوق الأعمال غير الشرعية، وهجرة العائلات بأكملها في عرض البحر، وظواهر التسول، وعمالة الأطفال، وافتراش الطرقات وغيرها مما ابتلانا به أمراء المال والحرب.

 

التكلفة الشهرية لحاجات الغذاء الضروري فقط

ينبغي بعد موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة، أن نعيد احتساب تكلفة حاجات الغذاء الضرورية لأسرة سورية، التي تعتبر محدداً ومقياساً للقيمة الفعلية للأجور.
فبعد (نصبة السوق) وموجة المضاربة، وبعد مشاركة الحكومة والسياسات برفع سعر الصرف الرسمي وضخ الدولار للسوق كمكافأة، وبعد ورفع مستويات الأسعار من الحكومة والسوق بشكل مشترك، ارتفعت وبشكل كبير حاجات الغذاء الضرورية.

تكاليف الغذاء الضروري لفرد في أيار 2015

بالاعتماد على بيانات مؤتمر الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية (المؤتمر الوطني للإبداع والاعتماد على الذات( الذي عقد عقب أزمة الثمانينات، وحدد طريقة احتساب تكلفة الغذاء الضروري، انطلاقاً من حاجة الفرد اليومية  لـ 2400 حريرة فقط.
آخر حسابات تكلفة حاجات الغذاء الضرورية شهرياً للفرد كانت في شهر 1-2015، أي منذ أربعة أشهر تقريباً، وكانت التكلفة للفرد قد بلغت 6168 ل.س، وللأسرة 30900 ل.س شهرياً للغذاء الضروري فقط.


5-2015

حاجة الفرد اليومية الضروري من الغذاء حوالي 2400 حريرة:
• 1275 حريرة: 13 ل.س- الخبز 500 غ.
• 75 حريرة: 16 ل.س- البيض 50 غ. (شهدت أسعار البيض انخفاضاً هاماً عن شهر 1-2015 حيث وصل سعر البيضة 50 غرام تقريباً إلى 25 ل.س في الشتاء).
• 108 حريرة: 35 ل.س- الجبن 25 غ. (ارتفعت أسعار منتجات الأجبان والألبان بشكل هام وانتقلت التكلفة الضرورية للفرد من 20 تقريباً إلى 35 ل.س).
• 200 حريرة: 87 ل.س- اللحوم فروج50 غ- حمراء 25غ. (شهدت أسعار لحم الفروج انخفاضاً بسيطاً، إلا أن أسعار اللحوم الحمراء تضاعفت تقريباً مسببة ارتفاعاً في تكلفة اللحوم الضرورية يومياً للفرد من 45 ل.س إلى 87 ل.س).
• 65  حريرة:  40 ل.س- الخضار 250 غ.  (قُدرت التكلفة من وسطي أسعار 3 أنواع من الخضروات الأساسية، أو التي تعتبر في موسمها وهي: البندورة بسعر 150 ل.س للكغ- بطاطا 130- الثوم 200. ساهم  مكون الخضار بارتفاع كبير في السعر، حيث أن تكلفة الخضار اليومية الضرورية للفرد في شهر 1-2015 قدرت بحوالي 27 ل.س، حيث خضروات الشتاء كانت أقل تكلفة من الخضار في الفترة الحالية، والتي حملت أيضاً عبء الدولار المرتفع).
• 60  حريرة: 190 ل.س الفواكه 200غ. (الفواكه هي أحد أكبر المتغيرات خلال موجة الارتفاع الحالية، حيث تعتبر فواكه بداية الصيف مرتفعة السعر، ويضاف إليها أثر الدولار على بعضها والتكلفة محسوبة من وسطي 3 أنواع من الفواكه حالياً هي الأكدنيا بسعر 200 ل.س للكغ - موز 600- تفاح 150، بينما كانت تكلفة الفواكه الضرورية للفرد في بداية العام، 24 ل.س، ساهم في انخفاضها أسعار البرتقال والتفاح المنخفضة باعتبارها فاكهة الشتاء الرئيسية.
•  400 حريرة: 85,8 ل.س الحلويات 112 غ. (ارتفعت أسعار الحلويات بنسبة 30% تقريباً بين ارتفاع سعر السكر، وارتفاع أسعار معلبات المربى).
• 280  حريرة: 14 ل.س الأرز 70 غ. (ارتفعت أسعار الأرز في السوق، وأقل سعر لأردأ الأنواع 200 ل.س).


72000 ل.س للغذاء الضروري فقط!

كلفة السلة الغذائية للفرد يومياً: 480 ل.س.
كلفة السلة الغذائية للفرد شهرياً: 14400 ل.س.
كلفة السلة الغذائية لكامل الأسرة المكونة من 5 أشخاص شهرياً: 72000 ل.س تقريباً.
هذا وينبغي الإشارة إلى أن هذه التكلفة هي للغذاء الضروري فقط، مستثنى منه حاجات المشروبات الأساسية، وأنواع غذائية ضرورية كالسمك مثلاً. وإذا ما أضفنا تكلفة الشاي فقط كمشروب أساسي فإن تكلفة الغذاء الضروري ترتفع إلى ٧٣٥٠٠ ل.س.
تضاعفت تكلفة السلة الغذائية المذكورة خلال أربعة أشهر بمقدار 133%، وهو الارتفاع الأعلى خلال هذه الفترة القصيرة، حيث الجدير بالذكر أن التكلفة الشهرية للغذاء الضروري فقط، قد ارتفعت خلال ثمانية أشهر من 5-2014 إلى 1-2015 بمقدار 13% فقط!.