تحرير سعر المازوت.. السوق السوداء تنتقل للضوء
يعادل سعر ليتر المازوت السوري الجديد 0,62 دولار بسعر صرف 200 ل.س/$، بينما يعادل ليتر المازوت في لبنان 0.52 دولار. وصلت الحكومة السورية أخيراً إلى سعر عالمي محرر للمازوت المحلي، ما يلغي أسباب التهريب إلى لبنان بشكل رئيسي، التي لطالما وضعت في مقدمة ذرائع رفع الدعم عن المحروقات، وشكلت (الدرع) الرئيسي الذي يحتمي خلفه المدافعون عن هذه السياسة. ولكن هل هذه العملية ستوقف تسرب المازوت أو غيره من المحروقات إلى السوق السوداء وتلغي حصتها منه؟!
تفيدنا العودة إلى الدراسات الاقتصادية الموسعة التي أجراها باحثون اقتصاديون سوريون في مطلع الألفية، ونشرت في تقرير سورية 2025. حيث يمكن الاستنتاج بناء على الدراسة أن حصة التهريب كمجال عمل لكبار الفاسدين السوريين، بلغت عام 2005 ما يقارب (ربع القيمة الإجمالية لمستوردات المحروقات، وبنسبة 1,2% من الناتج المحلي السوري، بمقدار 18 مليار ل.س). واللافت أن جزءاً منها كان يسجل رسمياً في بيانات الحكومة تحت اسم صادرات قطاع خاص في زمرة (وقود وزيوت معدنية). ما دل بحسب التقرير على أن كمية 798 ألف طن من المحروقات تقريباً، وهي ربع القيمة الإجمالية للمستوردات، وتمثل 3,1% من الواردات الحكومية في عام واحد تعود للفساد، ولسوق التهريب السوداء. وفق تقرير سورية 2025في فصل (مرحلة انتقالية في بيئة داخلية وخارجية متغيرة- الصفحات 278، 292). حيث يعتبر التقرير بأن هذه النسب، توضح وجود زيادة مقصودة في المستوردات من المشتقات النفطية منذ مطلع الألفية الجديدة على الأقل.
إن وزن (حيتان) السوق السوداء في قطاع توزيع المحروقات، أكبر من أن يُلغى في ظروف الفوضى، وتغوّل السياسات الليبرالية الاقتصادية حالياً، وبالتالي فإن رفع الأسعار لا يمكن أن يعبر عن استهداف هؤلاء، وتحديداً أن حصصهم كانت تعتبر نسبة ومحدداً في كميات استيراد المحروقات المعلنة حكومياً!
تستطيع السوق السوداء اليوم أن تنقل نشاطها إلى الضوء، بعد أن سمح للقطاع الخاص باستيراد المازوت وبيعه في السوق السورية، وطالما أن سعر أنواع المحروقات الرئيسية كالمازوت والبنزين أصبحت غير مدعومة، فانها ستصبح متقلبة وفق الأسعار العالمية، ووفق ظروف الوضع السوري الأمني المضطرب، الذي سيتيح رفع الأسعار بشكل احتكاري وغير مضبوط، كما في السوق السوداء سابقاً.