قرار رفع الأسعار الأخير: استكمال المهمات الليبرالية وربح 73,3 مليار ليرة!
رُفعت أسعار المازوت والغاز والخبز والفيول في يوم واحد بتاريخ 17-1-2015 في سورية التي يطال الفقر كل أهلها باستثناء قلّة قليلة قد تقل عن 10% منهم. أصحاب القرار لم يروا أنهم مضطرون لتقديم (مبررات الرفع) على لسان الحكومة، كما كانت تفعل في كل رفع سابق. بل اقتصر التصريح الحكومي على التركيز على فكرة أن الخطوة هدفها (توحيد سعر المازوت)، على اعتباره (مطلب)!، وذلك بعد أن أدت الخطوة السابقة التي رفعت أسعار المازوت والبنزين في شهر 9-2014 إلى وجود سعرين مختلفين في السوق للتدفئة والنقل الداخلي، وآخر للصناعيين والاستخدامات الأخرى. ما أدى إلى انتقال جزء هام من إيرادات المازوت المسعّر بـ 80 ل.س إلى جيوب السوق السوداء، التي وحّدت السعر عند 150ل.س/لليتر، وصولاً إلى 230 ل.س/لليتر خلال موجة البرد الأخيرة.
المبررات السابقة كانت تشتمل على (ديباجات) محددة مثل، "الموارد الحكومية قليلة، التكاليف مرتفعة وناجمة عن الاستيراد وارتفاع سعر الصرف"، وكلا الفكرتين تخدمان الدعاية المتكررة بأن الدعم الحكومي السابق لأسعار المحروقات، هو حمل أكبر من طاقة الدولة السورية في ظروف الأزمة؟!
وانطلاقاً من الذريعة السابقة لعمليات رفع أسعار المحروقات والمواد المدعومة، المتعلقة بالموارد الحكومية المتراجعة وضرورة زيادتها، سنقدر الإيرادات المتوقعة للحكومة خلال عام قادم من المواد التي رفعت أسعارها، مقابل التكاليف التي ستدفعها الحكومة لأصحاب الأجور جراء التعويض الزهيد البالغ 4000 ل.س.
مقدار زيادة إيرادات الحكومة من خطوتها الأخيرة خلال عام 2015
سنعتمد في تقدير إيرادات عام 2015 من المحروقات على مبيعات محروقات في عام 2014 مضافاً إليها الزيادة في إيرادات المبيعات، بمقدار وسطي الزيادة على أسعار المواد المرتفعة في القرار الأخير، وكذلك الأمر بالنسبة للخبز.
388 مليار مبيعات محروقات 2014
بلغت مبيعات محروقات خلال 9 أشهر، أو الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2014: 291,300 مليار ل.س، وهي تتضمن المازوت والبنزين والغاز والفيول بشكل رئيسي بحسب تصريح لوزير النفط منشور بتاريخ 27-10-2014 على موقع بيانات وزارة النفط السورية.
أي بالتقدير الوسطي، فإن مبيعات الربع الرابع أو الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2014 ستبلغ: 97 مليار ل.س.
مع الإشارة إلى أن كل من المازوت والبنزين قد شهد ارتفاعاً في أسعاره منذ الشهر العاشر، إلا أن الأزمات وتراجع الكميات يمكن أن يعوض الفرق في المبيعات، ويجعل التقدير صحيحاً نسبياً.
تقدير مبيعات محروقات الإجمالية في 2014: 388 مليار ل.س تقريباً.
186,2 مليار ل.س مكاسب العام الجديد
بلغت ارتفاعات الأسعار الحالية:
المازوت: تغير السعر: 80- 125: النسبة 56%
الغاز: تغير السعر 1100 – 1500: النسبة 36%
الفيول: تغير السعر 50- 85000: النسبة 70%
البنزين: تغير السعر 100-130: النسبة 30%
وسطي ارتفاع إيرادات المحروقات: 48%.
أي أن مقدار الزيادة الوسطي في الإيرادات خلال عام قادم: 186,2 مليار ل.س.
وستبلغ إيرادات المحروقات التقديرية في عام 2015: 574 مليار ل.س مقرّبة.
2 مليار ليرة مبيعات الخبز و848 مليون زيادة!
بلغت مبيعات الخبز: 205 آلاف طن في 2014 بمقدار مبيعات 2,12 مليار ل.س، وفق تصريح رئيس لجنة المخابز الاحتياطية زياد هزاع في الشهر الاول من عام 2015.
أما نسبة ارتفاع سعر الخبز من 25-35 ل.س تبلغ: 40% ارتفاع.
وسطي ارتفاع مبيعات الخبز: 848 مليون ل.س.
لتبلغ إجمالي مبيعات الخبز في العام القادم: 2,97 مليار ل.س
ينبغي الإشارة إلى أن رفع أسعار الخبز، وزيادة الإيرادات الحكومية منه سبقها إعلان مدير عام المؤسسة العامة للمطاحن المهندس زياد بلة في جريدة الوطن المحلية، بتاريخ 10-1-2014 بأن استيراد الطحين سيتوقف خلال العام القادم تقريباً، وهو ما يلغي ذريعة رفع سعر الخبز، وارتفاع تكاليفه المرتبطة بارتفاع أسعار الطحين المستورد.
73,3 مليار ل.س أرباح الحكومة!
مجموع الإيرادات التقديرية الإضافية من المحروقات والخبز: 188,3مليار ل.س
المبالغ المدفوعة للموظفين: 115 مليار خلال سنة. أي توزع لحوالي 2,3 مليون موظف حكومي* على رأس عمله، ومتقاعد، بمقدار 48 ألف ل.س في السنة.
والفارق الذي ستحصله الحكومة خلال عام : 188,3- 115= 73,3 مليار ل.س.
* كان رئيس مجلس الوزراء قد أعلن في الشهر الخامس من 2014 أن: (عدد العاملين في القطاع العام يصل إلى 2.5 مليون عامل في الدولة)، والفارق بين عدد موظفي الحكومة الذي يعلنه "الحلقي"، والمعلن بشكل غير مباشر من خلال مبالغ التعويض التي من المفترض أن تشمل الجميع، يشير إما إلى عدم دفع مبالغ التعويض لجميع العاملين في الدولة، أو أن تصريحات رئيس مجلس الوزراء غير دقيقة!
هل من بديل لرفع الأسعار!
• رقم 73,3 مليار ل.س الذي ستحصله الحكومة كربح صاف، من الممكن أن يُحصل منه 50 مليار بالحد الأدنى في حال أبقت الحكومة حصة 50% من إيرادات شركات الاتصالات الخليوية.
• كان من المفترض أن تحصل الحكومة في 2014على أكثر من 34 مليار ل.س، كضريبة للأرباح التقديرية من قيمة مستوردات التجار التي يمولها المركزي بقيمة تقديرية تبلغ 3,65 مليار $، بينما لا تخطط الحكومة في 2015 إلا لتحصيل مبلغ 32 مليار ل.س من مجمل ضرائب الأرباح والتي تعتبر أرباح المستوردين جزءاً قليلاً منها فقط!.
المقارنات السابقة تهدف إلى الإشارة إلى أن الهدف الحكومي من رفع الأسعار، ليس زيادة الإيراد الحكومي بسبب الحرص على الموارد المتراجعة في ظروف الأزمة ويدل على ذلك الكثير من وقائع الفساد، وتجنب تحصيل المال العام من أصحاب الإيرادات الكبرى كما في حالة ضرائب المستوردين والاتصالات وغيرها. لذلك فإن الهدف متعلق بالسياسات الاقتصادية وأبعد من تحصيل الموارد.
هل انتهى الدعم؟!
يبدو أن الحكومة تسعى إلى التخلص من سياسة الدعم بشكل كلّي، والوصول إلى تحرير كامل للأسعار، وهي مهمة وضعها الليبراليون في سورية قبل الأزمة، وأنجزوها خلالها منتهزين فرصة الفوضى وكثرة الذرائع المتعلقة بارتفاع التكاليف المالية. لتبقى التكاليف الاجتماعية التي ستترتب على سياسات النهب من جيوب أصحاب الأجور وإفقارهم، خارج حساباتهم بشكل نهائي.