خطر «التشاركية» مجدداً وقائع وأرقام وتجارب ملموسة!
نزار عادلة نزار عادلة

خطر «التشاركية» مجدداً وقائع وأرقام وتجارب ملموسة!

في الاجتماعات الحكومية والتصريحات تطرح تشاركية القطاع العام مع القطاع الخاص وذلك لإعادة القطاع العام إلى العمل والإنتاج بوتيرة أفضل من السابق. اتحاد العمال يقول في تقريره الاقتصادي «إنه لا يعارض أية مساهمة للآخرين وكذلك لا يعارض التشاركية لكن النقطة الأهم والتي يؤكد عليها الاتحاد ألا يتم التفريط بالقطاع العام ويحذر من أن تكون التشاركية مدخلاً للتخلي عنه، لأن الوقائع خلال الأزمة الحالية وقبلها تقول إن القطاع العام سلاح اقتصادي بيد الدولة، وهذا السلاح يجب عدم التخلي عنه بل العمل على تطويره وزيادة فعاليته».

لن نجد فرقاً بين التوجه الاقتصادي الذي كان يطرح على الصعيد الاقتصادي عام 2004 ونفذ الجزء الأكبر منه وبين ما يطرح الآن عام 2014 سوى التلاعب بالألفاظ .

كان الطاقم الحكومي عام 2004 ما قبل وما بعد يعلن عن التمسك بالهدف الاستراتيجي وهو الإبقاء على تدخل الدولة والحفاظ على القطاع العام والتدخل في الوقت المناسب وتطوير القطاع العام وتحديثه ولكن في المقابل كنا نجد عشرات الشركات ومنها الرابحة تطرح للاستثمار وبعضها تم إغلاقه، وأكثر من وزير قال: إن إغلاق شركات القطاع العام بكاملها وإعطاء رواتب للعمال يحقق جدوى اقتصادية أكثر من عملها الحالي.

اعتراض ولكن

لا شك أن اتحاد العمال اعترض في السنوات السابقة على طروحات الحكومة واجراءاتها الاقتصادية ويعترض الآن ولكنه لا يعارض مساهمة الآخرين وكذلك لا يعارض التشاركية، السؤال هنا: من هم الآخرون ومن هم الشركاء؟ بشكل عام نستطيع أن نستعرض تجربة التشاركية الاستثمارية  في منشآت عديدة هامة ونتائج هذه الشركة، لنستنتج بالملموس المعنى العملي لما يسمى«التشاركية»

شركة وتشاركية

شركة التوكيلات التي كانت رائدة على مستوى سورية لغاية عام 2002 وقدمت للخزينة الملايين من القطع الأجنبي آلت إلى وضع سيئ بعد أن ثم إزالة صفة الوكيل الحصري عنها وسمح للقطاع الخاص أن يؤسس وكالات خاصة بلغت أكثر من 80 وكالة.

عام 2001 بلغ حجم البضائع الواردة إلى المرافئ بحدود 5.7 مليون طن بلغت أرباح التوكلات منها 157 مليون ل.س عام 2002 ارتفع الوارد إلى المرافئ إلى 8.473 مليون طن حققت منها التوكلات ربحاً قدره 648.6 مليون ل.س عام 2006 بعد أن نشطت الوكلات الخاصة بلغ جحم البضائع الواردة 12.7 مليون طن كان ربح التوكيلات منها 197.6 مليون ل.س وبهذا يظهر جحم الخسارة والكم الهائل من الأرباح التي جنته الوكالات الخاصة.

أيضاً الضرائب

بلغ جحم ما قدمته الوكالات الخاصة كضربية دخل على كل هذه الأرباح والمقدرة بحدود المليار ل.س عام 2005 مبلغاً قدره 4.882 مليون ل.س في حين حولت شركة التوكيلات العامة كضربية دخل من ربح قدره 203 مليون ل.س مبلغ قدره 69 مليون ويظهر بذلك الفرق الكبير أما في العام 2006 دفعت الوكالات الخاصة ضربية دخل مبلغ 4 مليون ل.س عن كل اعمالها في حين قدمت شركة التوكيلات العامة 69 مليون ل.س للعام نفسه ، مع التذكير بأن الوكالات الخاصة لم تستقدم وكالات خطوط صلاحية أو بواخر جديدة أو آليات ولم تقدم أي شيء سوى الركض وراء الأرباح على حساب خزينة الدولة. هل هذه التشاركية التي يتحدثون عنها يومياً؟

معامل الاسمنت

عام 2012 طرح مشروع بالتراضي بين شركة عدرا لصناعة الأسمنت ومواد البناء وبين الشركة العربية السويسرية للهندسة «أسيك» لتحسين أداء الخطوط الإنتاجية الثلاثة في شركة عدرا رقم العقد 34/2012 تاريخ 21/10/2012 قيمة العقد الإجمالية 44377500 ل.س فقط أربعة وأربعون مليون وثلاثمائة وسبعة وسبعون ألف وخمسمائة ليرة سورية.

المهم العقد لم ينفذ ولا ندري لماذا؟ ربما بسبب الأحداث في سورية.

عقود أخرى

مؤخراً أقر مجلس الوزراء مذكرة تفاهم مع مجموعة فرعون الاستثمارية لإقامة معمل أسمنت جديد في عدرا بقيمة 300 مليون يورو وقبل توقيع هذا العقد تم الاتفاق مع شركة تركية «ليبك» لتطوير معمل أسمنت عدرا ومدة العقد 15 سنه وقد درست وزارة الصناعة وتم الاتفاق أن يكون الإنتاج من 800 طن كلينكر باليوم إلى 2000 طن ومن 48.50 ألف طن في العام إلى 20 مليون طن وحصة أسمنت عدرا 700 ألف طن كلينكر في العام.

اما بالنسبة للمعمل الجديد في عدرا فإن مدة العقد 30 سنة ثم يعود للدولة بطاقة 80% . ومؤخراً اقترحت وزارة الصناعة تشكيل فريق عمل من المؤسسة والوزارة للتفاوض مع مجموعة فرعون لإعادة التوازن للعقد.

هذا يعني لم يكن هناك توازن وبشكل عام لم يتطور معمل أسمنت طرطوس وخالفت مجموعة فرعون كافة بنود العقد.

والمعمل الجديد مدة العقد 30 سنة وبعد ذلك يعود للدولة وهذا يذكرنا بمن يؤجر بيته لمدة 99 سنة.

مسلسل التشاركية لم ينته وما زالت اللجان تدرس، والمذكرات ترفع والاقتراحات تقدم للتشاركية أو الاستثمار..

رمال للاستثمار

حتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي كان معمل زجاج حلب يستهلك 22 ألف طن من الرمال الكوارتزية ومعمل زجاج دمشق 40 ألف طن، ويفيد تقرير فني صادر عن مناجم الرمال وعن المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية بأن الرمال الكوارتزية في سورية رمال نقية بيضاء متجانسة من ناحية تركيبها الحبيبي وأكثر تجانساً من ناحية تركيبها الكيميائي في عموم المناجم، ويوحي التقرير بحصر استثمار خامات الرمال لأغراض صناعة الزجاج والصناعات التي تتطلب أنواعاً معينة من الرمال وتعتبر خامات الرمال في القريتين من أهم وأفضل خامات الرمال في سورية.

ولكن لم يقم القطاع بإنشاء شركة إنتاجية صناعية موادها الأولية من الرمال، ولم تفكر الجهات الحكومية بإقامة منشأة للقطاع العام لاستغلال هذه الثروة.

إلى الخاص

تم اغلاق معمل زجاج حلب ومعمل زجاج دمشق ليس الآن وإنما منذ أكثر من عشر سنوات واعطيت تراخيص للقطاع الخاص لاستثمار هذه الرمال وبيعها رمالاً وليس لإقامة منشأة صناعية قربها أعطيت تراخيص وجرت محاصصات بين التجار وجهات وصائية وإدارية. 

القطاع الخاص حقق أرباحاً من استجرار الرمال بثمن بخس وبيعه في لبنان والأردن والجهات الحكومية كانت تتباهى بأن مبيعات الرمال وصلت إلى عشرات الملايين.

لن نغرق في بحث التفاصيل كانت هناك قرارات تصب جميعها في مصلحة حفنة من التجار والسماسرة.

تشاركية أيضاً

العقد العجائبي أيضاً مع شركة «لاسكو» اللبنانية لتوريد وتركيب وتشغيل معمل متكامل لإنتاج الزجاج المسطح بطريقة التقويم «فلوت» مقابل أن تسلم شركة الأسمدة شركة لاسكو أسمدة بقيمة 22 مليون يورو.

سلمت الأسمدة ولم يقم معمل الزجاج في حين كان الفلاح السوري يشتري السماد من السوق السوداء ومن شركة لاسكو ؟! 

شركة الورق

شركة وحيدة في إنتاجها الورق الأصفر وأكياس الأسمنت والورق الأسمر للكتابة وكان ممكن أن يطور إنتاجها سنة بعد أخرى بل قدمت إلى شركة «فيمبكس» استثمار وشراكة وتطوير والشركة الأجنبية أخلت بالاتفاق أو بالعقد ولم تقدم للدولة المستحقات المالية لقاء الاستثمار وتركت الديون عليها وتعثر الإنتاج هذا قبل الأحداث في سورية أما الآن فقد توقف المعمل.

الشركة تم تأجيرها لـ «فيمبكس» لقاء تطويرها وبمبلغ مالي سنوي وأخلت الشركة الأجنبية بالعقد لم تطور ولم تدفع الأجور 

السؤال

هل هذه هي التشاركية التي يتحدثون عنها يومياً في كافة الاجتماعات إذا كانت كذلك فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً، وهي كذلك من خلال نماذج التشاركية التي تحدثنا عنها والتشاركية هي هكذا بما هو قادم من خلال برامج الحكومة.