توزيع غير عادل للدخل الزراعي يهدد استمرار القطاع لا دخل ـ لا زراعة

توزيع غير عادل للدخل الزراعي يهدد استمرار القطاع لا دخل ـ لا زراعة

مزارعو البندورة لموسمين متتالين بلا دخل، وكذلك الأمر بالنسبة لأغلب من زرعوا البطاطا والحمضيات خلال الأزمة، حيث ينتج هؤلاء بتكاليف إنتاج متضخمة ترفعها ظروف الأزمة أولاً والسوق ثانياً، ويبيعون بأسعار مخفضة أقل من التكلفة تحددها السوق.. لينتهي جهد عام كامل بلا جدوى اقتصادية، أو بخسارة.. وبذلك، يلتغي تدريجياً الحافز الرئيسي لإعادة تجديد المزارعين السوريين لإنتاجهم الزراعي في ظروف الأزمة. وهذا تحديداً في الزراعات التي لا تطالها يد الدعم الحكومي الإنتاجي. التي تنسحب من دعم مختلف العمليات الإنتاجية، وتتركها تسير وفق (عفوية السوق)، بينما يتركز الدعم الحكومي في القرارات والتسهيلات وإلغاء الضوابط التي تقيد التجار، وفي الدولارات للمستوردين..

محرر الشؤون الاقتصادية 

يدفع السوريون على شراء البندورة مليارات الليرات السورية في كل عام، ويفترض أن توزع هذه المليارات على:

 ربح المزارعين الذين يدفعون التكاليف، العمال الزراعيين الذين يعملون طيلة عام في إنتاج البندورة، التجار الذين ينقلونها ويعرضونها.. اما الدولة فهي لا تتدخل في هذا القطاع لتتركه يعمل (بشكل عفوي حر)!! وهذه الليبرالية أوصلتنا إلى الواقع الزراعي الحالي خلال الأزمة: 

المستهلكون يدفعون الكثير/ المزارعون لا يحصلون على ربح أو تطالهم الخسارة/ العمال الزراعيون يحصلون على أجر يتحكم بمقداره التجار. 

بالنتيجة:  يمتنع المزارعون عن إعادة الإنتاج/ يخسر العمال عملهم/ ويربح التجار في كل الأحوال.

في طرطوس 121 ألف بيت بلاستيكي تزرع بالبندورة، زرع منها 57 ألف في بداية عام 2014، أي تراجع بمقدار النصف تقريباً.. والسبب أن المزارعين لا يحصلون على دخل، يزرعون مجانا أو بخسارة!!

تقديرات أولية

• 300 ألف طن إنتاج البندورة: من زراعة 50 ألف بيت بلاستيكي- بإنتاج 6 طن للبيت.

• 22,5 مليار ل.س دفعها المستهلكون: بيعت هذه البندورة في السوق بسعر وسطي 75 ل.س/للكغ.

• 16 مليار ل.س تكاليف: دفع المزارعون تكاليف العملية الإنتاجية بأكملها بتقدير 330 ألف ل.س كلفة البيت البلاستيكي الواحد موزعة على: مستلزمات إنتاج – أجور عمال- نسبة للتجار والسماسرة.

• باع المزارعون لتجار السوق بسعر التكلفة أو أقل.

• حصل التجار على أغلب الدخل الزراعي على ثلاث حلقات رئيسية: 1- تجار البيع جملة ومفرق/ 2- تجار مستلزمات الإنتاج/ 3- سماسرة وتجار سوق الهال.

• 2,4 مليار ل.س أجور 10 آلاف عامل- دخل 50 ألف شخص:

يحتاج 50 ألف بيت بلاستيكي إلى 10 آلاف عامل (العامل يخدم 5 بيوت)، بفرض أنهم يحصلون على دخل شهري وسطي 20 ألف ل.س، أي على مبلغ سنوي إجمالي: 2,4 مليار ل.س. محسوبة كجزء من التكاليف الإجمالية، وتعتبر تعويضاً عن قيمة عمل هؤلاء العمال الزراعيين مع أسرهم في البيوت طيلة عام.

ينبغي الملاحظة أن العمال يحصلون على هذا الأجر عن طريق حصة من الإنتاج 20-25%، يبيعونها للتاجر، وبالتالي هذا المبلغ معرض للانخفاض بشكل كبير، إذا ما باع العمال للتجار بسعر أقل من سعر التكلفة كما هي الحال.

عددهم: 10 آلاف شخص تقريباً. بينما يقدر عددهم مع من يعيلون (5 أشخاص في الأسرة)، بحوالي 50 ألف شخص.

• 1,3 مليار ل.س حصة السماسرة والتجار المباشرة

يحصل السمسار وتاجر الجملة على نسبة 8% من الإنتاج مباشرة، وهو مبلغ يقدر بسعر التكلفة 26400 ل.س من البيت البلاستيكي الواحد. حيث يحصل السمسار على 5 % من الإنتاج، والتاجر يحصل على نسبة 3% حسميات. بالتالي يحصل هؤلاء من إجمالي الدخل على مبلغ 1,3 مليار ل.س.

• 1,6 مليار ل.س حصة أرباح  7-8 شركات مستوردة 

تبلغ تكلفة مستلزمات الإنتاج التي يشتريها المزارع من الشركات المستوردة 109 آلاف ل.س للبيت الواحد، بفرض أن أرباح الشركات تبلغ 30% من السعر أي تحصل الشركات من المزارع على مبلغ 32700 ل.س للبيت الواحد.

32700 × 50000= 1,6 مليار ل.س موزعة على أقل من 7-8 شركات. 

وهي مرشحة للزيادة في ظل تناقص عدد الشركات، وتراجع كميات المنتجات في السوق بالتالي إمكانية احتكارها.

حصة المزارعين

يدفع المزارعون كامل تكاليف الإنتاج، وباختصار تكاليف العمالة المحسوبة سابقاً منها 2,4 مليار، وباختصار تكاليف السمسرة 1,3 مليار، وتكاليف ربح الشركات 1,6 مليار. مجموعها: 5,3 مليار ل.س

ما تبقى من التكاليف 11,2 مليار قد تعود للمزارعين كاملة إذا ما باعوا بسعر التكلفة، أما إذا باعوا بسعر أقل فإنهم يخسرون. 

إعادة التوزيع هي الحل

إذا لم توجد (حكومة الحرب) طريقاً لتغيير سياستها باتجاه ضبط هدر الموارد الحكومية، وتوجيه الجزء المطلوب منها لتأمين مستلزمات الزراعة بأسعار مخفضة، وإيجاد طرق لإيقاف توزيع كل الدخل الزراعي للتجار، فإن المزارعين السوريين لن يجدوا أي حافز يدفعهم لإعادة زراعة أراضيهم في المواسم القادمة..!

• 2,7 مليار ل.س: مبلغ كاف لدعم الدولة لمستلزمات الإنتاج الزراعي المستوردة بنسبة 50%، حيث أن مجمل تكاليف مستلزمات الإنتاج المستوردة اللازمة لـ 50 ألف بيت بلاستيكي تبلغ 5,4 مليار ل.س، يحصل منها تجار الشركات على 1,6 مليار ل.س بأقل تقدير.

• تخفيف نسبة السماسرة وتجار الجملة البالغة 8%، يتطلب من الحكومة أن تفتتح الأسواق الشعبية، وتكسر احتكار سوق الهال. وهذا يخفف السعر على المستهلك، ويزيد دخل المزارع.

• ليتبقى للتجار او المزارعين أو للعمال الزراعيين الذين يقومون بالنقل والعرض  في الأسواق الشعبية هامش ربح محق.

أي إجراء من الإجراءات السابقة هو كفيل بزيادة دخل المزارعين، وبالتالي حماية استمرار الزراعة في سورية، حيث يهدد سوء توزيع الدخل، عملية الإنتاج الزراعي ككل.