(الخاص) يخترق مجالنا الجوي.. وتحرير قطاع الطيران خطوة باتت قاب قوسين
تسعى مؤسسة الطيران المدني إلى منح التراخيص لعدد متزايد من الشركات الخاصة، بهدف إدخالها في مجال النقل الجوي، وصولاً إلى تحرير هذا القطاع، وزج القطاع العام الممثل بمؤسسة الطيران السورية في منافسة غير عادلة، كما رآها وزير النقل السابق يعرب بدر، وأيده في ذلك مديرة التخطيط في وزارة الاقتصاد سمر قصيباتي..
هذا التوجه، ليس من قبل مؤسسة الطيران المدني على وجه التحديد، إلا أنه هدف تسعى إليه عدة جهات منذ وقت سابق، وبات الظرف حالياً مع تشتت القرار الاقتصادي ووضوح الرغبة في إحكام قبضة الخاص على معظم القطاعات، مناسباً لتحقيق الغايات..
ترخيص الشركات لم يتوقف في الأزمة
واعتبرت مؤسسة الطيران المدني في ردها على تساؤلات (قاسيون) حول الهدف من إدخال القطاع الخاص في مجال الطيران، إنه انطلق في البداية مع تشميل مشروعات النقل الجوي وفقاً لمرسوم الاستثمار رقم /10/ لعام 1991 الذي ركز على توجه الحكومة بتفعيل القطاع الخاص ورفده باليد العاملة وتنشيط الاستثمار وإدخال مشروعات جديدة بهدف دعم القطاع الصناعي والتجاري والخدمي وتطويره والمضي قدماً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرة إلى مساهمة قطاع النقل الجوي الكبيرة، في تنمية حركة التجارة، ونقل البضائع، وتيسير حركة الأفراد، وانتقال رؤوس الأموال بين الدول، ومساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ورفد خزينة الدولة بالقطع الأجنبي.
وبينت مؤسسة الطيران المدني أنه قبل الأزمة تم الترخيص لشركة طيران واحدة للعمل في سورية، أما خلال فترة الأزمة فقد تم الترخيص لشركة ثانية للعمل في مجال نقل الركاب والبضائع، بينما تسلمت المؤسسة حالياً 8 طلبات للحصول على ترخيص شركات طيران لنقل الركاب والبضائع، وهذه الطلبات قيد الدراسة والمتابعة من قبل المديريات المختصة في المؤسسة العامة للطيران المدني.
ومن شروط الترخيص
أما عن الشروط الواجب توفرها للحصول على ترخيص شركة طيران، فهي محددة بالقرار الوزاري رقم /1301/ تاريخ 7/8/2011 الخاص بترخيص شركات الطيران، وطبقاً لقانون الطيران المدني رقم /6/ لعام 2004 وهي تتلخص بما يلي:
رأس مال الشركة: تنص الفقرة الثانية من المادة /3/ من القرار الوزاري السابق ذكره والمعنونة بـ «شروط الترخيص» بأنه: يجب ألا يقل رأسمال الشركة عن /70/ مليون ليرة سورية أو ما يعادلها باليورو بدون ثمن الطائرات.
ملكية الطائرات: تنص الفقرة الخامسة من المادة /3/ بأنه: يجب الحصول على شهادة مشغل جوي أن:
• تملك طائرة واحدة على الأقل وتسجيلها في السجل الوطني السوري للطائرات المدنية أو:
• استئجار طائرة واحدة على الأقل تحقق متطلبات الاستئجار من النوع الجاف (بدون طاقم) وبعقد مدته لا تقل عن سنة ميلادية واحدة، أو:
• أن تكون الطائرة مستأجرة بأي عقد استئجار لا تقل عن سنة ميلادية واحدة، بحيث تضمن المؤسسة بأن المشغل يمتثل لنظمها وقادر على القيام بالإدارة السليمة وتنفيذ نظم السلامة المعمول بها للطائرة وقد نص قانون الطيران المدني رقم /6/ لعام 2004 في المادة /24/ من بأنه: يشترط لتسجيل أي طائرة في السجل الوطني للطائرة المدنية أن تكون مملوكة أو مؤجرة لأشخاص عاديين أو اعتباريين متمتعين بجنسية الدولة.
وفيما يتعلق بالخطوط الممكن تخديمها، ألزم القرار الوزاري رقم /1301/ تاريخ 7/8/2011، مقدم الطلب في المادة /4/ «إجراءات الترخيص» بأن يقدم خطة عمل ثلاث سنوات تتضمن الجدوى الاقتصادية الأولية للمشروع، ومن خلال هذه الدراسة يمكن أن يقدم تصوراً للخطوط التي يريد التشغيل عليها، أما التشغيل الفعلي على خطوط معينة – بعد تأسيس الشركة وترخيصها- فيتم استناداً لاتفاقات النقل الجوي الثنائية، وبما يحقق أسس المنافسة بين النواقل وعدم الاحتكار وعدم التميز.
إيجابيات وسلبيات
ولا تزال قضية تحرير قطاع النقل الجوي في سورية، موضع جدل فيما يتعلق بإيجابيات هذه الخطوة وسلبياتها، إذ ترى الدراسات التي قدمتها كل من مؤسسة الطيران المدني ومؤسسة الطيران العربية السورية أن الهدف من تحرير قطاع النقل الجوي وخدماته هو إيجاد نوع من التفاعل والتكامل بين الناقل الوطني وشركات الطيران الخاصة، وأن التحرير يمكن أن يشمل جزءاً من القطاع أو القطاع بأكمله بناءً على التوصيات التي ستتوصل إليها اللجنة التي شكلت لذلك في وزارة النقل أواخر العام الماضي.
وتضمنت الدراسات المقدمة في هذا الشأن إعادة هيكلة مؤسسة الطيران المدني ودراسة إمكانية تحويلها إلى هيئة تحت مسمى هيئة الطيران المدني بهدف فصل الجانب التنظيمي عن الجانب الخدمي والتشغيلي مع الإبقاء على سلامة وأمن الطيران والنقل الجوي والحركة الجوية ضمن الهيئة، في حين تبقى إدارة وتشغيل واستثمار المطار لوزارة النقل.
أما الجانب المتعلق بالمطارات فقد اقترحت الدراسة المقدمة من مؤسسة الطيران المدني تطوير المطارات المدنية وإنشاء مطارات أو صالات ركاب وأخرى خاصة بالشحن، عبر وضع خطة مستقبلية لإنشاء شبكة هرمية من المطارات في جميع المحافظات، وهذه المطارات تمارس وظائفها كمطارات داخلية ومن ثم يمكن تحويلها أو تطويرها لتصبح مطارات دولية إضافة إلى تشكيل ضابطة عدلية ستمارس دورها بالرقابة على عمل الشركات وسيكون لها نظامها الخاص وبرنامج عمل لا يتعارض مع ما هو متبع في أعمال المراقبة دولياً.
وفيما يتعلق بالدراسة المقدمة من مؤسسة الطيران العربية السورية، فقد عرجت على أحد الجوانب المهمة وهو إمكانية إعادة هيكلة مؤسسة الطيران العربية السورية وتحويلها إما إلى شركة مساهمة مغفلة، وإما إلى شركة حكومية قابضة وتحديد أدوارها ووظائفها وخاصة المسائل التي تتميز بطابع اقتصادي إضافة إلى دورها في مسائل الخدمة والتشغيل وغيرها، واللافت خلال الاجتماعات التي عقدتها اللجنة بشأن مسألة التحرير، أنه تم طرح مقترح يتضمن إدخال الطيران الاقتصادي كجزء مهم في مرحلة من مراحل التحرير، وهذا النوع من الطيران يحل محل الباصات والقطارات وبأسعار اقتصادية وتنافسية، وهو يتمتع بتكاليف صيانة أقل وبمستوى تشغيل مرتفع يحقق عائدات مرتفعة.
كما بين مؤخراً، مصدر مؤسسة الطيران السورية أنه من شأن تحرير قطاع النقل، والذي يجري العمل عليه حالياً أن يحل جزءاً من هذه الأزمة، حيث تقدمت شركة خاصة سورية بطلب لتلعب دور الناقل الوطني في سورية ، وستقوم مبدئياً باستئجار طائرتين من الخطوط الملكية الأردنية لتباشر عملها بعد نحو أسبوعين ، علماً بأن عملها يتسم بالمرونة لكونها تمتلك القدرة المادية وليست مقيدة بروتين المؤسسة من حيث استدراج العقود وأفضل العروض لاستئجار الطائرات.
ومن ناحية ثانية، فقد تطرقت مديرة التخطيط في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية سمر قصيباتي إلى سلبيات هذا التحرير ومقترحات تجاوز هذه الأزمة، مبينة عدة معوقات تمنع تفعيل مثل هذا الملف مثل عدم توافر الخبرات الكافية لدى وزارة النقل لإدارة هذا الملف فنياً نظراً لحداثة التجربة وذلك باعتراف وزارة النقل نفسها، وعدم وجود الكفاءات والخبرات الكافية في سورية للعمل فيه، كما أن دخول القطاع الخاص إلى هذا المجال يعني إبعاد الطرف الحكومي بشكل شبه كامل وخاصة أن هذا القطاع يعاني من العمالة المترهلة والفائضة، أما القطاع الخاص فمن الممكن له أن يستقدم عمالته من الخارج غالباً، أما إن اختارها من الداخل فمن المتوقع أن لاتنجح التجربة إلا بعد فترة طويلة لعدم وجود عمالة محلية مؤهلة.
ومن ناحية ثانية فتحرير هذا القطاع يعني، حسب قصيباتي، انخفاض حجم العمل بالقطاع الحكومي ونقص أرباح مؤسسة الطيران التي تعاني بالأصل من الخسائر، مايوجب عليهم تمكين عمالتها وموقعها في السوق قبل التحرير، والعمل على زيادة أرباحها وإثبات مرونة فعلية في استجرار عقود لشراء طائرات جديدة أو تفعيل ملف التشاركية بين القطاعين العام والخاص مؤكدةً بأنه مالم تؤخذ هذه الأمور بعين الاعتبار فلا داعي لتحرير قطاع النقل الجوي حالياً.
وفيما يخص تساؤلنا عن حجم أسطول المؤسسة السورية للطيران، فلم تقدم مؤسسة الطيران المدني أي معلومات حول هذا الموضوع.
السورية للسياحة تدخل المجال
وفي سياق ذي صلة، كشف حديثاً مدير الشركة السورية للسياحة ناصر قيدبان أن رئاسة مجلس الشركة وافقت على إنشاء شركة طيران تجاري سياحي بغرض تشغيل رحلات نظامية وعارضة على كافة النقاط التي لها جدوى اقتصادية باسم "فلاي سيريا".
وقال قيدبان إن رأسمال الشركة يبلغ نحو 3 ملايين دولار منها نفقات تاسيس وتشغيل ضمن خطة لعشر سنوات تبدأ بطائرتي ركاب وطائرة شحن استئجار بقصد الشراء إلى أن يتم الوصول إلى أسطول مكون من 40 طائرة".
وانخفض عدد الطائرات العاملة لصالح مؤسسة الطيران السورية من 11 طائرة في عام 2007 إلى 4 طائرات في عام 2009، وتعاني المؤسسة من نقص في أسطولها لعدم قدرتها على شراء طائرات في الفترة السابقة نتيجة الحظر المفروض من الشركات الأمريكية التي تمتلك أسهماً في أغلب الشركات المتخصصة بصناعة الطائرات.
إذ تحظر العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية، بيع الطائرات وقطع الغيار إلى سورية من أي شركة أمريكية، وأي شركة غير أمريكية تكون عشرة في المائة من معداتها أمريكية الصنع.