رفع الدعم بين الاستسهال وتبديد الإمكانيات..!!
تظهر في لحظة الأزمة العديد من الإمكانيات المتاحة التي تخلقها الحاجة الشديدة التي يفرضها الظرف الاقتصادي الصعب، فتراجع الموارد يحول الدعم الحكومي الذي يشمل قطاعات متعددة عدا عن الدعم الاستهلاكي إلى محط أنظار كل من «يستسهل» أو «يستقصد» الحلول السريعة التي ترمي إلى التراجع الكلي عن الدعم تحت ذريعة «موارد الدولة المتراجعة»
فقطاعات رئيسية تمثل «عصب الاستمرار» من غير المسموح اليوم إزالة «الغطاء الحكومي» المتمثل بالدعم عنها. وفي مقدمتها القطاع الزراعي، وبينما تظهر أصوات وجهات حكومية تدعو إلى إزالة الدعم، تظهر أصوات أخرى ومؤسسات أخرى تقدم مبررات موضوعية تتيح إمكانية استمراره مع تخفيضه.. وهو ما يجري بين المصرف الزراعي من جهة، وبين المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية من جهة أخرى.
اقتراحات الزراعي
تشير معلومات من وزراة المالية أن المصرف الزراعي الذي يقدم الأسمدة بأسعار مخفضة للمزارعين، ستترتب عليه خسائر باهظة في حال استمر بهذه العملية، وقد قدم المصرف الزراعي خلال الفترة الماضية جملة من المقترحات التي تعكس «سياسة تقشفية» من إيقاف قروض القطن التي يقدمها للمزارعين، إلى المطالبة برفع أسعار أنواع السماد.
يقترح المصرف الزراعي رفع أسعار الطن من أنواع السماد المختلفة بالشكل التالي:
رفع سعر الفوسفات السوبر 40 ألف ل.س/طن، عوضاً عن سعر 31 ألف ل.س/طن
رفع سعر سماد اليوريا إلى 37 ألف ل.س/طن عوضاً عن 30 ألف ل.س /طن
رفع سعر نترات الأمونيوم إلى 18 ألف ل.س/طن عوضاً عن 16 آلأف ل.س/طن
يعلن المصرف الزراعي أن خسارته من تقديم الأسمدة بالأسعار الحالية تبلغ حوالي 3462 مليون ل.س.
رد المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية
ردت المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية على مقترح المصرف الزراعي، وإنذار وزارة المالية، بأن تحميل المستهلك والمزارع لرفع السعر غير مقبول في هذه الظروف أولاً، ويجب البحث عن جهة حكومية تتحمل هذه الخسائر، أما ثانياً فإنه قبل الحديث عن رفع السعر يجب التدقيق في البيانات التي تقوم عليها مقترحات المصرف الزراعي وتصحيح بعض الأسعار المضخمة، وثالثاً وهو الأهم أنه يجب البحث عن الإمكانيات الصناعية التي تخفض الخسائر عن طريق زيادة الأسمدة المنتجة محلياً.
ترى المؤسسة العامة التي تعتبر شركة الأسمدة أحد فروعها ان توجه المصرف الزراعي ووزارة المالية إلى تحميل المستهلكين لأعباء إضافية في أهم مستلزمات الإنتاج الزراعي والاستراتيجي منه تحديداً، سيؤدي إلى جملة من الخسارات وعدم القدرة على الإنتاج وارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وهذا آخر المطلوب في الظروف الحالية التي تواجه فيها الزراعة وتأمين المواد الغذائية صعوبات غير عادية، تتطلب من الجهات الحكومية المرتبطة أن تتعاون لا أن تزيد الأعباء.
أما بخصوص الأرقام التي من المفترض أن يعاد تدقيقها فتشير المؤسسة إلى تقديرات خاطئة للمصرف الزراعي وهي من حيث رفعه لسعر التكلفة للطن، وتخفيضه لكميات الإنتاج المحلي مما يزيد من تكلفة السماد الفوسفاتي، ورفعه لتكلفة النقل المقدرة.
تعليق المؤسسة ومقترح بديل
نلخص هنا أهم النقاط التي جاءت في تلعيق المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية على مقترح المصرف الزراعي:
يجب عدم تحميل مستهلكي السماد أي المنتجين الزراعيين، والمستهلك النهائي للمواد الغذائية، لرفع أسعار الأسمدة.
يجب البحث عن جهة تتحمل خسائر فروقات الأسعار، وقد يكون صندوق دعم الإنتاج الزراعي.
تدقيق سعر تكلفة الطن الذي يقدره المصرف الزراعي من 2100 ل.س ليخفض إلى 1200 ل.س وبتقدير المؤسسة المنتجة هو الرقم الأدق.
تدقيق حجم الإنتاج المحلي المنخفض الذي يقدره المصرف الزراعي بـ 30 ألف طن، ليحتسب على أساس 60 ألف طن، مما يخفض من تكاليف الاستيراد.
إعادة النظر بتكلفة نقل الطن الذي يقدره المصرف الزراعي بـ 2100 ل.س.
البحث عن بدائل لتخفيض تكاليف الدعم المقدم للأسمدة لتشمل على سبيل المثال: تخفيض عمولة اتحاد الفلاحين، تخفيض نسبة النفقات الإدارية المقدرة من المصرف الزراعي.
إمكانيات موجودة
تفتح المؤسسة العامة للصناعات الكيماوية من خلال فتح موضوع أسعار الأسمدة جملة من الموضوعات التي تخص نشاط الشركة العامة للأسمدة وإمكانيات تخفيض كلفها، وتطوير إنتاجها، حيث أن كلا الجانبين يؤديان مباشرة إلى تخفيض كلفة دعم السماد، وبالتالي تخفيض خسائر المصرف الزراعي، أو الجهة الحكومية التي من الممكن أن تتحمل هذه الفروق في الأسعار.
أولاً تخفيض التكاليف: كل من الغاز الطبيعي والفوسفات التي تقدم للشركة العامة للأسمدة، هي منتجات وطنية، ومسعرة بسعر مرتفع من الممكن إعادة النظر بأسعارها لتخفض من تكاليف السماد المنتج محلياً، وليصبح: سعر المتر المكعب من الغاز الطبيعي (5 ل.س) بينما تحصل عليه الشركة بسعر 8 ل.س وهو أعلى من متوسط الأسعار العالمية. وكذلك طن الفوسفات من الممكن تسعيره بسعر (1500 ل.س) بدلاً من (3000 ل.س ).
ثانياً زيادة الإنتاج للوصول للطاقة المتاحة: تضيف المؤسسة أن السماد المستورد هو العبء الأساسي في فروقات الأسعار التي يتحملها حالياً المصرف الزراعي، وبالتالي الحل بزيادة الإنتاج المحلي عن طريق تشغيل معمل السوبر فوسفات بالطاقة المتاحة (260 ألف طن) سنوياً الذي يغطي الحاجة الإجمالية من هذا السماد. وبحسب المؤسسة فإنها تعمل على زيادة الإنتاج من خلال تأهيل المعمل بالتعاون والتنسيق مع إحدى الشركات الإيرانية، كذلك بالنسبة لمعمل الأمونيا ويوريا من الممكن الوصول بتشغيله إلى الطاقة المتاحة البالغة (270 ألف طن) من خلال تأهيل المعمل وهو ما يتم العمل عليه أيضاً بالتعاون مع شركة إيرانية.