عين مطوري قانون الاستثمار على زيادة الإعفاءات!
لم يجد القائمون على تطوير مناخ الاستثمار قي البلاد، والساعون لتعديل مشروع قانون الاستثمار، ما يواكب متطلبات المرحلة الحالية، وما ينسجم مع مرحلة إعادة الإعمار، أكثر من ضرورات زيادة الإعفاءات الكبيرة أساساً، والتي تتصل بالضرائب والرسوم ضـمن أجندة مشروع قانون الاستثمار الجديد، في خمس مناطق تنموية بنسبة تصل لـ100% وأدناها 15%، على أمل جذب الاستثمار والمستثمرين كما يدعون
ولكن هل ستنجح هذه الاعفاءات في جذب المستثمرين؟! وهل من الضروري تحفيزهم.. وهل ستعوض تلك الاستثمارات إن أتت الحصة التي فقدتها الخزينة العامة من الأموال لتشجيع قدومهم والاستثمار في البلاد وتجر التنمية والنمو للاقتصاد السوري؟!
تتمحور دوافع المستثمر على الربح، فكيف تعول الحكومة على القيام بمهمات إعادة الاعمار والنهوض ببلاد طالها الدمار بالاعتماد على عنصر ضيق جداً هو جذب المستثمرين وتقديم الإعفاءات لهم.. فإن على الحكومة أن تحقق من وراء ذلك أهدافها الاقتصادية التي تنسجم مع سياستها العامة؟! وبفرض أن موارد المستثمرين هي الموارد الوحيدة الممكنة وعلى الحكومة أن تسعى لجذب الاستثمارات، ولكن ليس على حساب الإيرادات الضريبية، والخزينة العامة، والمواطن السوري الذي سيتحمّل تبعات هذا التخفيض لاحقاً في المحصلة النهائية؟! فنحن نقدم إعفاءات سخية للمستثمرين ودون حساب..
أولويات استثمارية
على الاستثمار أن يساعد في تطوير الإنتاج المحلي في الزراعة والصناعة بشكل أساسي، عبر نقله التكنولوجيا الحديثة على هذا الصعيد لزيادة القدرة التنافسية للإنتاج الوطني لزيادة المنافسة في الاقتصاد الوطني، لا أن تكون القطاعات الخدمية محور استثماره ونشاطه، وبما يعود بالفائدة على المستثمر وحده، وعلى الاستثمار أن يساهم في خلق فرص العمل لشرائح واسعة من السوريين، وبما يخفّض معدلات البطالة المرتفعة التي وصلت إلى 50% تقريباً في الوقت الحالي، وعلى الاستثمار القادم أن يحقق نمواً اقتصادياً ينعكس على أغلب الشرائح الفقيرة من المجتمع، عبر توجيه عمليات الاستثمار على مجالات الاقتصاد الحقيقي، وبما يساعد في زيادة النشاط الاقتصادي، وبما يوفر من مطرح جديد للضرائب ليساهم بدوره الطبيعي في زيادة الإيرادات العامة للدولة..
استثمروا سورية لمصلحتهم!
في الماضي القريب، مرت البلاد بتجارب تشجيع الاستثمار وقدمت سورية خلال عامي 2000- 2005 حوالي 1200 قانون مرسوم وقانون إداري في إطار ما سمي تهيئة البيئة التشريعية لتحفيز المستثمرين.. حيث احتلت سورية في عام 2005 المرتبة الرابعة بين الدول العربية في جذب الاستثمارات البينية العربية أي رؤوس الأموال الخليجية بشكل رئيسي.. ليتدفق في عام 2004 حوالي 427 مليون دولار رؤوس أموال إلى سورية، وارتفعت في عام 2005 إلى 1672 مليون دولار.. وجه أغلبها إلى الاستثمار بصيغة نظام الـ B.O.T (بناء- تشغيل- نقل تحويل) في قطاعات العقارات والمصارف والسياحة والمجمعات الخدمية الضخمة التي تحوي الفنادق وقاعات المؤتمرات والمطاعم وغيرها.. ولذلك على الرغم من تدفق هذه الاستثمارت والمبالغ فإن النمو الحقيقي في الاقتصاد السوري لم يتعد 1-2%، وتراجعت الزراعة والصناعة في تلك المرحلة..وصبّت تلك الموارد الخارجية في قطاعات خدمية وغير حقيقية، ولم تنعكس ملايين ليرات الاستثمار وملياراتها بالنتائج الجدية على الاقتصاد الوطني والمواطن، واقتصرت الفائدة على زيادة أرباح اصحاب تلك المشاريع دون سواهم، ما جعل من الاستثمار في حينها بوابة لاستغلال الموارد البشرية والاقتصادية والمالية المتوفرة بما يخدم زيادة أرباحهم المستثمرين فقط، ليكون هؤلاء قد استثمروا سورية لمصلحتهم لا العكس..