زيلينسكي مستعد لقمة مباشرة مع بوتين.. ولكن؟
يستمر الغربيون بالمضي في مناوراتهم وحيلهم البائسة والمفضوحة حول الملف الأوكراني، ليخرج الرئيس فولوديمير زيلينسكي معرباً عن رغبته بعقد جولة ثالثة من مفاوضات السلام الروسية– الأوكرانية، بل واستعداده لعقد قمة مباشرة على مستوى الرؤساء، بعد أسبوعين حافلين من التصعيد والاستفزازات السياسية بما فيها عقوبات أوروبية جديدة، وتسليح أمريكي– أوروبي جديد، والتهديد الأمريكي بفرض رسوم جمركية بنسبة 100٪ على روسيا وشركائها التجاريين، التي تعني وتهدف عملياً لنسف مفاوضات السلام.
هناك سيناريوهان اثنان محتملان خلف إعلان زيلينسكي.
الأول: هو ظنّه وشركائه أن التسليح الجديد بقيمة 10 مليارات دولار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتمويل أوروبي، والذي يتضمن أنظمة باتريوت وصواريخ توماهوك وغيرها، قد جعل من موقف أوكرانيا التفاوضي أكبر وزناً.. ومثل هذا الظنّ يعبّر عن فشل حقيقي بقراءة الأمور، فالمعركة على الأرض خلال ثلاث سنوات قد شهدت ما هو أكبر من هذا التسليح بعشر مرات، دون تحقيق أدنى تقدم أوكراني، وكانت ذروتها «الهجوم المضاد» الذي انتهى بخسائر أكبر.
الثاني: هو التصعيد على موسكو ودفعها بعيداً عن عقد أيّ جلسات تفاوض عبر تلك الاستفزازات السياسية سابقة الذكر، ثم الضغط عليها وشيطنتها إعلامياً، وفق سرديّة أن «زيلينسكي يريد السلام وبوتين هو من يرفضه» ومثل هكذا أمر لا يؤثر على موسكو شيئاً بطبيعة الحال، حيث أنه موجه للداخل الأوكراني والأوروبي والغربي بالدرجة الأولى والرئيسية، باستمرار تحضير وتجهيز هذا الرأي العام لـ «حرب أبدية» لا تنتهي، بما فيها من تهديد على أوروبا نفسها، وبالتالي، تبرير حالة العسكرة والتمويل لأوكرانيا من جيوب دافعي الضرائب الأوروبيين.
وعلى أيّ حال، أكد زيلينسكي: أن المباحثات المتعلقة بتبادل الأسرى لا تزال مستمرة مع الجانب الروسي، و«نواصل تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها في الاجتماع الأخير بإسطنبول، والفريق يعمل حالياً على عملية تبادل أخرى».
إن هذا التأكيد هو الأمر الوحيد ذي الإشارة الإيجابية، ومن جهة أخرى، لم تعلق موسكو على إعلان زيلينسكي الأخير بعقد قمة على مستوى الرؤساء، وهو أمر بعيد الآن بطبيعة الحال، لكن من الممكن عقد جولة ثالثة من محادثات إسطنبول.
روسيا تدرك وتعلن أن معركتها في أوكرانيا هي مع الغرب الجماعي، والنظام الأوكراني ليس سوى وكيل نازيّ جديد لهم في هذا الأمر، وعليه فإن أيّ محادثات مباشرة مع زيلينسكي لا تعني شيئاً، حينما يكون القادة الفعليون في أوروبا والولايات المتحدة، ومن جهة أخرى فإن أيّ محادثات مباشرة من هذا النوع مع هؤلاء القادة– وليس مع زيلينسكي– لا تعقد قبل أن يسبقها تفاهمات فعلية ونهائية تحقق أهداف العملية العسكرية الروسية الخاصة بحياد أوكرانيا، وتحييد خطر الناتو الاستراتيجي عن روسيا، لتكون القمة بمثابة بروتوكول يضع النقاط الأخيرة فقط.. ومثل هذا الأمر لا يبدو أنه ممكن على المدى القريب، وبذلك فإن إعلان زيلينسكي أيضاً يشكل قنبلة دخان جديدة.
وبينما يقوم الأوكرانيون بمناوراتهم الإعلامية تلك، تتقدم القوات الروسية بشكل مستمر على الأرض ميدانياً، بل وبشكل ووتيرة أسرع مما مضى، وخلال الأسبوع الماضي جرى تقدم واسع في مقاطعات دونيتسك وخاركيف وسومي.. ولا بد من التذكير، أن ما يجري ميدانياً من تقدم روسي متسارع، هو بمثابة الردّ الهادئ والأقسى حقيقةً على العملية الأوكرانية التي استهدفت القاذفات الاستراتيجية الروسية سابقاً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1235