موسكو تمضي بمسارها في أوكرانيا دون تغيير
تتابع موسكو تقدمها بخطاً ثابتة، متواصلة، وبوتيرة محددة دون تغيّر، ودون تأثر بالضربات الخاطفة لأوكرانيا والغربيين من خلفها، حيث استكملت تنفيذ اتفاقات تبادل الأسرى، وتسليم جثث مع أوكرانيا، استناداً لمخرجات اجتماعات إسطنبول، مؤكدةً استعدادها إجراء مفاوضات جديدة، في حين تتقدم ميدانياً بتحرير أراض جديدة.
تنفيذ اتفاقات إسطنبول
أفشلت موسكو من جديد مساعي الغرب لاستفزازها واستدراجها نحو تصعيد عسكري خطير يتمنونه، بعد الضربة التي تلقتها موسكو لقاذفاتها الاستراتيجية قبل أسبوعين، فلا يبدو أن موسكو قد غيّرت شيئاً حتى الآن فيما يتعلق بثنائية: التقدم العسكري على الأرض، والاستمرار بالمفاوضات في إسطنبول.
حيث سلّمت روسيا أوكرانيا 3600 جثة مقسّمة على ثلاث دفعات كل منها 1200 جثة أيام الأربعاء والجمعة والسبت، استناداً إلى الاتفاقات، دون وضوح ما إذا سلّمت أوكرانيا روسيا أي جثث بالمقابل، وفي اليوم الأخير تم تبادل أسرى حرب بين الجانبين كذلك.
في العملية الجراحية لواشنطن
فيما يتعلق بـ «تحييد» الإدارة الأمريكية الحالية عن رعاة الحرب الغربيين، جرى اتصال هاتفي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأمريكي دونالد ترامب يوم السبت، ووفقاً لبيان صادر عن الكرملين: أكد بوتين لترامب أن «روسيا مستعدة لمواصلة التفاوض مع أوكرانيا بعد 22 حزيران» و«أكد الرئيس الروسي مجدداً اهتمامه بحل سريع للنزاع الروسي الأوكراني»، ووفقاً للبيان «أعربا عن رضاهما للعلاقة الشخصية» وأنهما «يتواصلان بطريقة عملية ويسعيان إلى إيجاد حلول للقضايا الملحة على الأجندة الثنائية والدولية، بغض النظر عن مدى تعقيد هذه القضايا».
وعلى الأرض ميدانياً، تؤكد التقارير أن الجيش الروسي يستمر بالتقدم، حيث سيطر على بلدة جديدة في منطقة سومي شمال شرق أوكرانيا، وبات يبعد مسافة 20 كم عن عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه، كما سيطر على بلدة أخرى جديدة، زيلين كوت، في مقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا.
ردّ أوّلي..
ما ذكرناه حتى الآن، فضلاً عن تفاصيل أخرى، يشكل جواباً ورداً أولياً على استفزاز الغربيين، وهو يفوق بتأثيره الهجمات العسكرية التي يشنها الجيش الروسي على كييف ومناطق أخرى بمئات الصواريخ والمسيّرات التي كان آخرها يوم السبت، حيث أن نزع فتائل التفجير، وتصفير الذرائع، مع استمرار التقدم عسكرياً، يخنق الغربيين ويضيّق من مناوراتهم مما يدفع لتصاعد التناقضات الداخلية فيما بينهم.
وفي هذا السياق، وتأكيداً له، عبر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي عن استيائه من الولايات المتحدة الأمريكية بعد الاتصال المذكور آنفاً، معتبراً إياها «تصالحية للغاية»، داعياً واشنطن لـ «تغيير لهجتها» وتشديد العقوبات قائلاً: «في الوقت الحالي، تبدو نبرة الحوار بين الولايات المتحدة وروسيا تصالحية للغاية. لنكن صادقين: هذا لن يوقف بوتين. ما نحتاجه هو تغيير اللهجة».. من يزعجه الحوار، ماذا يريد؟
وحول استكمال المفاوضات اكتفى زيلينسكي بالقول: «سيتم بحثها» مكرراً رفضه المطالب التي قدمتها روسيا خلال المفاوضات، وخاصة فيما يتعلق بالتخلي عن 4 مناطق ضمّتها روسيا، والتخلي عن السعي بالانضمام لحلف شمال الأطلسي «الناتو».
وكان من الملفت حديثه حول تأخر المساعدات الأوروبية، وقلقه من ذلك: «تحالف الراغبين يتباطأ [...] وقد أظهر هذا الوضع أن أوروبا لم تقرر بعد بنفسها ما إذا كانت ستدعم أوكرانيا بشكل كامل بدون الولايات المتحدة» وهو ما يعني عملياً وجود ضغط لدى القوى الأوروبية بهذا الأمر، ومنه يسعون لاستفزازات وحرب واسعة قبل خروج الولايات المتحدة بشكل كامل.
وأكثر من ذلك، عبر زيلينسكي عن خشيته من تأثير الصراع في الشرق الأوسط متأملاً «ألا يؤثر النزاع بين [إسرائيل] وإيران على مستوى الدعم المقدم لأوكرانيا»، ومع ذلك يحافظ كلاً من بوتين وترامب على علاقة حذرة للغاية، فيما يبدو أنه بإطار المضي بخطوات دقيقة تفضي لإنهاء الحرب «الدولية» الجارية بأقل الخسائر الممكنة على الجميع، قبل تثبيت الأوزان والمعادلات الجديدة، وإلا فإن الفاتورة ستكون باهظة على الجميع، في حين الأكيد أن الخاسر الأول هو الولايات المتحدة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1230