قضايا الشرق .. بوريل وأوهام تأخير المحتوم
خرج جوزيب بوريل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي في تصريحات أكد فيها مجدداً: أن العالم يعيش مرحلة انتقالية، وأن نتيجة ما يحدث في أوكرانيا ستكون حاسمةً في المستقبل الجيوسياسي العالمي.
على هامش لقاء وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في بروكسيل يوم الثلاثاء 19 تشرين الثاني الجاري قال بوريل للصحافيين: إن الوزراء «اتفقوا بأغلبية ساحقة» على أن «مصير أوكرانيا سيحدد مصير الاتحاد الأوروبي».
في الحقيقة، ليست المرة الأولى التي ينطق فيها بوريل كلمات كهذه، وغالباً ما تورد آراءه في سياق الضغط على دول الاتحاد الأوروبي للاستمرار بتقديم الدعم لأوكرانيا، الذي تجاوز حتى تاريخ التصريح 45 مليار يورو، لكن ما قاله المسؤول الأوروبي الرفيع يحمل في الوقت ذاته إشارة إلى مسألة أخرى مهمة، وهي أن نخب الاتحاد الأوروبي تدرك حجم الحدث وتداعياته على الواقع الجيوسياسي في أوروبا والعالم، وأن حدود الحرب الطاحنة أكبر بكثير من حدود أوكرانيا نفسها، ويدركون أيضاً دون أدنى شك، أن عشرات المليارات التي أنفقت لم تغير كثيراً في الميدان، وعلى هذا الأساس يمكننا القول: إن أي مليارات إضافية، أو حتى أسلحة نوعية جديدة يجري استخدامها لن تحقق سوى زيادة في التصعيد، وما يحمله من تصعيد مقابل.
ذلك كله يعيد طرح القضية الأساسية، وهي: إن كانت النتيجة محسومة، ما الذي يؤخر إعلانها؟! والجواب عن هذا السؤال موجود في تصريح بوريل ذاته، أي أن وصول الحرب إلى نهايتها يعني إعلان انتصار روسيا لا على أوكرانيا، بل على من يقف خلفها، وانتصار على الدور الأمريكي في القارة الأوروبية، والوصول إلى نتيجة كهذه يضع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو أمام استحقاق جوهري، يرتبط بمستقبل مؤسسات تنتمي إلى عصرٍ سابق.
ومع مرور أكثر من ألف يوم على بدء العملية الروسية في أوكرانيا، ينبغي أن نتذكر الموقف الروسي الذي أُعلن عنه قبل الحرب بمدة قصيرة، والذي أكد ضرورة بقاء أوكرانيا بلداً محايداً خارج حلف الناتو، لكن موقف موسكو أكد في حينه أيضاً: أن الواقع الذي تلا انهيار الاتحاد السوفييتي لم يعد ملائماً، ولا يعكس توازن القوى الحالي، وهو ما يفسح المجال لطرح السؤال الأكبر: هل يمكن للعالم الغربي أن يبقى متماسكاً أمام التداعيات الكبرى المتوقعة؟ وهل يستطيع أن يحتفظ بدوره المركزي السابق؟ الجواب سيكون واضحاً ولا يحتاج للإثبات، ولن يمضي وقتٌ طويل قبل أن نشهد بدء تفكك الواقع السابق، فلن يكون تأخير إعلان النتيجة ممكنناً إلى ما لا نهاية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1202