روسيا: سنفاوض على أساس وثيقة إسطنبول 2022
ملاذ سعد ملاذ سعد

روسيا: سنفاوض على أساس وثيقة إسطنبول 2022

فاجأت روسيا على لسان رئيسها فلاديمير بوتين العالم بتصريحٍ صدر منه حول استعداد روسيا لدخولها المفاوضات مع الجانب الأوكراني، وذلك وسط الأحداث العسكرية الجارية، خاصةً في إقليم كورسك الروسي، والذي يعد أحد أكبر الأهداف غير المعلنة للهجوم الأوكراني عليه، وهو وأد فكرة المفاوضات من جانب موسكو.

ألم تنجح كييف بهجومها على كورسك سوى عسكرياً– تكتيكياً ولفترة مؤقتة، فلم يسحب الجانب الروسي قواته من دونباس إلى كورسك، ولم يؤد هذا الهجوم إلى انعكاسات تذكر داخل روسيا لمصلحة أوكرانيا، وتفيد التطورات الميدانية بخسائر بشرية ومادية كبيرة تتكبدها القوات الأوكرانية يومياً على الجبهة، وبدأ تراجعها، وأخيراً وليس آخراً، أن الغاية بوأد فكرة المفاوضات من الجانب الروسي، وإن جرت مؤقتاً، فقد تمت معالجتها، وجددت موسكو استعدادها للمفاوضات، بل وبشروط أقسى، ومن موقع أفضل.
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد موسكو للتفاوض مع أوكرانيا على أساس محادثات نيسان 2022 في إسطنبول، والوثيقة التي تم التوقيع عليها من قبل رئيسي وفدي التفاوض الروسي والأوكراني، قائلاً: «يشهد على ذلك توقيع رئيس الوفد الأوكراني هذه الوثيقة، ما يعني أن الجانب الأوكراني كان راضياً بشكل عام عن الاتفاقات التي تم التوصل إليها» وأشار إلى أن هذه الوثيقة لم تذهب إلى التنفيذ العملي «لأنه صدر أمر بعدم القيام بذلك، لأن النخب في الولايات المتحدة وأوروبا، بعض الدول الأوروبية، أرادت إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا» على حد قوله.
أما وثيقة إسطنبول نيسان 2022، لا تزال غير معلنة، ولم يجر نشرها إعلامياً، بينما يصفها البعض بالـ «سرية»، إلا أن بعض الوسائل كصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية وغيرها، تدّعي اطلاعها على الوثيقة أو تسريب بعض بنودها اليها، ووفقاً لهم، فإن بعض بنودها تشترط على أوكرانيا عدم دخولها في أي تحالف عسكري بما فيه حلف الشمال الأطلسي، وبقائها على الحياد، وعدم امتلاكها أسلحة نووية، والاعتراف بالسيطرة الروسية على القرم، ولكن في ذلك الحين ما يتعلق بإقليم دونباس ومنطقتي دونيتسك ولوغانسك كان يشترط الروس الاعتراف الأوكراني بوجود خصوصية لهذه المناطق، والتعامل معها على هذا الأساس، بالمقارنة مع الظرف الحاضر الذي باتت تطالب فيه روسيا الاعتراف بسيطرتها على هذه المناطق، خاصة بعد الاستفتاءات الشعبية التي جرت بها، وقد أكد بوتين ذلك بقوله أيضاً: إن دونباس والسيطرة الروسية عليه هي «أولوية».
في حينه، وبعد فترة فصيرة من بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة، كانت وثيقة إسطنبول كفيلة بإيقاف الصراع المسلح بين الطرفين وإتمام اتفاق السلام، وكان الجانب الأوكراني موافقاً، إلا أن التوريط الغربي لكييف دفعها بعيداً باتجاه استنزافها حتى آخر نقطة وصلت إليها الآن، ليعود الحديث عن اتفاق إسطنبول نفسه كمرجع لاستمرار المفاوضات لاحقاً، إلا أن موسكو ربحت وكييف خسرت الكثير ما بين 2022 و2025، فروسيا اليوم في موقع متقدم، وهو ما يجعل الدخول في المفاوضات معها مقلقاً ومرفوضاً غربياً، لأن أي مفاوضات ستثبت واقعاً جديداً لن يكون بالإمكان تجاهله.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1191
آخر تعديل على الأربعاء, 11 أيلول/سبتمبر 2024 22:39