قضايا الشرق .. صراع واحد على جبهات مختلفة
ساحات الاشتباك الملتهبة في العالم اليوم، وبالرغم من كونها ممتدة على نقاط متفرقة من الكوكب، إلا أنّها ترتبط بصراع واحد مهما اختلفت تفاصيلها من جبهة إلى أخرى، هذه الحقيقة تساعد في فهم وتحليل ما يجري، وخصوصاً إذا ما نظرنا إليها من هذه الزاوية الواسعة، ويمكن بالنظر إلى أوكرانيا وفلسطين عرض أمثلة ملموسة على ذلك.
ففي كلتا الجبهتين تلعب الولايات المتحدة الدور الأساسي، ولا يمكن نقاش ما يجري هناك دون النظر أولاً إلى الدور الأمريكي وأهدافه، ففي أوكرانيا عملت واشنطن على توتير جبهة أوكرانيا منذ انقلاب 2014 وصولاً إلى دفع الأمور إلى الحرب الساخنة، وبعدها أدت قيادة العمليات الأمريكية دوراً أساسياً في إمداد القوات الأوكرانية بالسلاح والرجال والمعلومات الاستخباراتية الضرورية، وتوصيف ما يجري في فلسطين يتطابق مع ما يجري في أوكرانيا من هذه الزاوية، فالدور الأمريكي هو ذاته، مع الإشارة إلى أن الجيش الأمريكي كانت له مشاركة مباشرة، على الأقل في صد الهجوم الإيراني في نيسان الماضي.
على هذا الأساس، ليس من الصعب القول: إن هناك «قيادة عمليات» في الجبهة المقابلة وتحديداً في روسيا والصين، وإن كانت روسيا طرفاً مباشراً في الصراع على الجبهة الأوكرانية، فهي تؤدي مع الصين دوراً ملموساً في الصراع في منطقتنا، وتحديداً إذا ما أخذنا طبيعة العلاقة بين هذين الطرفين مع إيران ودول المنطقة الأخرى.
من هنا يمكننا قراءة التطورات من زاوية هذا الصراع العالمي، ولهذا يأخذ القرار الأمريكي الصورة الكلية بعين الاعتبار عند التصعيد في هذه النقطة أو تلك، وهو ما يعني أن على الآخرين التعامل مع المسألة انطلاقاً من هذه الفكرة بالتحديد، وعلى هذا الأساس يمكننا القول: إن الصراع الحالي يتجاوز كونه «صراعاً على نفوذ»، ويضعه في مكانه الصحيح، أي صراع على شكل العالم الذي نعيش فيه، ودور كل طرف في صياغة أسسه القادمة.
بناءً على ذلك، يتضح كل يوم أكثر من سابقه أن الحرب أوسع من جبهتها المباشرة بكثير، وتحتاج لذلك إلى الصبر والقدرة على التحمل، ففي غزّة مثلاً: يخوض جيش الاحتلال حربه الأطول منذ قيام «إسرائيل» وترتبط هذه الحرب عضوياً بذلك الصراع العالمي، ولا يمكن قياسها بالأهداف المعلنة لجيش الاحتلال، تلك التي يجري تضخيمها مع الوقت، وبغض النظر عمّا يجري في الميدان هناك! فالقرار الأمريكي كان ولا يزال فتح بؤرة توتر جديدة واستثمارها في الصراع الدولي، ويرتبط تطويرها أو وقفها بشكل مباشر بذلك الصراع حصراً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1190