من «حرب أكتوبر» و«فك الارتباط» إلى «طوفان الأقصى»
كان من الطبيعي، مع اقتراب الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر، أن يأخذ ذلك الحدث حيزاً في وسائل الإعلام، خصوصاً مع الإفراج عن عدد من الوثائق التي تعود ليوم 6 تشرين الأول 1973 والأيام القليلة التي سبقته، بالإضافة إلى تصريحات جديدة نقلتها «جيروسليم بوست» عن هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، ووزير الخارجية الأمريكي في حينها، والتي اعترف فيها، أن الولايات المتحدة، قدّمت «كل ما يضمن منع أي نصر عربي في تلك الحرب» حسب تعبيره، وعلى الرغم من أهمية نقاش تلك الحرب والتحولات الكبرى التي جرت في المنطقة فيما بعد، وخصوصاً بعد توقيع «كامب ديفيد» إلا أننا اليوم نجد أنفسنا أمام حدث كبير ذكّرت فيه المقاومة الفلسطينية «إسرائيل» بأنها ليست منيعة وأنها «أوهن من شباك العنكبوت».
عندما شنّت القوات السورية والمصرية الهجوم على جيش الاحتلال، كانت الجيوش العربية في حينها حصلت بالفعل على أحدث الأسلحة من الاتحاد السوفييتي، وانطلق من الجبهة المصرية وحدها أكثر من 100 ألف جندي وحوالي 400 دبابة بالإضافة إلى وحدات من القوات الخاصة، لكننا نرى اليوم جيش الاحتلال يتعرض لضربات موجعة ومهينة من قبل ألف مقاوم فلسطيني «حسب ما أعلنت المصادر الصهيونية» نفذوا عملية بتخطيط دقيق وانضباط عالٍ في عمق الأراضي المحتلة، دفعت الكيان لإعلان حالة الحرب لأول مرة منذ حرب 1973! والمثير للانتباه فيما يجري حتى اللحظة، أن خطة «فك الارتباط» التي عمل عليها الكيان منذ عام 2005 القائمة على الانسحاب من غزة، وترك المستوطنات صعبة التأمين، وإطباق الحصار على القطاع بهدف عزله ضمن حدود ثابتة، أصبحت بلا أي قيمة، فبينما أثبتت كل المعارك السابقة أن عزل القطاع وإنهاء المقاومة في داخله مهمة مستحيلة، أثبتت عملية «طوفان الأقصى» أن الكيان عاجز عن تأمين محيط القطاع، وهو مضطر اليوم لتنظيم أول عملية إخلاء في مستوطنات «طوق غزة»، فرغم كونها «عملية إخلاء مؤقت» إلا أنها تفتح الباب مجدداً لنقاش مستقبل خطط الاستيطان الممنهجة، لا بل تضع مستقبل الكيان كله في موضع تساؤل!
ما أنجزته المقاومة الفلسطينية خلال أقل من 48 ساعة، أثبت أن خلق إحداثيات جديدة أمام القضية الفلسطينية التي عُطّل حلها في العقود الماضية، أصبح ممكناً، وأن إمكانية إحراز انتصارات عسكرية على «إسرائيل» ليست حلماً بعيد المنال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1143