بوركينا فاسو تطرد القوات الفرنسية من أراضيها
في خطوة جديدة، طالبت حكومة بوركينا فاسو فرنسا بسحب قواتها من البلاد، وهو الإجراء الذي يبدو أنه سيصبح كثير تكرار في المستعمرات الإفريقية السابقة، والتي استقلت منذ عقود، لكنها ظلت خاضعة لنفوذ واضح لقوى الاستعمار السابقة، التي حافظت على تواجدها بأشكال متعددة وذرائع مختلفة.
علّقت بوركينا فاسو حسب ما نقلت وكالات الأنباء المحلية، اتفاقاً مع فرنسا جرى توقيعه في 2018 والذي نظم انتشار أفراد من القوات المسلحة الفرنسية في البلاد، والتي كان من المفترض أن تؤدي دوراً في مكافحة الإرهاب، في منطقة الساحل الإفريقي الواقعة في شمال القارة، وتشمل كلاً من السنغال وموريتانيا ومالي وبوركينا فاسو، وعدداً من الدول المجاورة الأخرى. إلا أن المساهمة العسكرية الفرنسية أثبتت عدم فاعليتها، مما أثار تساؤلات محقة حول المهمة الحقيقية التي أوكلت إلى الجنود الفرنسيين، والذين يربطهم بالقارة ماض استعماري أسود. فبحسب شعوب هذه الدول لم تساهم فرنسا في وقف حالة التدهور الأمني مما فاقم المشكلة.
القرار الحكومي يلزم فرنسا بإخراج جنودها في مدة أقصاها شهراً واحداً، لتكون بوركينا فاسو ثاني دولة تخرج القوات الفرنسية من أراضيها، بعد قرار مالي المشابه في العام الماضي، وهو ما يعكس بشكل واضح اختلالاً في توازن القوى في القارة السمراء، التي ظلت حتى فترة طويلة منطقة مفتوحة للنهب من قبل الغرب. لكن الدول الإفريقية- التي بدت حتى فترة قريبة تابعة لهذه المراكز- أظهرت مؤخراً نزعة ملموسة لمزيد من الاستقلالية، ترافقت مع إعادة النظر في علاقات هذه الدول على المستوى الخارجي، وسعياً واضحاً للعب دور أوسع على المسرح العالمي، تضمن فيه الدفاع عن مصالحها التي ظلت غائبة لفترة طويلة.
الدلالات السياسية
تعداد القوات الفرنسية الموجودة في بوركينا فاسو لا يتعدى 400 جندي من القوات الخاصة الفرنسية، لكن هذه القوات يفترض أن تشكّل مع بقية القوات الفرنسية المنتشرة في المنطقة منطقة عمل واحدة، لكن طلب سحب هذه القوات يتجاوز الحدود العسكرية، فبحسب بعض وكالات الأنباء، استدعت فرنسا سفيرها لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتبيّن أن السفير الفرنسي قد سبق ووجه انتقادات علانية إلى الجهاز الأمني، ما رأت فيه السلطات في بوركينا فاسو تدخلاً في شؤونها. ولكن حتى تفسير هذا السلوك من زاوية انتقادات السفير لا يكفي لفهم هذا التوجه، خصوصاً أنه لا ينحصر في بوركينا فاسو كما ذكر. وما يثير حفيظة الغرب وواشنطن كثيراً، هو أن تراجع علاقات الدول الإفريقية مع الغرب، يترافق مع ازدياد واضح في الروابط مع روسيا والصين، التي لا تنحصر في جانبها الاقتصادي، بل بدأت ترتسم ملامح تعاون أكبر في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية، ما يمكن أن يسرع بشكل مباشر من تراجع التواجد الغربي في إفريقيا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1107