الغواصات الأسترالية والمخاطر النووية فعلياً
ملاذ سعد ملاذ سعد

الغواصات الأسترالية والمخاطر النووية فعلياً

إثر الاتفاق الأمريكي- البريطاني- الأسترالي في 15 أيلول بإقامة شراكة جديدة في مجالي الدفاع والأمن AUKUS والتي تتضمن توريد 8 غواصات نووية الدفع إلى دولة غير نووية كأستراليا، ظهرت ردود فعلة واسعة، أولها صينية وروسية، حول المخاطر الاستراتيجية التي سيسببها تنفيذ هذا الأمر.

إن توريد السلاح النووي إلى استراليا، بأي شكل كان، سيؤدي إلى تغيير بمعادلات المنطقة في المحيطين الهادي والهندي، وسيؤثر على التوجهات والعلاقات الاستراتيجية في كل واحدة من دول المنطقة، وفيما بين بعضها البعض، ويدفع بسباق تسلح نووي في المنطقة، ليبدأ الحديث الإعلامي عن احتمالات تغيير كل من اليابان وكوريا الجنوبية من مواقفهم تجاه امتلاك السلاح النووي، بصرف النظر عن إمكانية هذا الشيء، ومن جهة أخرى تأثير هذا الأمر على مواقف وسلوك كل من الهند والباكستان تجاه بعضهما البعض وتجاه الصين.
وقد حذرت الصين على لسان مندوبها في الأمم المتحدة تشانغ جين، من أن «مساعدة الدول غير النووية على بناء غواصات نووية لن تؤدي إلى سباق التسلح فحسب، بل ستضر بنظام عدم الانتشار النووي والأمن والاستقرار في المطقة والعالم» ودعا المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية- وو تشيان- المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات مشتركة فعالة لمنع انتهاك استراليا لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، بينما قالت روسيا على لسان نائب وزير خارجيتها، سيرغي ريابكوف: إن العلاقات بين الدول النووية «بعيدة عن المستوى الذي يمكن اعتباره جيداً» وأن اتفاق AUKUS يهدد نظام منع انتشار الأسلحة النووية.

وجهة نظر مختلفة

رغم تهديدات وتداعيات اتفاقية أوكوس على المدى الإستراتيجي، إلا أن كل ذلك مبني على واقعية تنفيذها فعلياً على الأرض خلال السنوات المقبلة، أي نشر الغواصات فعلياً في المياه الإقليمية لأستراليا، وهو أمر يشكك به المحللون منذ الآن، وسط التغييرات العالمية الكبرى الجارية فضلاً عن تراجع واشنطن نفسها، ومن جهة أخرى فإن كل التحليلات السائدة الآن تتحدث عن الجوانب والآثار السلبية، وهو أمرٌ لا بد من التحذير منه، إلا أن من التداعيات الأخرى هو رصّ صفوف دول الشرق مع بعضها البعض، وليس أكبرها وأولها تعميق وتمتين العلاقات الصينية – الروسية نفسها بدرجة أكبر لمواجهة عدو مشترك، سيتبعه بذلك العديد من الدول المجاورة كحلف مقابل لأوكوس، بما فيها مثلاً: باكستان والهند رغم خلافات الأخيرة مع الصين، وهو ما يذكرنا مثلاً بخلافات إيران- السعودية والتي وقفت في كل مرة عند حد الحرب الإقليمية ليفتح بعدها بابٌ للحوار والتقارب يناقض رغبة واشنطن.
فأوكوس تعبّر عن رغبات ومساعي الولايات المتحدة بضغط وحصار الصين أولاً، وهو ما أمر لا شك به، إلا أن إمكانية التنفيذ هي موضوع ثاني، ووجود تجاوب وردود فعل من دول منطقة المحيط الهندي تسير لصالح الولايات المتحدة عوضاً عن نفسها هي أولاً يعد أمراً آخر كذلك، مما يعني أن احتمالات تحقيق أوكوس أية نقاط لصالح واشنطن ولندن هي أدنى مما يجري الحديث عنه، وسيصبح أقل بمرور الوقت.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1038
آخر تعديل على الإثنين, 04 تشرين1/أكتوير 2021 04:17