الإمبراطورية التي غاب عنها الوقود
حمزة طحان حمزة طحان

الإمبراطورية التي غاب عنها الوقود

تعاني المملكة المتحدة منذ نحو أسبوعين وحتى الآن من أزمةً وقود في كل مدنها، وتصطف طوابير السيارات والدراجات بالمئات على المحطات الفارغة، جرت في بعضٍ منها شجارات بين المدنيين من جهة وبينهم وبين عناصر الشرطة أو موظفي محطات الوقود.

لقد حذرت كل من شركتي «بي بي» و«إيسو» من أنهما قد اضطرتا لإغلاق بعض محطات الوقود التابعة لهما في بريطانيا إثر عدم وجود العدد الكافي من سائقي الشاحنات لإيصال الوقود، وتقول مختلف البيانات بأن هذا النقص يصل إلى حد الـ 100 ألف سائق.
كما أن جمعية تجار البنزين قد أعلنت في 26 أيلول عن نفاد المحروقات في الآلاف من محطات الوقود بسبب «تهافت السائقين» ملقية بذلك اللوم والغلط على البريطانيين الذين يريدون ملء سياراتهم ودراجاتهم، بينما قالت شركات النفط كـ شل وإكسون موبيل وغرين إنيرجي بأنه لا يوجد نقص في مادة البنزين وإنما «ارتفاع مؤقت في طلب العملاء»، وقال وزير البيئة جورج اوستيس «ليس هناك نقص، وإنما الشيء الأكثر أهمية هو أن يشتري الناس البنزين بالكمية التي يفعلونها عادة»، وحمل اللوم جزئياً على التغطية الإعلامية لأزمة الوقود، والتي حرضت على رد فعل شعبي ظهر بهذا الشكل.

في الأسباب والحلول

خلف محاولات تحميل المسؤولية على «تهافت السائقين» فإن السببين الرئيسين لأزمة الوقود الجارية هما: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأزمة كوفيد-19، فبسبب تغير علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي انتقل الكثير من العمال والموظفين الأوروبيين العاملين في بريطانيا إلى دول أوروبية أخرى، وبسبب الاتفاقيات الجديدة التي تلزم وجود تأشيرات وتصريحات على أية عمالة أوروبية قادمة إلى بريطانيا لم يجر تعويض هذا النقص بالسرعة المطلوبة، ومن جهة أخرى فإن أزمة كوفيد-19 والإغلاقات والقيود التي وضعت بسببها قد أخفت هذه المشكلة خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى الجزئية التي لم يقلها الإعلام البريطاني وهي: تخفيض العمالة التي قامت بها الشركات البريطانية خلال فترة الإغلاقات، وتسببت بجزء كبير من نقص السائقين الجاري.
ومن بين الحلول التي جرى تقديمها مؤقتاً هو: تكليف وحدات من الجيش البريطاني لتوزيع الوقود على المحطات اعتباراً من يوم الاثنين 4 تشرين الأول تعويضاً عن نقص السائقين، بنحو «200 عنصر، بينهم 100 سائق» الآن، كما قررت الحكومة أن تعدل سياسة الهجرة وتمنح حوالي 10500 تأشيرة عمل مؤقتة من أشهر تشرين الأول وحتى كانون الأول.

الهشاشة

رغم الأسباب الواضحة والبسيطة شكلاً، والتي تفسر أزمة الوقود الجارية في بريطانيا، إلا أن وضوحها وبساطتها نفسهما يشيران إلى مدى بيروقراطية وهشاشة وسوء إدارة الدولة على التخطيط، وبالعمق تناقض مصلحتها مع البريطانيين، فمؤشرات وجود نقص حاد بهذا الشكل لعمال الشحن، وغيرهم، من المفترض أن يكون واضحاً للحكومة البريطانية منذ بدء تنفيذ اتفاق بريكست، مثلما كان من المفترض أن تكون واضحة لها مؤشرات انتشار الوباء سابقاً، وأن تتخذ إجراءاتها قبل أن تعلن هي أولاً عن «مناعة القطيع»، بينما تلوم «القطيع» الآن بـ «تهافت السائقين».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1038
آخر تعديل على الإثنين, 04 تشرين1/أكتوير 2021 04:18