«المهندس» حيُّ يرزق والتنسيق الأمني يحتضر!

«المهندس» حيُّ يرزق والتنسيق الأمني يحتضر!

الشارع الفلسطيني كان دائماً عابراً للانقسامات السياسية، وعلى الرغم من أنه لا مجال لإنكار الآثار الكارثية لهذا الانقسام على القضية الفلسطينية، إلّا أن الأحداث الجارية في كامل الأراضي المحتلة، والحالة الشعبية المرافقة لها في دول الطوق وكل المنطقة العربية والعالم تثبت أن الشارع قادر على فرض معادلة مختلفة على كل من أخّر الاستحقاق الشعبي.

أعادت المقاومة الفلسطينية في غزة «المهندس» يحيى عياش إلى الأذهان، وهو الذي لم يغب فعلياً من ذاكرة الفلسطينيين ولا الصهاينة، والذي قضّ مضجعهم لسنوات، فإطلاق صاروخ «عياش 250» الذي حمل اسم المهندس الشهيد، بمدى يصل إلى 250كم، والذي استهدف حسب الناطق العسكري لكتائب القسام مطار رامون قرب مستوطنة إيلات، يعلن عن مدى جديد لصواريخ المقاومة، قادرٌ على توسيع دائرة الاشتباك لتشمل معظم الأراضي المحتلة.

لكن، وبعيداً عن الجانب العسكري من الموضوع رغم أهميته، تعتبر اللحظة مناسبة حقاً لاستذكار المهندس يحيى عياش وأمثاله من رموز المقاومة الفلسطينية، فعيّاش استطاع مع رفاقه قلب المعادلة، وتطوير يد المقاومة الضاربة لتصل إلى عمق الأراضي المحتلة، مما حوله إلى كابوس حقيقيٍ حرم قادة الكيان النوم، فالعمليات التي أعدها «المهندس» مثل: العفولة والخضيرة وعملية شارع ديزنغوف، شكّلت عنصراً هاماً في الصراع مع الاحتلال «الإسرائيلي» ولكنها وقبل كل شيء كانت مُعبرةً عن خيار الشعب الفلسطيني بانتهاج المقاومة كسبيل وحيد لتحرير الأرض. فعيّاش الذي كان يُشبّهُ بفِلسطين دائماً، عبّر في لحظة من اللحظات عن وحدة الشعب الفلسطيني. على الرغم من انتمائه السياسي فـ «المهندس» تحول إلى رمزٍ جامع تخطى إطار كتائب القسام التي قاتل في صفوفها طيلة حياته، ويوم اغتياله تحّول إلى حالة غليان في كل فلسطين المحتلة، حيث خرج في غزة أكثر من 100 ألف إنسانٍ في جنازته، وحملت توابيت رمزية له في مناطق أخرى، مثل: القدس ونابلس ورام الله.

استحضار عياش اليوم، يضع أمامنا قضايا أساسية، فهو ابن الضفة الذي استشهد في غزّة، وهو أحد شهداء فلسطين الكثر الذين خسروا حياتهم كنتائج لأوسلو وللتنسيق الأمني، فكل الدلائل تشير إلى أن مهمة الوصول إلى عياش، والتي كانت تبدو مستحيلة واستمرت لسنوات دون جدوى، أصبحت ممكنة عبر «التنسيق الأمني» وعبر بعض العملاء الفلسطينيين الذين استخدمهم الكيان، المتهم كمال حماد الذي أوصل الهاتف المحمول المفخخ ليحيى عياش في غزة يعيش اليوم في هذا العار الكبير، ويُقرّ بأن الكيان وبعد أن استخدمه في عملية الاغتيال هذه تخلى عنه، ليصبح هو الآخر مثالاً للمصير الأسود لـ «أصدقاء الكيان» ويعيش في شقة مجهولة مغلقة الستائر خوفاً من ملاقاة مصيره، الكيان الذي كان يعتقد واهماً: أن اغتيال عيّاش سيضمن أمنه، كان مخطئاً، فالعمليات التي تلت اغتياله لم تتوقف، وحملت بصماته وتكتيكه التقني في عمليات يافا وعسقلان، والأهم من ذلك: أن يحيى عياش حيٌّ يرزق حتى اليوم، يدكُّ مستوطنات الاحتلال، وكل القوى الفلسطينية التي تراهن حتى اللحظة على الكيان الصهيوني.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1018
آخر تعديل على الأربعاء, 19 أيار 2021 15:50