صراعات جديدة حول النووي الإيراني
ملاذ سعد ملاذ سعد

صراعات جديدة حول النووي الإيراني

يتصدر ملف الاتفاق النووي الإيراني المشهد الدولي في الآونة الأخيرة منذ تغيّر الإدارة الأمريكية بين ترامب وبايدن، وسط تصعيدات وضغوط أمريكية وأوروبية وخليجية على طهران بمحاولة لإدخال دول وبنود جديدة إلى الاتفاق الموقع في عام 2015 قبل أن تعود واشنطن إليه.

حيث تكرر فرنسا حديثها، سواء عبر تصريحات رئيسها إيمانويل ماكرون أو وزير خارجيتها، بإضافة السعودية إلى الدول المعنية بالاتفاق، وإدراج برنامج الصواريخ البالستية الإيراني فيه، وهي بذلك تعبّر عن موقف وضغط واشنطن غير الرسمي بالملف.
كما تتكرر الاتهامات القديمة الجديدة الموجهة إلى طهران بمخاطر تصنيعها للسلاح النووي، بعد أن أعلنت أواخر عام 2020 عن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20%، رداً على الانسحاب الأمريكي الأحادي من الاتفاق عام 2018 وفرض واشنطن العقوبات على طهران في عامي 2019 و2020، متجاوزة بذلك نسبة الحد الأعلى المتفق عليها في مجموعة 5+1 وهي 3.67، علماً بأن جميع المختصين والمحللين الغربيين نفسهم لم يستطيعوا ألّا يشيروا إلى أن نسبة الـ 20% لا تزال أدنى من المطلوب لتصنيع السلاح النووي.

بالنسبة لطهران، تؤكد على الدوام بعدم وجود أية خطة أو رغبة بإنتاج سلاح نووي، وأن المنشآت النووية والتخصيب يجري استثماره لأغراض مدنية فقط، وفي ردها على طرح إدراج الصواريخ البالستية إلى طاولة الاتفاق النووي، فقد رفضت ذلك تماماً، مشيرة إلى أنّ مسألة الدفاع الإيراني ليست موضع نقاش مع أيّ كان، ومن جهة أخرى بأن الاتفاق النووي الموقع نفسه لا يتضمن مثل هذا البند، رافضة بذلك تماماً إدراجه أو الحديث عنه. أما حول تخوفات الدول الخليجية المزعومة من النشاط الإيراني، وعلى رأسها السعودية ودخولها في الاتفاق، فقد قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بأن العلاقة مع السعودية ودول الجوار هي مسألة إقليمية يجري التفاهم حولها فيما بين الجيران أنفسهم، أما الاتفاق النووي فهو موضوع آخر، وقد أكد: «إذا قالت السعودية إن يدها ممدودة نحو إيران فإن يد إيران كانت ولا تزال ممدودة دوماً نحو السعودية»، وأشار ظريف إلى أن تأخر عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني يُعزى إلى ظروف داخلية في أمريكا.

إن المشكلة الحالية حول الاتفاق تعود إلى موقع الولايات المتحدة منه، فيما يشكل مأزقاً بالنسبة لها: فلا يمكن للإدارة الحالية العودة إلى الاتفاق دون قبول الطرف الإيراني، وهذا يستلزم رفع العقوبات الأمريكية التي وضعت بعد الانسحاب الأمريكي منه، الأمر الذي يشكل تنازلاً وتراجعاً سياسياً كبيراً على واشنطن إن أقدمت على ذلك، وبنفس الوقت لا يمكن لها البقاء خارج الاتفاق مما يزيد من عزلتها من جهة، ويعمّق الشرخ بينها وبين الدول الأوروبية المعنية بالاتفاق من جهة أخرى، فضلاً عن أن القوة الأمريكية والظروف الدولية التي وجدت قبل 6 أعوام أثناء توقيع الاتفاق بعهد أوباما، قد تغيّرت تماماً الآن بشكل أسوأ بالنسبة لواشنطن.
لا ترى طهران نفسها مضطرة لتقديم أيّ تنازل، بل وعلى العكس، فرغم جميع التصعيدات والتصريحات المناهضة لها، أو الضغط المضاف عليها، إلّا أنها لا تقدّم أي جديد، ومع إدراكها لهذا المأزق الأمريكي وتراجع واشنطن المتسارع تعرف أن ميزان القوة بينها وبين واشنطن خلال السنوات الماضية قد مال لصالح كفتها على أية حال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1004
آخر تعديل على الإثنين, 08 شباط/فبراير 2021 00:42