السّيل الشمالي ينطلق من جديد
عتاب منصور عتاب منصور

السّيل الشمالي ينطلق من جديد

بعد توقف مشروع السيل الشمالي لمدة 14 شهراً بسبب العقوبات الأمريكية، أعلن المسؤولون عن المشروع، استئناف مد الأنابيب في مياه الدانمارك، لتعلن بذلك أوروبا مجدداً عزمها إتمام المشروع الذي يخدم مصلحتها رغم اعتراض واشنطن.

وفي تصريحات للمستشار النمساوي، سيباستيان كورتس أيد فيها المشروع، ووصفه بأنه مشروع «أوروبي» يلبي مصالح العديد من دول الاتحاد الأوروبي أوروبا، وأضاف كورتس: «أي شخص يعتقد أن خط الأنابيب الجديد في مصلحة روسيا فقط فهو مخطئ».
يشكّل هذا المشروع أحد أهم القضايا الخلافية في العلاقة بين واشنطن وأوروبا، وبعد أن أعلن جو بايدن، الرئيس الأمريكي الجديد، موقفه السلبي من المشروع، كُنا بانتظار الرد الأوروبي على الموقف الأمريكي الجديد- القديم. فمن هذه النقطة بالتحديد تكمن أهمية استئناف العمل في هذا المشروع. فعلى أرض الواقع، المشروع يُعد شبه منجز، فلم يبق سوى 120 كم في المياه الدانماركية، و30 كم في المياه الألمانية من أنابيب تصل إلى 1220كم.

العلاقات الأوروبية- الأمريكية

استكمال العمل في هذه اللحظات يُعد المؤشر الأول على طبيعة «التغيرات» التي ستشهدها العلاقات الأوروبية الأمريكية، فالأصوات التي كانت تنادي بوقف العمل بهذا المشروع تحت مجموعة من الذرائع، كان آخرها «قضية نافالني» لم تنجح في مسعاها هذا، واليوم، ينبغي لنا أن نسأل عن مستقبل العلاقة الأوروبية- الأمريكية فهذه العلاقة التي نشأت تحت ضغط البروباغندا المعادية للشيوعية وضرورة «مواجهة» الاتحاد السوفييتي لما يمثله من «تهديد للأمن الأوروبي»، ثم أصبح عمادها «القلق من الدور الروسي المتعاظم في أوروبا»، أصبحت اليوم تحت تهديد حقيقي، فروسيا تسعى من خلال خط الأنابيب هذا لا جني الأرباح فحسب، بل إيجاد أرضية متينة للتعاون بين روسيا من جهة وأوروبا من جهة أخرى، ويُعد هذا المشروع أحد أساسات التي يمكن بناء علاقات مصلحة متينة.

الوجود الأمريكي في أوروبا قام على إمكانات واشنطن الاقتصادية من جهة، وعلى الخوف من النفوذ السوفييتي (ثم الروسي لاحقاً) من جهة أخرى.
لن تطول المدة حتى يتم الإعلان عن إتمام هذا المشروع، وسنشهد مع أول كميات غاز يجري ضخها، انتهاء حقبة وبداية حقبة جديدة من العلاقات الأوروبية- الروسية والأوروبية- الأمريكية، فواشنطن تخسر مع إتمام هذا المشروع أوروبا كسوقٍ كبرى لتصريف الغاز الأمريكي، وتخسر أيضاً كل الجهد والأموال التي صرفت للحفاظ على حالة العداء بين أوروبا وروسيا. وعلى الرغم من أن جو بايدن وصف المشروع بأنه صفقة سيئة، لكنه يعجز عن تقديم صفقة «جيدة» ليبعد الأوروبيين عن هذا المشروع. لا يعني هذا الكلام أن الخلافات الروسية الأوروبية ستتلاشى فور إتمام المشروع، لكنها ستبدأ رحلة تعافٍ لن تطول كثيراً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1004
آخر تعديل على الإثنين, 08 شباط/فبراير 2021 00:41