نماذج من التخلي عن الدولار
في حين أن عدداً متزايداً من الدول في جميع أنحاء العالم يأخذها الإحباط من العقوبات الأمريكية التي تقوم الإدارة الأمريكية باستخدامها كسلاح ضامن لاستمرار نفوذها في العالم، وفعلياً لتأخير انحسار نفوذها، كانت هنالك اتفاقيات تجارية مهمة دفعت بالدول لاستخدام عملاتها الخاصة في تجاوز واضح للدولار الأمريكي.
سنلقي الضوء هنا على بعض التطورات التي طرأت على دور الدولار عالمياً منذ عام 2017:
في الأشهر الأخيرة فقط، باعت الصين كمية كبيرة من سنداتها، وهي أكبر دولة في العالم من حيث امتلاك السندات الأمريكية.
الصين وكندا
وقّعت الصين اتفاقيات مع كندا بشأن تبادل العملات الوطنية ليتم استخدام عملة البلاد المحلية في التجارة، وفي تنفيذ الاستثمارات بينهما، الأمر الذي جعل كندا أول مركز خارجي لليوان في أمريكا الشمالية. وهو ما ضاعف التجارة بين البلدين حتى ثلاثة أضعاف التجارة، ليصل حجم مبادلات العملة بينهما إلى ما يقرب من 200 مليار يوان أي ما يعادل حوالي 30 مليار دولار أمريكي.
الصين وقطر
كما وقعت الصين اتفاقية مماثلة مع قطر بشأن مقايضة العملتين المحليتين للبلدين مباشرة بما يعادل 5.7 مليار دولار. الأمر الذي وجه ضربة قاسية للدولار النفطي من اليوان الذي بات يرتفع في أسواق المنطقة كعملة بديلة. وليس من المستبعد أن توقع العديد من دول أوبك الأخرى اتفاقيات مماثلة مع الصين.
عقود النفط الصينية
على صعيد متزامن، أطلقت الصين عقوداً آجلة للنفط الخام مقوماً باليوان الصيني وقابل للتحويل إلى ذهب. وكون الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، فإن تنفيذ هذه الخطوة هو ضربة أخرى قوية التأثير على الدولار الأمريكي على المستوي العالمي.
الصين وإيران
من ناحية أخرى، لعب الاتفاق النقدي الثنائي بين الصين وإيران دوراً هاماً في زيادة حجم التجارة بين البلدين بنسبة 22% خلال عام 2017 مقارنة بعام 2016، لتصل إلى ما يقدر بقيمة 30,5 مليار دولار. وكذلك شهدت واردات الصين من النفط الخام الإيراني ارتفاعاً مهماً أيضاً، والجدير بالذكر، أن إيران تمتلك رابع أكبر احتياطي للنفط الخام في العالم (أي ما يمثل قرابة 10٪ من احتياطيات النفط الخام بالعالم).
وفي خطوة حاسمة، تخلت طهران في نيسان عام 2018 عن العملة الأمريكية تماماً، وحولت جميع مدفوعاتها الدولية إلى اليورو، كما أنها تسعى إلى إزالة الدولرة من كافة تعاملاتها التجارية، وذلك عن طريق توقيع اتفاقيات تبادل العملات مع عدد غير قليل من الدول المستهدفة.
روسيا تتخلى عن الدولار وتتحول إلى الذهب
تسير روسيا بخطى جادة وفعّالة من أجل إزالة الدولرة، وخاصة في ظل مجموعة العقوبات الجديدة التي تفرضها الولايات المتحدة ضدها، والتي ستحول إلى تجميد أصول سبعة بنوك، ومن ثم تجميد كافة مدفوعاتهم من الدولار الأمريكي. حيث افتتح البنك المركزي الروسي أول مكتب له في بكين خلال شهر آذار لعام 2019، واقترب من إصدار سندات حكومية باليوان الصيني، وكذلك استُبعد الدولار الأمريكي من التجارة الثنائية مع الصين واستبداله بالروبل الروسي واليوان الصيني.
وفي وقت سابق من هذا العام، حولت روسيا حوالي 100 مليار دولار إلى الين الياباني واليوان الصيني واليورو، مما خفض احتياطياتها من الدولار من 46% إلى 22%.
الهند توقع صفقة S400 مع روسيا بالروبل
من جهة أخرى وقعت الهند صفقة أنظمة الصواريخ الدفاعية مع روسيا بالروبل وليس بالدولار. ووقع الاتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال زيارة بوتين الرسمية للهند، في تشرين الأول 2018. وكذلك أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، أن موسكو ونيودلهي تخططان لاستخدام عملاتهما الوطنية في المعاملات المستقبلية بدلاً من الدولار الأمريكي.
من كل ما ذكر أعلاه تتضح جلية حقيقة الاتجاه العالمي لإزالة الدولرة من الاقتصادات الوطنية، وإضعاف هيمنة الدولار الأمريكي رويداً رويداً حتى القضاء عليها تماماً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 933