الكوليرا: الوجه الآخر للحرب اليمنية!
تفشي الكوليرا كارثة إنسانية جديدة، تضاف إلى قائمة الكوارث التي شهدها اليمن في سنوات الحرب، إلى جانب أزمة نقص الغذاء والأدوية والمياه الصالحة للشرب، لتوضع أزمة الشعب اليمني في كثير من جوانبها على قدم المساواة، مع مآسي الشعب السوري والعراقي، وربما تتخطاهما خطورة نظراً لتنبؤات المنظمات الدولية، فيما يخص الأوضاع الصحية في البلاد...
تكفلت الأوضاع العسكرية المعقدة، والمعارك المشتعلة على أغلب الجبهات، بما فيها المناطق المحيطة بالموانئ، والتي يجري التحشيد لإشعالها من قبل قوات «التحالف العربي» منذ عدة أشهر، بإيصال الوضع الإنساني إلى ما هو عليه...
أزمة غير مسبوقة
بحسب بيان أصدرته منظمة الصحة العالمية في 25/حزيران الحالي، أعلنت المنظمة عن مصرع أكثر من 1300 شخص في اليمن منذ نهاية شهر نيسان المنصرم، بسبب وباء الكوليرا المتفشي في البلاد.
وأضافت المنظمة: إن الوباء انتشر في كل محافظات اليمن تقريباً، وأن عدد المصابين وصل إلى 200 ألف إنسان، بينما توقعت منظمة «يونيسف»، التابعة للأمم المتحدة، وصول أعداد المصابين إلى 300 ألف شخص في نهاية آب المقبل.
منظمات الأمم المتحدة المعنية بالصحة والطفولة، ولو متأخرة، ركزت جهودها في الأيام القليلة الماضية على إيقاف تفشي الوباء، حيث أعلنت الأمم المتحدة، الأربعاء الماضي24/حزيران، عن توزيع حمولة ثلاث طائرات تبلغ قرابة 36 طن من لوازم تنقية المياه على الشعب اليمني، وذلك من أجل دعم الجهود الرامية إلى مكافحة أسوأ تفشٍ لوباء الكوليرا في العالم.
وتشمل المساعدات بحسب «يونيسف»، 750 ألف كيس من أملاح الإماهة الفموية التي تكفي لمعالجة 10 آلاف شخص، و10.5 مليون قرص لتنقية المياه، وغيرها من مستلزمات الصرف الصحي.
العسكرة فوق كل شيء
الملفت في مستجدات الوضع الصحي اليمني، هو أنه شمل جميع مناطق البلاد، سواء الواقعة تحت سيطرة جماعة «أنصار الله»، والجيش اليمني، أو القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وهو ما يؤكد مسؤولية القوى السياسية مجتمعة، عن الحالة التي وصلت إليها البلاد، نتيجة توقف المفاوضات السياسية منذ عام تقريباً، واستمرار المعارك العسكرية في مناطق ذات كثافات سكانية عالية، سواء على السواحل الغربية، أو في تعز ومحيط صنعاء، أو بالحد الأدنى قبل الشروع بالعملية التفاوضية ببنودها السياسية، الجلوس إلى طاولة مفاوضات لبحث القضايا الإنسانية المستعجلة، فيما يخص النقل بين المناطق، والمطارات إلخ..
الأمر الآخر الجدير بالذكر هو: أنّ «التحالف العربي» بقيادة السعودية ما زال يأمل بحسم المعركة عسكرياً عبر بسط السيطرة على ميناء الحديدة، أوعلى الأقل إغلاقه وتحويل ميناء المخا الواقع تحت سيطرة قوات الرئيس هادي إلى الميناء الوحيد الرئيس في البلاد، حسب ما أعلنه أحمد العسيري المتحدث باسم قوات «عاصفة الحزم» في آذار الماضي.
وتزامنت التحركات السعودية، لأجل هذا الهدف في حينها مع إنذارات مستمرة من منظمات الأمم المتحدة، حول الوضع الإنساني، فيما لو استكملت السعودية نقل مركز ثقل المعارك إلى سواحل البحر الأحمر، غرب اليمن.
النتيجة العسكرية الأولية للسيطرة على السواحل، أنتجت خسائر ثقيلة في صفوف القوات المدعومة سعودياً وإماراتياً، في محاولة الوصول إلى ميناء الحديدة، فيما عرف حينها بمعركة «الرمح الذهبي»، أي: أن أيَّ محاولة أخرى سعودية لإتمام هذا الهدف يعني التجهيز لمعركة معقدة، وطويلة الأمد في تلك المنطقة، وبالتالي إغلاق المنافذ البحرية الوحيدة لليمن، بوجه السفن الحاملة للمساعدات الإنسانية الملحة في الحالة اليمنية، نتيجة التوقف شبه الكلي للإنتاج، نتيجة امتداد المعارك على كامل مناطق البلاد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 817