قبضة الحليفين  مبسوطة في آسيا
مالك موصللي مالك موصللي

قبضة الحليفين مبسوطة في آسيا

في سياق المساهمات التي تعالج موضوع تعاطي القطب الصاعد عالمياً، وعلى رأسه روسيا والصين، بالتصعيدات الجارية في آسيا، كتب الباحث والخبير في الشؤون الأوراسية، تاياب بالوش، مقالاً بحثياً تناول فيه هذا الموضوع، مبرزاً أهم ملامح هذه العلاقات وتطورها، لا سيما مع ارتفاع النزعة العسكرية لواشنطن وحلفائها من الدول في شرق آسيا.


تشير تقارير إعلامية إلى أن الصين قد أوعزت لمواطنيها للاستعداد إلى ما يشبه ظروف حرب عالمية ثالثة. وقد اتخذت هذه الخطوة للحماية الذاتية من قبل القيادة الصينية العليا، لحماية سيادتها بعد حكم ما يسمى بـ«المحكمة الدولية في لاهاي» بشأن النزاع في بحر الصين الجنوبي. ولم ترفض الصين الحكم المتحيز للمحكمة فقط، لكنها تعهدت باتخاذ التدابير اللازمة لحماية مصالحها الإقليمية والطرق البحرية. وهكذا، عرض الرئيس الصيني، شي جين بينغ، رؤيته، كاشفاً عن طريق الحرير الصيني وتحديث مبادرة «الحزام والطريق»، الهادفة إلى ربط العالم كله بجسور برية وطرق بحرية.
لدى الصين ما يجذب الآخرين
بعد هذا الإعلان، عجّلت الولايات المتحدة من «حربها الهجينة» ضد الصين بهدف عرقلة طرق التجارة، وذلك من خلال تأجيج النزاعات الإقليمية بين الصين والدول المجاورة لها. ولهذا الغرض، تحاول الولايات المتحدة أن تصيغ بنفسها الاتفاقية الأمنية في آسيا والمحيط الهادئ مع الأنظمة الحاكمة الحالية في اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، في حين أنها منخرطة أيضاً في رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان»، ورابطة أمم جنوب آسيا «سارك».
في الواقع، تعمل واشنطن على تشكيل مشروع مماثل لـ«الناتو» في آسيا موجه ضد الصين، ولكن هذا لا يعني أن هذا العمل المناهض للصين سوف يتمتع بأي نجاح، لأنه سيجلب الدمار والحرب على العالم، بينما على الجانب الآخر، لدى الصين القدرة على تقديم تنمية جذابة جداً، وتكامل إقليمي يهدف إلى حل النزاعات الإقليمية كافة.
حل الخلافات: أداة روسية
استعادت روسيا وضعها كدولة عظمى في العالم، وهو الوضع الذي اختفى منذ تفكك الاتحاد السوفييتي. كما أن النجاحات الروسية في سورية، تثبت أن الدولة مستعدة للقتال من أجل السلام العالمي. وفي الواقع، أصبحت روسيا رمزاً للمقاومة ضد الهيمنة القطبية الأحادية، لأنها هي الدولة الوحيدة الجدية حتى الرمق الأخير في مواجهة العالم أحادي القطب، وبناء عالم متعدد الأقطاب قادر على هزيمة الولايات المتحدة و«الناتو». ولذلك، فإن الولايات المتحدة تصوّر روسيا على أنها أكبر تهديد للأمن الأوروبي، وتعمل جاهدة لتطويق روسيا بقوات «الناتو».
الآن، أصبحت روسيا واحدة من أكبر الدول التي تملك تجارة وشركاء استراتيجيين في آسيا. وفي الواقع، عملت الدبلوماسية الروسية على إشراك الدول الآسيوية في تحقيق مشروع «أوراسيا الكبرى». ومؤخراً، خلال القمة الروسية مع «آسيان» في مدينة سوتشي، أظهرت رابطة دول جنوب شرق آسيا اهتمامها بالتوقيع على اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة روسيا، في حين اقترحت روسيا أيضاً علاقات اقتصادية واستراتيجية أوثق بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي و«آسيان» ومنظمة «شنغهاي» للتعاون.
إن المشاركة الروسية واسعة النطاق مع دول آسيا تضمن لها فعلياً لعب دور «الوسيط» في حل النزاعات والخلافات الإقليمية. كما تلعب روسيا دورها المطلوب للحد من النزاع بين الصين وفيتنام، وبين الصين والهند، من خلال منصة «بريكس» ومنظمة «شنغهاي» للتعاون في حل النزاعات الحدودية. وتحت مظلة منظمة «شنغهاي» للتعاون، لدى باكستان والهند الفرصة لحل الصراعات من خلال التكامل السلمي.
وفي هذا الإطار، تقوم روسيا والصين بخلق نافذة جديدة من الفرص للعالم أجمع، من خلال إمساكها بزمام الربط بين مشروع «أوراسيا الكبرى» و«طريق الحرير الصيني» الجديد. ولذلك، فإنها تعمل على صياغة مستقبل العالم الجديد، من خلال توسيع وتعزيز المؤسسات التي تنتمي إلى العالم متعدد الأقطاب، أي «بريكس»، ومنظمة «شنغهاي» للتعاون، و«البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية»، والتي ستشكّل فعلياً بدائل لمؤسسات القطب الواحد كـ«صندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي»، وحلف «الناتو»، وبنك التنمية الآسيوي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
816