لكي يبقى السوريون واللبنانيون: شعبا واحدا في بلدين

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الكيان الصهيوني في إطار مشروعهما السياسي الاستراتيجي الذي كانوا يطلقون عليه اسم «مشروع الشرق الأوسط الكبير»وأصبحوا يسمونه «مشروع الشرق الأوسط الجديد» وخصوصاً في مرحلة ما بعد العدوان الآثم على لبنان الذي فشل فشلاً صريحاً، العودة إلى متابعة سياسة الفصل القسري، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين كل من الشعبين السوري واللبناني اللذين كانا حتى وقت قريب يوصفان بأنهما(شعب واحد في دولتين).

هذا الفصل القسري الذي وجد الأمريكان والصهاينة من يعمل على مراكمته قصداً أو جهلاً من بعض المتنفذين الانتهازيين السوريين واللبنانيين إبان تواجد القوات السورية في لبنان طوال ما يقارب الثلاثين عاماً، ووصل إلى ذروته عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، حيث قام عدد من اللبنانيين الغاضبين أو المستأجرين بالاعتداء على العمال السوريين، وأخذت بعض الصحف ووسائل الإعلام بشن هجوم عنيف على الشعب السوري، ضمن خطة مدروسة وممنهجة لخلق هوة عميقة بين الشعبين، كل ذلك يحاول الصهاينة والأمريكان المتصهينين استثماره والعمل على تذكيته لتكريسه والسير به أكثر وأكثر إلى مرحلة اللا عودة.
وتأخذ هذه المساعي الحثيثة في الوقت الراهن أشكالاً جديدة في ظاهرها، وإن كان الهدف منها ما يزال ذاته، وهو الوصول إلى حالة من العداء المزمن بين الشعبين، ملوث بالدم، تعززه وتغذيه أفكار عنصرية أو قطرية وأوهام عن تناقض المصالح والرؤى ومفاهيم التحرر بين كلا الشعبين.. وأهم أشكال هذه المساعي:

1ـالحديث عن ضرورة نشر قوات دولية على الحدود اللبنانية – السورية، وهذا المسعى له عدة أغراض فمن جهة يراد منه إيقاف كل أشكال الدعم السوري للمقاومة اللبنانية، ومن جهة أخرى سيضع سورية والكيان الصهيوني في كفة واحد بالنسبة للبنانيين باعتبار كل منهما له أطماع في هذا البلد الصغير بكل ما قد يحمله ذلك من تأثير على الثقافة الجمعية، كما أنه سيقطع لبنان عن محيطه الطبيعي، وسيشكل حصاراً حقيقياً على البلدين والشعبين معاً.
2ـالاستعداد العلني غير المسبوق المدعوم دولياً والمغطى عربياً لمهاجمة سورية، ومحاولة جعل لبنان إحدى نقاط الارتكاز لهذا العدوان المحتمل بالتعاون مع حكومته الحالية، وهو ما سيشكل فيما لو تم كما هو مخطط له ضربة قاضية للروابط التي تجمع الشعبين..
3ـالاستمرار في تعزيز ثقافة (الفرانكوفون) وثقافة (الليبرالية الجديدة) عند شريحة كبيرة من النخبة في لبنان على حساب الثقافة العربية والانتماء العربي، وهذه النخبة كما هو معروف تسيطر على معظم وسائل الإعلام ودور الثقافة ومفاصل الاقتصاد والمنابر السياسية، الأمر الذي قد يدفع نحو تغريب المجتمع وزعزعة ثقافته وخلق هاويات سحيقة بينه وبين الشعوب العربية، وبالأخص الشعب السوري..
4ـالإصرار على إيهام اللبنانيين والسوريين بأن هناك محاولة لخلق (قوس شيعي) يمتد من إيران إلى العراق، إلى سورية فلبنان، وهو ما يراد منه إغراق كلا الشعبين في التمزق الطائفي ودفعهما للدخول في معارك ثانوية داخلية وخارجية، على حساب المعركة الأساسية ضد المخططات الإمبريالية والصهيونية.

لقد سعى رئيس الوزراء اللبناني تحت ضغط الشارع اللبناني الذي بدأ يستعيد الكثير من رشاده بعد الانتصار الأخير للمقاومة، إلى التخفيف من مخاوف إمكانية نشر مراقبين دوليين على الحدود بين بلاده وسورية، حيث شدد على أن خطوة كهذه تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء، وأكد أن بلاده نشرت وحدات الجيش على حدودها مع سورية، وأنه لا نوايا عدائية لبيروت تجاه دمشق. وشدد على أن الاهتمام بمسألة الحدود مرتبط برغبة بيروت بمنع التسلل والحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله واستقراره، هذا الكلام الذي يأتي كرد على تصريحات المسؤولين الرسميين السوريين الذين اعتبروا أن نشر القوات الدولية بين البلدين يعتبر عملا عدائياً، وهددوا بإغلاق الحدود مع لبنان في حال تم نشر هذه القوات الدولية على الحدود، لا يكفي لإعادة الأمور إلى نصابها، فالمخطط خطير للغاية، ويتطلب عملاً فورياً، رسمياً وشعبياً في كلا البلدين ومن كلا الشعبين لإزالة المعيقات وترميم وتصويب العلاقة، وهذا للأسف صعب بوجود أكثرية وهمية تحكم لبنان وترتبط بمصالحها بمصالح الأمريكان والصهاينة، ولكنه ليس مستحيلاً.. فالحرب العدوانية الأخيرة أثبتت أن ما يوحد الشعبين أكثر بما لا يقاس مما قد يفرقهما..

معلومات إضافية

العدد رقم:
280