السودان من خارطة التقسيم.. إلى خطر الاحتلال المباشر!
ما يزال السودان يؤكد رفضه بإصرار لمشروع القرار البريطاني المقدم لمجلس الأمن الدولي الساعي إلى نشر قوة دولية فيه قوامها 20 ألف جندي للقضاء على ما يسمونه العنف بإقليم دارفور.
هذه التأكيدات التي نقلتها وكالة الأنباء السودانية عن أكثر من مسؤول سوداني وفي شتى السلطات تظهر رفضاً عاماً للمشروع الذي يشبه إلى حد كبير مفهوم الاحتلال بصيغته الكلاسيكية.
فرئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم غازي صلاح الدين نقل عنه قوله إن أية دولة تتبنى هذا القرار إنما تتخذه من موقف عدائي للسودان، وبالتالي فهو مرفوض وغير قابل للنقاش والتفاوض مهما كانت الضغوط.
كذلك فإن وزير الخارجية كرر هذا الموقف، وقال للصحفيين إن الخرطوم متمسكة برفضها لمشروع القرار، وهذان الموقفان سبقهما موقف الرئيس السوداني عمر البشير الذي أطلق ما رآه الغربيون صرخة تحد، حين أعلن أن السودان سيقتدي بالمقاومة في لبنان وسيقضي على كل من يفكر بأن تطأ قدماه أرضه الطاهرة..
وتقترح لندن في مشروعها المقدم إلى مجلس الأمن إرسال 17 ألف جندي وثلاثة آلاف شرطي لدارفور، وهي تتطلع إلى الموافقة على القرار نهاية الشهر الجاري آب 2006 بدعم من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت قوات تابعة للاتحاد الأفريقي قوامها 7000عسكري قد أعلنت عن فشلها في وقف العنف بدارفور، وهي تكافح وفق تصريحات قادتها من أجل تدبير أموال كافية لدفع رواتب جنودها المنتشرين في الإقليم
وبينما عبر الاتحاد الأفريقي عن تأييده لتسلم الأمم المتحدة المهمة بدلا منه، يؤكد جميع الخبراء العسكريون والإستراتيجيون المتابعون للشأن السوداني أن المنظمة الأفريقية فعلت ذلك تحت ضغوط من الدول الغربية التي ترفض تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي بدارفور، وتضع مجموعة من العراقيل في وجه نجاحها.
وفيما يؤيد كثير من أحزاب المعارضة السودانية نشر قوة أممية بدارفور، ومنها قوى الجنوب وعلى رأسهم نائب الرئيس، بذريعة أن هذا ما يطلبه ذوو وأقارب ضحايا الحرب من المنظمة الدولية، فإن عامة الشعب السوداني يرفضون بشدة أي تدخل أجنبي في شؤون البلاد، وقد بدأت الشوارع السودانية تشهد حراكاً شعبياً متزايداً وبمعنويات مرتفعة جداً لمناهضة الحملة الدعائية الغربية التي تصور الشعب السوداني راغباً ومرحباً بالقوات الدولية..
وكمحاولة للخروج (سلمياً) من الطريق الذي يحاول الغرب إبقاءه مسدوداً، قدمت الخرطوم خطة لمجلس الأمن أوائل أغسطس/ آب الجاري تعرض فيها إرسال عشرة آلاف جندي من القوات الحكومية لضمان الأمن بدارفور، لكن بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءهما في حلف الأطلسي يرفضون الفكرة ويصرون على الموقف التدخلي الذي يخفي وراءه الكثير من الأطماع، خاصة وأن السودان يعد بالنسبة للأمريكيين ولحلفائهم الصهاينة تحديداً جزءاً هاماً من مخطط الشرق الأوسط الجديد يجب إعادة تشكيله، وقد بدأ المخطط ينتقل إلى حيز التنفيذ فعلياً منذ عقد من السنين، وبدأ يلوح في الأفق خطر جدي يتهدد وحدة السودان مع الاعتراف الدولي بالانفصاليين في الجنوب ودعمهم وتشجيعهم للحصول على الاستقلال النهائي في السنوات القليلة القادمة، وجاءت أزمة (دارفور) المفتعلة غربياً وصهيونياً لتزيد المحنة أكثر، ولتؤكد أن الإمبريالية العالمية لن تتوقف أبداً عن محاولة تقسيم السودان الذي يعد من أغنى دول العالم بالثروات الاقتصادية والإستراتيجية، وعلى رأسها المعادن والمياه العذبة..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 280