«ميثاق الشرف» العراقي.. هل يوقف سفك دماء العراقيين؟

اتجهت الأنظار السياسية والإعلامية إلى مؤتمر «المصالحة الوطنية» الذي عقد في العاصمة العراقية بغداد يوم السبت 26/8/2006 بمبادرة من رئيس الحكومة العراقية والمكونة من 24 بنداً تهدف كما وصفها المبادر إلى إنهاء التوتر المذهبي والقومي المستعر.

المؤتمر المذكور بدأ بتنفيذ ما قررته اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وهو تشكيل ست لجان تضم كل منها عدداً من شيوخ العشائر (من دون تحديد عدد الأعضاء) لاستطلاع آراء المؤتمرين في قضايا وزعت على ستة محاور.
وبعد نقاشات ومداولات للبنود المعروضة وقع نحو 600 من شيوخ العشائر العراقية «ميثاق شرف»، تعهدوا فيه «أمام الله والشعب العراقي» أن يكونوا جديين وصادقين في «حفظ وحدة بلدنا»، «والعمل جاهدين لوقف نزيف الدماء وأعمال القتل المذهبية التي لا تمت بصلة إلى قيمنا».
وألقى المالكي رئيس الوزراء العراقي في المؤتمر كلمة قال فيها: إن «تحرير الوطن من أي نفوذ أجنبي لا يمكن أن يكون من دون وحدة إجماع وطني»، مشدداً على «دور العشائر في هذه المرحلة» لأنها تمثل النسيج الوطني لأبناء العراق. «فليس غريباً أن تجد من عشيرة واحدة من هم من الشيعة أو من السنة وهم أخوة».
وجاء في «ميثاق الشرف» الصادر عن المؤتمر «نحن في هذا اليوم المبارك واستناداً إلى مبادرة المصالحة ولإدراكنا خطورة المرحلة التي يمر بها بلدنا نتعاهد أمام الله والشعب العراقي وأنفسنا مؤمنين ومخلصين وجادين في الحفاظ على وطننا وإيقاف نزيف الشعب العراقي وإيقاف التهجير والتكفير الذي ليس من شيم شعبنا».
وكان رئيس الوزراء العراقي أعلن في 25 حزيران (يونيو) الماضي مبادرة للحوار الوطني والمصالحة تتضمن عفواً عن ما أسماهم مرتكبي جرائم «إرهابية» وإعادة النظر في «هيئة اجتثات البعث» وحل الميليشيات الحزبية.
لكن اللافت أنه قبل وأثناء وبعيد المؤتمر ظلت أعمال العنف المذهبي والعرقي التي تغذيها قوات الاحتلال وبعض رجالات الحكومة والزعامات الطائفية والعشائرية سراً على أشدها، بل وأخذت بالتصاعد أكثر وأكثر حاصدة عشرات القتلى والجرحى يومياً في مختلف المناطق العراقية..
والسؤال: إذا كانت جميع الزعامات العرقية والطائفية والعشائرية مقتنعة بوجوب توقف شلال الدم العراقي النازف، فمن المسؤول إذن كل هذه الجرائم التي لم تتوقف أبداً منذ بدء الاحتلال..
في موازاة ذلك، جدد رئيس «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» عبد العزيز الحكيم دعوته إلى تأسيس فيديرالية شيعية في جنوب العراق تُشكل «ضمانة لأولادنا وأحفادنا وحتى لا تعود المظلومية». وحض، في بيان صدر عن المكتب الإعلامي للمجلس، أنصاره على «توعية الناس وإقناعهم بالفيديرالية لأن فيها محاسن لهم». وكان زعيم «المجلس الأعلى» حض مراراً على إقامة فيديرالية الجنوب، وأدت دعواته إلى صدمة في الأوساط السياسية العراقية الذين اعتبروها مقدمة لتقسيم العراق.
من جهة أخرى تشهد الساحة السياسية الأميركية نقاشاً واسعاً لإيجاد استراتيجية بديلة لخروج قوات الاحتلال الأميركية من العراق بعدما وصلت السياسات السابقة إلى «حائط مسدود». وتراوح الطروحات الحالية بين تقسيم هذا البلد إلى ثلاث مناطق (سنية وشيعية وكردية)، وانسحاب متدرج للقوات المحتلة، أو تعزيز انتشارها مؤقتاً أو الضغط على ما يعتبرونه دولاً مجاورة تغذي العنف، ويعنون سورية وإيران، لوقف القتال بين العراقيين..
وقال الخبير في مجلس العلاقات الخارجية ماكس بوت لصحيفة «لوس انجليس تايمز» إن «الاستراتيجية الحالية لا تعمل»، واقترح تعزيزاً ملموساً لـ(لوجود) العسكري الأميركي.
واقترح كل من رئيس مجلس العلاقات الخارجية ليزلي غيلب والسناتور الديموقراطي جون بيدن إنشاء نظام فيديرالي عبر «منح كل من الأكراد والشيعة والسنّة منطقتهم»، أي صيغة تشبه التقسيم، لوضع حد للتناحر المذهبي. وقال بيدن إن «الحكومة المركزية تقوم بتولي الأمور ذات الاهتمام المشترك، كأمن الحدود وتوزيع عائدات النفط».
وهكذا فإن المؤامرة الأمريكية على العراق ماتزال مدفوعة بجنون الصقور، تسعى إلى ضرب وحدة العراق والعراقببن، وتبذل في سبيل ذلك جزءاً كبيراً مما تنهبه من الثروة العراقية.. فإلى متى؟؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
280