المرحلة التالية لسلسلة (الحروب المجنونة) ضرب المفاعل النووي في إيران!
تخبرنا مجلة النيوزويك الأمريكية في تقرير لها خصص لمراسلها ريتشارد وولف الذي رافق الرئيس بوش، وغطى مؤتمر القمة لقادة مجموعة الثمانية الذي عقد في سانت بيتربورغ في روسيا بأن القمة "التي كان من المفروض أن تتمركز في موضوعي البرنامج النووي الإيراني والديمقراطية في روسيا قد أُختطفت لصالح موضوع (الحرب على الإرهاب). بمعنى أن إيران وحزب الله جعلا من هؤلاء القادة محطاً للسخرية أمام العالم بعد فرضهما الأجندة التي يتوجب على هؤلاء القادة بحثها واتخاذ القرارات تجاهها وهي: السلوك (الإسرائيلي) في الشرق الأوسط.
ومما يثير الاستغراب بأن المراسل يذكر بأن الرئيس بوش عندما كان يريد أن يدلي بتصريح بشأن الحرب بين حزب الله و(إسرائيل) واجه مستشاروه صعوبة في تلقينه الـ190 كلمة التي عليه تصريحها، والتي تحتوي على جميع جوانب الصراع كما صرح أحد مستشاريه (دان بارتليت)..
السؤال الذي يسأل في هذا المضمار: هل ستعاقب أمريكا إيران على هذا الاختطاف بأن يقوم سلاح الجو الإسرائيلي بشن غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية؟؟
يقال في الغرب: إن الحرب الإسرائيلية مع حزب الله ابتدأها حزب الله بالتنسيق مع إيران لتحجيم وتقزيم قدرة المبادرة الإسرائيلية الصهيونية في إملاء المواضيع التي على العالم مناقشتها، وإظهار إسرائيل للعالم وكأنها متعطشة للدمار والقتل لهدف الدمار والقتل، ومهما يكن من أمر ذلك، فهذا ما نلحظه في الجرائم التي تقترفها إسرائيل يوميا بحق أبناء الشعبين اللبناني والفلسطيني.
إن رد الفعل الإسرائيلي تجاه اختطاف 3 من جنوده بهذا الشكل غير المتناسق كما يصفه الغرب، هو الذي يجعل إيران تخرج منتصرة في هذه الجولة من الحرب مع إسرائيل. فبدلا من أن تتمكن إسرائيل من الضغط على قادة مجموعة الثمانية لاتخاذ قرار ضدها، أشارت إيران للصهاينة بأنها قادرة على السيطرة على الموقف بعد أن أجبرتهم على توظيف كل جبروت إسرائيل والحركة الصهيونية لحل مشكلة ثلاثة جنود مخطوفين.
كان من الممكن لإسرائيل, لو كان قادتها طبيعيين, أن تساهم في تفكيك حزب الله وقدراته العسكرية من دون عنف ومن دون عمليات عسكرية، فيما لو عملت مسبقا على تحرير الأسرى اللبنانيين لديها، وترك مزارع شبعا لسورية أو للبنان, فعلى كلتا الحالتين هي أراض محتلة, وبذلك تبطل ضرورة ومصداقية استمرار عسكرة حزب الله. فعلى المدى البعيد يتوق أهل لبنان وأولهم (الشيعة) إلى أن يعيشوا حياتهم بسلام فلو توفرت هذه الظروف فان التطور الطبيعي كان سيضمن أمن إسرائيل على الحدود الشمالية.
لنتصور الوضع التالي: بعد خروج إسرائيل من لبنان سنة 2000 تقوم بتسليم كل الأسرى اللبنانيين ومزارع شبعا.
هل كان هذا سيؤدي لوضع صحي بين لبنان وإسرائيل إلى ذالك الحد الذي كان سيؤدي إلى تحويل حزب الله إلى حزب سياسي دون قدرة عسكرية تتحدى إسرائيل. والنتيجة ستكون بأن هذه الحرب المجنونة لم يكن ليوجد لها أي سبب للاندلاع.
لكن العقلية الإسرائيلية "المجنونة" كما يحلو لكثير من المفكرين والقادة الإسرائيليين أن يصفوا أنفسهم, تصر على أنه لا بد من استعمال العنف ضد العرب كمخرج لازمتها الأبدية في مشروعها الصهيوني الفاشل. فعن طريق استعمال العنف وجو الحرب توحد (اليهود) وبواسطته ترمم قوة الردع العسكرية في مخيلة العرب.
ففيما إذا كانت تُرسم المعادلة بهذا الشكل، فعلى إسرائيل أن ترمم قدرة الردع التخطيطية لديها وهيبتها الدولية (لدى الغرب)، ولهذا علينا أن نتوقع بأن هذا الترميم سيأتي عن طريق عملية كبيرة تخاطب عقول متخذي القرار في إيران والتي ستكون بحجم تدمير المفاعل النووي العراقي قبل أكثر من 20 سنة.
هل ستسمح أمريكا لهذا الوضع - السيناريو أن يأخذ مجراه على خلفية وجود جنودها في العراق.
لنفهم ذلك علينا أن نقرأ ما يكتبه الكاتب الإسرائيلي "عاموس عوز" في كتابه الجديد"على منحدرات البركان" حول العقلية والنفسية والشخصية الإسرائيلية:
أحفاد ضحايا المحرقة في معظم الأحيان, هم مرضى في النفس.. أولئك الذين قُتل آباؤهم في أوروبا أو ألزموا للهرب مذهولين منها، يحملون في عقولهم تشويهات آثار القتل، وعليهم أن يعالجوا نتائجه ونتائج نتائجه". وفي وصفه لما يحدد علاقة الإسرائيلي بشأن السلام يذكر بأن من حرر اليهود من النازيين هو بنادق الجنود، وليس غناء "مارسوا الحب وليس الحرب".
يمكن أن نفهم أصول منابع الدمار الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي تجاه الشعبين الفلسطيني واللبناني فقط إذابحثنا عن مقياس المقارنة في العقل الإسرائيلي - والذي عبر عنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس حين قال: مقابل كل صاروخ لبناني سندمر 10 مبان – نجده في غياهب النفس الإسرائيلية التي قرأناها أعلاه من كتابات عاموس عوز.
رد الفعل الإسرائيلي على عمل كاختطاف جندي لإسرائيل لا يمكن أن يقاس بالمقياس الاعتيادي، فإسرائيل يوميا تختطف فلسطينيين, بل يقاس على ما تمليه هذه النفس المريضة كما وصفها عاموس عوز. فالمحرقة المزعومة هي التي تحدد رد الفعل، وعليه يدفع العرب ثمن ما يقال أن أوروبا سببته للإسرائيليين من جنون.
هذه الحقيقة يجب أن تُكشف في الخطاب السياسي اللبناني والفلسطيني في مواجهة العالم وإسرائيل, وهي ما يمكن أن تكون إحدى الوسائل الكفيلة بأن تلجم إسرائيل عن جنونها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 281